من يهدِ الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً
محمود المغربي
الذي تاه وضيع البوصلة ولم يكن قادراً على معرفة الطريق الصحيح والتمييز بين الحق والباطل طوال السنوات الماضية مع أن الطريق كانت واضحة مثل الشمس، نقول له هل لا تزال تائهاً وعاجزاً عن التفريق بين الحق والباطل، بالرغم من ظهور كُـلّ هذه الحقائق وقد أصبح الصراع عالمياً، ولم يعد في ساحة المعركة إلا فريقَينِ: أحدهما يمثل الشر والانحراف والاستبداد والهيمنة على الشعوب والدول بقيادة أمريكا وأعداء الله اليهود ومن سار على دربهم، وفريقٌ يمثل المستضعَفين وكلّ من يرفض الشر والانحراف والاستبداد والهيمنة!!
وقد أصبح الصراع صراع حق وباطل، خير وشر، طرف يحتل فلسطين والمقدسات الإسلامية ويقتل النساء والأطفال، وطرف يسعى إلى استعادة فلسطين قضية الأُمَّــة المركزية ومحور الصراع الأبدي، وما تحدث عنه القرآن الكريم في أغلب صوره، ولم تعد المسألة مسألة شرعية وانقلاب يمكن التدليس والكذب فيها وتزوير الحقائق وخلق أكاذيب سب الصحابة أَو منع صلاة التراويح، بل هي المعركة الفاصلة التي ينتظرها الجميع وهي الكاشفة والفالقة بين أولياء الله وأولياء الشيطان، وفيها سوف يميز الله بين الطيب والخبيث من الناس، وفيها سوف تسقط الأقنعة وكلّ الشعارات الزائفة.
فمن كان لا يزال غير قادر على الرؤية وإدراك أين يقف وأين يضع قدمه وفي أي صف يكون بعد كُـلّ هذه الحقائق فهو أكيد أعمى البصر والبصيرة أَو منافق يتذرع بالجهل، وربما قد اقترف ذنباً كبيراً جعل الله يسخط عليه ويكتب له الضلال فلا يهتدي إلى الحق ولو كان أقرب إليه من أنفه، وفي هذه الحالة ليس بوسع أحد تقديم المساعدة لهذه العينة من البشر، فالأمر خارج عن إمْكَانات صناع الوعي أَو غيرهم، ويستحيل تغيير قناعات هؤلاء وينطبق عليهم ما ينطبق على اليهود والنصارى في قوله سبحانه وتعالى: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ).
وحتى نكون أمثالهم بلا عزة ولا كرامة وحتى نكون معهم في نفس الطريق وحتى نسقط كما سقطوا، وأن نترك طريق الحق ونصرة الحق وأن نترك التسبيح لله ونسبح بحمد أمريكا وتل أبيب، ونخلع عن أنفسنا ثياب التقوى والعفة والإيمان والنخوة والغيرة، وأن نسبح في بحر التحضر على الطريقة الأمريكية، وأن نجعل للشواذ حقوقاً ونرفضَ حقَّ كُـلّ من أراد العفة والطهارة، وأن نسمي العدوان على اليمن وقصفها بالطائرات والصواريخ والقنابل وتدمير المدارس والجامعات والمستشفيات وقتل النساء والأطفال وتمزيق وتفتيت اليمن “تحرير واستعادة الدولة والشرعية”، وأن نطلق على الثورة الخارجة عن رغبة وسيطرة أمريكا ورفض الظلم والفساد والاستبداد والوصاية الخارجية “انقلاب”، وأن نسمي الاحتلال وما يقوم به العدوّ الصهيوني من قتل للنساء والأطفال وإبادة أبناء غزة بـ”الدفاع عن النفس”، وأن نطلق على حماس وفصائل المقاومة التي تدافع عن نفسها وترفض احتلال واغتصاب بلادها وقتل شعبها “إرهاب”، وأن نعتبر إمدَاد الكيان الصهيوني الغاصب للأراضي الفلسطينية والمقدسات الإسلامية بكافة وأحدث الأسلحة لقتل أبناء غزة عملاً مشروعاً وإدخَال الماء والطعام إلى غزة المحاصرة بالعمل غير المشروع وبدعم الإرهاب.
هذه هي معايير أمريكا والغرب المتحضر، وهذه هي الإنسانية المزعومة للعالم الحر، الذي جعل الجزار ضحية والضحية جزاراً.