الأحزابُ والمكوِّناتُ السياسيةُ المناهضة للعدوان تؤكّـد ثباتَ الموقف اليمني تجاه فلسطين
المسيرة: صنعاء:
ناقشت الأحزابُ والمكوناتُ السياسية اليمنية وكوكبةٌ من الباحثين وقادة الرأي، أمس الاثنين، في العاصمة صنعاء، الارتداداتِ التي أحدثتها عملية “طُـوفان الأقصى”، والواجباتِ المُلْقَاةَ على عاتق الأُمَّــة للقيام بها.
وفي ندوة سياسية فكرية بعنوان “طُـوفان الأقصى.. شهادة مِن أجل الحياة”، نظمها المكتب السياسي لأنصار الله وتحالف الأحزاب والقوى السياسية المناهضة للعدوان، بحضور عدد من قيادات الدولة، وممثلي حركات حماس باليمن معاذ أبو شمالة، والجهاد الإسلامي في صنعاء أحمد بركة، والجبهة الديمقراطية خالد خليفة، أكّـد عضو سياسي أنصار الله محمد شوكة، أن فلسطين ليست وحدها ولن تكون إلا في المحيط الجغرافي الذي يليق بها كدولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشريف.
وأشَارَ إلى أهميّة الندوة لاستذكار تضحيات الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة التي نفذت عملية “طُـوفان الأقصى”، للتنكيل بالعدوّ الصهيوني الغاصب، مثمناً القرار الشجاع الذي اتخذه قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، لنصرة الشعب والقضية الفلسطينية.
وقال: “إن اتِّخاذ القرار الوطني والصادق والشجاع في دخول اليمن مباشرةً في معركة مع العدوّ الصهيوني، يجعل من الأعداء يتكالبون على اليمن ويستغلونها لدفع الثمن، من خلال افتعال المشاكل والأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكن هيهات لهم ذلك”، مُضيفاً أن “الشعب اليمني الذي صمد وثبت ما يقارب من تسع سنوات، سيظل متماسكاً ولن يخضعَ لقوى الهيمنة والاستكبار العالمي”.
وقدّم شوكة لمحةً عن القضية الفلسطينية والمؤامرات التي يُحيكها الأعداء وقوى الهيمنة والاستكبار بحق الشعب الفلسطيني ومقاومته البطلة، في محاولةٍ لتصفية القضية والسعي لطمس هُــوِيَّة الشعب الفلسطيني، بدعم أمريكي بريطاني غربي وأنظمة الخيانة والعمالة.
ولفت إلى التضحياتِ التي يقدّمها الشعبُ اليمني؛ مِن أجل القضية الفلسطينية؛ انطلاقاً من القيم والمبادئ الثابتة والراسخة التي يحملها أهل اليمن تجاه فلسطين ولا يمكن التنازل عنها مهما كلفهم من ثمن، مجدّدًا التأكيد على وقوف الشعب اليمني إلى جانب فلسطين وتقديم الغالي والرخيص؛ مِن أجل القضية الفلسطينية التي ستبقى القضية الأولى والمركزية بالنسبة لليمنيين.
وفي الندوة التي أدارها رئيس تحالف الأحزاب السياسية المناهضة للعدوان، المهندس لطف الجرموزي، قُدمت ثلاث أوراق عمل، تناولت الورقة الأولى المقدمة من نائب رئيس تحالف الأحزاب المناهضة للعدوان، القائم بأعمال رئيس حزب السلم والتنمية، محمد الشرفي، محطات من الذكرى السنوية للشهيد، مُشيراً إلى أن الذكرى السنوية للشهيد تأتي هذا العام في ظل متغيرات ومساعٍ تصاعدية لصالح المظلومين والمستضعفين في اليمن ودول المنطقة كما هو حاصل حَـاليًّا في فلسطينَ؛ إذ يقّدم ذلك شاهداً واضحًا على قيمة وأثر وعطاء الشهادة وتضحيات الشهداء.
واستعرض الشرفي، مفهوم الشهادة وحتمية الصراع بين الحق والباطل وضرورة الإعداد والتحَرّك لنيل الشهادة في سبيل الله، لافتاً إلى أبرز ما تحقّق بفضل تضحيات الشهداء على مستوى اليمن والعالم العربي والإسلامي بتحرير القرار السياسي اليمني من الهيمنة الإقليمية والأمريكية وتحصين الجبهة الداخلية وبناء قدرات دفاعية عسكرية وإفشال مشاريع الهيمنة والتطبيع في المنطقة وإعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة وإفشال تصفيتها.
بدوره عرض رئيس الدائرة السياسية لحزب العدالة والتنمية، الدكتور فرحان هاشم، ورقة العمل الثانية بعنوان “معركة “طُـوفان الأقصى”.. الأسباب والتداعيات”.
وتناول الأسباب والسياقات قبل معركة “طُـوفان الأقصى” المتمثلة في الخِذلان العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية، واستمرار إحكام الحصار على غزة وتصاعد انتهاكات العدوّ اليومية على المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية واقتحاماته للمدن والبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية وشن حملات اعتقالات وهدم البيوت ومصادرة الأراضي وتوسيع الاستيطان.
وعرّج الدكتور هاشم على النتائج والتداعيات التي لحقت بالعدوّ الصهيوني بعد معركة “طُـوفان الأقصى”، من خسائرَ عسكرية واقتصادية غير مسبوقة للكيان الغاصب، مؤكّـداً إسقاطَ أُسطورة التفوق الأمني والعسكري للعدو الصهيوني وتعرضه للهجوم لأول مرة من الداخل الفلسطيني ونجاح العملية بإلحاق الهزيمة بالكيان الغاصب وقتل قرابة ألفي صهيوني وتدمير مدرعات وآليات وناقلات جنود صهاينة.
في حين قدّم نائب رئيس تحالف الأحزاب المناهضة للعدوان، سُفيان العماري، وأمين عام حزب الوفاق الوطني، عبدالوارث صلاح، ورقة العمل الثالثة بعنوان “رؤية تحليلية لمنطلقات وأسس موقف اليمن.. انطلاقة جديدة لثورة 21 سبتمبر المتجددة”.
وأكّـدا أن موقف اليمن المبدئي والثابت من العدوان الأمريكي الصهيوني على غزة والشعب الفلسطيني، لم يأتِ من فراغ أَو من منطلقات سياسية بحتة أَو نتيجة تعاطف لحظي أَو مشاعر إنسانية وإنما متجذر ومتأصل في ذهنية القيادة والشعب اليمني يدفعها الواجب الشرعي والإنساني والأخلاقي والقومي والديني.
وأفَاد العماري وصلاح، بأن ثورة الـ21 من سبتمبر انطلقت من أُسُسٍ متينة في مقدمتها التحول الفكري والوجداني الذي أفرزته هذه الثورة وولدت قناعات ورؤى جديدة على المستويين النخبوي والشعبي ووفق أسس دينية قرآنية خالصة ومتينة كرست الهُــوِيَّة الإيمانية للشعب اليمني فكراً وممارسةً.
واعتبرا المعطياتِ المترتبةَ على المعركة مع قوى العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي منذ تسع سنوات، أكسبت المجتمع اليمني خبرةً ورباطةَ جأش وقُدرةً على مواجهة الاستهداف العسكري والسياسي والاقتصادي والفكري وإفشال محاولات تفكيك الجبهة الداخلية.
كما أكّـد نائب رئيس تحالف الأحزاب المناهِضة للعدوان العماري، وأمين عام حزب الوفاق الوطني صلاح، أن معركة “طُـوفان الأقصى” وتداعيات العدوان على غزة والشعب الفلسطيني وما ترتب عليها من جرائم ومذابح وتنكيل وتهجير قسري وإبادة جماعية، جاءت ضمن مشروع نكبة جديدة للفلسطينيين وكان الشعبُ اليمني بكل ما تراكم لديه من دوافعَ جاهزاً للانخراط في معركة مشرفة لإسقاط مؤامرة قوى الهيمنة والاستكبار على عدة مسارات.
وأوضحا أن اليمن عمل مع دول محور المقاومة على المستويين الشعبي والسياسي على توعية شعوب المنطقة والعالم بأهميّة سلاح المقاطعة المؤثر والمهم للبضائع والمنتجات الأمريكية الصهيونية الغربية والشركات الداعمة للكيان؛ باعتبارها وسائل ضغط على الحكومات واللوبيات الاقتصادية لوقف دعم أنشطة العدوّ الاستيطانية والعسكرية.
أثريت الندوة بمداخلات من قبل ممثلي الأحزاب والقوى السياسية وشخصيات سياسية وأكاديمية وعسكرية، أكّـدت في مجملها على الموقف المبدئي والثابت للشعب اليمني المناصر والداعم للشعب والقضية الفلسطينية والمقاومة الباسلة في مواجهة الكيان الصهيوني.
واعتبروا عملية “طُـوفان الأقصى”، ملحمة بطولية فريدة في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني، جسَّدت شعارات محور المقاومة وطبَّقَت مفهوم وحدة ساحة المقاومة من فلسطين إلى لبنان وسوريا والعراق واليمن وإيران.