استراتيجيةٌ غيّرت مُعادلات المنطقة

 

الشَّموس العماد

على مدى زمنٍ كَثُرَ فيه الجلوس على طاولاتٍ سيكوباتية بامتيَاز، ولا مدى لمعرفةِ ما إن ستُقلب الطاولة أَو تستمر في عنجهيتها بِلطفٍ هشٍّ تتوارى خلفهُ أواصرُ العِداء؛ لكنّ غزة أعطت فرصة مُتسعة لِيُعلمَ فيها العدوّ والصديق، والصالِح والمُنافق، والشُجاع والجبان، وفعلاً بات جليًّا كُـلّ ما يمكننا رؤيتهُ، وسماعهُ، واستكشافه، والليل مهما طال به الظلام لا بُـدَّ أن يأتي الصباح، وجاء نصرُ الله والفتح وجاء أهل اليمن.

إن المجد ذُخرٌ يزخرُ به حاملوه ولا يشرقُ إلا بأفعال ومضامينٍ حقّة بالغة الحريّة والشجاعة، كالاستيلاء على سفينة إسرائيلية جنوب البحر الأحمر انتصاراً لغزةِ التفجُّع والتوجُّع، اعتماداً ومضموناً لقولِ اللّٰه عزّ وجلّ: “وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ”، لقد فعلها اليمنيون كسابقةٍ لم يجرؤ على فِعلها أحد، تغيّر مسار المعركة، وانقلبت موازين الحرب، وحلّ السخط، وأُعيدت لعنةُ التاريخ إلى من يستحقُها -بني صهيون-، ليس هذا وحسب وإنما عاد اتّجاه المعادلات للطرفِ الصحيح، وانتصرت العروبة، وفُتحت أبواب الفرج على غزة، نالوا هُدنة، والتقوا أسراهم، وتسلل النور إلى أراضٍ مندوبة بالثكالى، إنّه الساعدُ اليمني، ومروءة الأصل، وكرامة الانتماء، وبلدةٌ طيّبة وربٌّ غفور.

لقد اهتزّ العدوّ وقصمت ظهرَهُ الضربة، حتى إنه أصبح يخشى أن يمدّ قدميهِ إلى الأرض كي لا تبتلعُها؛ لأَنَّ ما حولهُ بات مدُيناً له بإرادَة ساخطة في الغضب.

تهديدٌ ووعيد، وتحذيرٌ وإنذار، صدقٌ وشجاعة تحت عنوان “جنباً إلى جنب وكتفًا بِكتف”، في حين كانت عناوين العروبة تُلطخ بالغدرِ، والخيانة، والتطبيع، والإجرام دون أي سأم، دون أن تعتريهم أسخوطات الضمير، ودون أن تُرشدهم مبادئ الدين، لا عجب! فاليهود يعرفون حالنا الذي وصلنا إليه اليوم منذُ الأزل، حينما سُئل هتلر وقِيل له: “لقد أتى وقت العرب ماذا ستفعل بهم، قال دعوهم غداً سيفعلون ببعضهم”، لذا كان من السهل دائماً أن تُغزى العروبة، وتُحتل البلدان العربية، وتُسفك دماء أهلها، وترتكنُ حياة الطِفل العربي على أملٍ يتيمٍ من كُـلّ شيء، ويتحالفون ضدّ بعضهم، ويقتلون العربي ويحتضنون اليهودي، لذا سيأتي يوم لن ينقذكم من اللّٰه شديد العقاب أي شيء، وصرخات ضمائركم -إن كانت لكم ضمائر- لن تُسكتُها أعظم قوّة، وخسارتِكم لأنفسكم قبل أي شيء، وبيِعكُم الكرامة دون أن تتحسبوا قيمة الثمن، تباً!

استراتيجيتُنا انطلقت من مبادئ رفيعة، وقِيم عظيمة، وشجاعة معهودة، واعتزاز ذو ذوقٍ رفيع ناحية الدين للانتماء، أنتِ ستبقين دائماً القضية، والهُــوِيَّة، والوجهة، والهدف، وستلتقي شجرة البُّن مع شجرةِ الزيتون في انتصارٍ جديدٍ آخر، وربُما بسمكةٍ جديدة تصطاد دونما رِقّة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com