وجاءت من أقصى الجزيرة العربية صواريخ ومسيرات تسعى
الاعتزاز خالد الحاشدي
في حين أغلق العالم العربي أعينه وأصم أذنيه عما يرتكبه كيان اليهود الصهيوني الإسرائيلي بحق أبناء غزة من جرائم إبادة، فتحت اليمن أعينها مركزةً على غزة وأهلها.
نظرت لها من باب الحمية والغيرة، والمسؤولية والواجب الديني والوطني والأخلاقي، فهبت لنجدتها، وكانت لها نعم العون والسند، بينما تخلت عنها كُـلّ شعوب العالم العربي والإسلامي، المتلبسة باسم العروبة والإسلام.
بل وبكل حقارة وجرأة دون حياء تُعلن أنها تقف بجانب إسرائيل وتحلل لها إبادة أهل غزة، وذلك باسم الدفاع عن أنفسهم قبحهم الله، والذنب ليس ذنب الشعوب، بل ذنب حُكامها أحذية إسرائيل وعملائها في الوطن العربي، ولكن لا بأس بذلك فلكل ظالم نهاية، وسيأتي يوم وتستكفي منهم إسرائيل وتستغني عنهم وتبيدهم بأيديها.
وهنا جعل الله أرضاً في جنوب شبه الجزيرة العربية تلوذ لها وتستعين بها دولة مظلومة مكلومة ثكلى تبكي دماً؛ لأَنَّ شقيقاتها القريبات لها من دول الشام تركتها تعاني جور الظلم والطغيان من الاحتلال الإسرائيلي، ولم تتعاون معها أَو ترسل لها حتى شربة ماء أَو كسرة خبز.
هنا عبرت جارتها البعيدة عن موقفها بطريقتها الخَاصَّة تجاه ما يحدث لفلسطين من جرائم مروعة من قبل المحتلّ الإسرائيلي، وكانت هي أول دولة في تاريخ العرب تقف في وجه إسرائيل وترسل صواريخها بالقصف على الأراضي الفلسطينية المحتلّة وتجرع إسرائيل من ويلات الدماء الفلسطينية.
لنلاحظ المسافة الجغرافية البعيدة بين اليمن وفلسطين، أين هي اليمن، وأين هي فلسطين؟
تبعد بينهما مسافة ما تقارب الألفي كيلو متر، فما الذي دعا اليمن لتخوض غمار الحرب مع دولة قوية كإسرائيل وتغلق باب المندب وتساهم بعملياتها العديدة، وآخرها ما قامت به قوات البحرية باحتجاز السفينة الإسرائيلية، فما الذي جعلها تكلف نفسها ثمناً باهضاً في هذه الحرب؟!
هنا الجواب باختصار، فكما قال الله في كتابه الحكيم: (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى)، ونحن نقول: (وجاءت من أقصى الجزيرة العربية صواريخٌ ومسيّرات)، تشابه كبير في ذلك العصر وكذا عصرنا الحالي، فكما هب رجلٌ من أقصى المدينة يسعى ليقف بجانب الأنبياء ويبلغ أُولئك القوم أن يتبعوا الأنبياء، هنا أَيْـضاً هبت صواريخٌ ومسيّرات يمنية لتعلن وقوفها بجانب أبناء غزة وتجعل العالم يعلم أن اليمن ليست مقيدة بالمسافة الجغرافية، وأن دماء أبناءها وأبناء فلسطين واحدة، وسيكون المصير واحد.
ومما جعل اليمن تصل إلى مرحلة القوة والتحدي هو فضل الله أولاً ووجود قيادة عظيمة شامخة ممثلة بالسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، أدامه الله ذخراً وفخراً للأُمَّـة.