الإسلامُ كُلُّه يظهرُ أمامَ الكفرَ كُلَّه

 

بشرى خالد الصارم

على ضوء بيانات المقاومة الفلسطينية وحركات الجهاد الإسلامي التي تحييّ الشعب اليمني على مواقفه الناصرة للقضية الأَسَاسية فلسطين ونصرةً لمظلومية الشعب الفلسطيني وأهل غزة.

فقد وجّه إسماعيل هنية في خطابه الأخير شُكره للشعب اليمني، حيثُ إن اليمنيين عبَّروا عن تضامنهم مع غزة وفلسطين بطريقتهم الخَاصَّة، كما أشاد النخالة أن اليمن سجل حضوراً مميزاً بمشاركته الفعّالة في الدفاع عن فلسطين، كما أوضح أبو عبيدة في بيانه الأخير أن اليمنيين نهضوا وكسروا قيود الجغرافيا ونصروا غزة بكل عنفوان.

وبهذه التحايا زاد عنفوان الشعب اليمني وزاد فخره وانتمائه، وبهذه أُسكتت الأفواه التي كانت تشكك من عمليات القوات المسلحة اليمنية في العمق الكيان، وأظهرت حقيقة تلك الضربات الموجعة لهم.

وفي الجانب الآخر، منهم من اغتاظ من هذه التحايا وضاق الكون بوسعه عليه وزاد حقداً ونفورًا تجاه القضية الفلسطينية وسَقط قناعه وظهر نفاقه، ووضح ولائه للمنافقين ولليهود وللإسرائيليين.

ومن هذه المقارنة برز الإسلام كله أمام الكفر كله، مُضيّاً إلى النصر العظيم الذي حقّقته المقاومة في فلسطين وحركات الجهاد وأنها فعلاً استطاعت أن تفرض شروطها على الكيان الصهيوني الذي مُنيَ بالهزيمة منذ الساعات الأولى لعملية “طُـوفان الأقصى” في 7 من أُكتوبر الماضي، فما حصل يوم الجمعة، من تحقيق شروط الهدنة أثبت فعلاً أن المقاومة هي الحل، لا مجلس الأمن، ولا الأمم المتحدة قادرون على أن يمنح لهذه القضية الحق، طالما وأن هناك منطلق جهاد فليس هناك توقعات أن تحصل على حق أبداً على يد هذه الأمم والمجالس!!

صحيح أنه ارتقى الكثير من الشهداء وكان هناك بحور من الدم جَرت وأُريقت بدون وجه حق وهذا إن دل على شيء فَــإنَّما يدل على هزيمة هذا الكيان الغاصب، ولكن كانت النتيجة انتصاراً لدماء الشهداء بعودة الأسرى الفلسطينيين من السجون، تحت ظل تهدئة وهدنة لمدة أربعة أَيَّـام وهي أَيَّـام لا تذكر أمام 48 يوماً كان حصاد هذه الأيّام مُراً بالنسبة للشعب الفلسطيني، وفي نفس الوقت كان حصاد الأيّام هذه أَمَرَّ من المُر والعلقم بالنسبة للكيان الصهيوني الذي تكبد الخسائر الكبيرة والمتفاقمة، سواءً في عتاده أَو عتيده، وَأَيْـضاً في الجانب الاقتصادي الذي انهار بشكل تام يتم إثباته من نسبة البطالة التي حصلت وتسريح للجنود الاحتياطيين.

واستطاعت المقاومة الفلسطينية أن تعري الكيان الصهيوني وأن تعري الولايات المتحدة والغرب الذي هيمنت عليه النزعة العنصرية في هذا الصراع، ولم يستطع أن يقف الموقف الصحيح ويناصر المظلوم وصاحب الحق، وكانت النتيجة عندما توحدت المقاومة الفلسطينية مع محور المقاومة استطاعت أن تشكل رقماً صعباً لا يمكن أن يتجاوزه العدوّ بأي شكلٍ من الأشكال.

ومن هذه النقطة ظهر الإسلام كله أمام الكفر كله، وقوفاً عند ما صرّح به أحدُ القياديين في الجهاد الإسلامي “الأخ المجاهد أبو شاهين” عبّر عن شكره لكل من شارك في دعم غزة عسكريًّا، وَوجه تحية لأبناء الشعب اليمني الذين ورغم ظروف الحصار ورغم كُـلّ الظروف غير العادية التي يمرون بها إلا أنهم اتخذوا قراراً جريئاً، خَاصَّةً قرار السفينة، مبينًا أن القيادة العربية تظهر عاجزة، أمام التغول الصهيوني، منذ المبادرة العربية وحتى آخر القمم.

وأشار إلى مدى تخاذل الدول العربية وأن السلطات السعوديّة قامت بحجز فلسطينيين من حماس في سجونها ظلماً وعدواناً.

ومن منطلق هذا التصريح أظهر السيد القائد موقفه في خطابٍ سابق له يعبر فيه عن الاستعداد للإفراج عن طيار وأربعة ضباط سعوديّين مقابل إطلاق سراح الأسرى من حركة حماس المختطفين والمسجونين في السجون السعوديّة، قائلاً -يحفظه الله- في خطابٍ سابق: (نؤكّـد على ثبات موقفنا المبدئي في الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني في مظلوميته، وإدانتنا بكل أشكال التآمر عليه ومن ضمن ذلك مساعي التطبيع والعلاقات والولاء من جانب بعض الأنظمة العربية، وفي هذا السياق نعبر عن استنكارنا الشديد لما تقوم به السلطات السعوديّة من اختطاف لأعضاء حركة حماس ومحاكمتهم ومع هذا السياق وتضامناً مع الشعب الفلسطيني استعدادنا التام للإفراج عن أحد الطيارين الأسرى لدينا مع أربعة من ضباط وجنود سعوديّين في مقابل الإفراج عن المختطفين من حركة حماس وَتخلية سبيلهم).

ومن هذا الموقف العظيم والمشرف ظهر الإسلام كله أمام الكفر كله، وُصُـولاً عند قمة الـ 15 لمجموعة العشر التابعة للاتّحاد الأفريقي التي عقدت قبل أَيَّـام والمعنية بملف إصلاح مجلس الأمن بمدينة في غينيا الاستوائية، هذه المجموعة تضم دولاً أعضاء في الاتّحاد الأفريقي المؤلف من 55 دولة شكلت في 2005م؛ بهَدفِ إصلاح الأمم المتحدة والتي تتكون من: مصر، الجزائر، أثيوبيا، نيجيريا، جنوب أفريقيا، السنغال، تونس، السودان، أوغندا، وَزامبيا.

هذه القمة عقدت لمناقشة الأزمة الحادة التي آلمت بمنظومة الأمن الجماعي، ووسط الشلل الشبه التام الذي حَـلّ بمجلس الأمن الأممي مؤخّراً، حيثُ إن المجموعة الدولية أصبحت اليوم تشاهد الجرائم في غزة دون أي تحَرّك فعلي وهادف ومن دون أية مبادرة سياسية جدية وهادفة تُتَابع الأزمات والصراعات والنزاعات بصورة متسارعة، إضافة إلى أن الشعب الفلسطيني يعيش مأساة حقيقية تتفاقم يوماً بعد يوم؛ بسَببِ عجز هذه المنظومة الأممية الجامعة، العاجزة عن ردع المحتلّ الإسرائيلي عن جرائمه، وكف انتهاكه لقواعد القانون الدولي التي أقرّتها ذات المنظومة الأممية، حتى إن هذه المنظومة بات الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي لا يأبه بها ولا يعيرها أية عناية بما تنطق به ولا يحسب أدنى حساب لما تقره، وترمي كُـلّ ما تفرضه من واجبات ومسؤوليات خلف ظهره، وخرجت هذه القمة ببيان أن مجلس الأمن أصبح مشلولاً غير قادر على أن يخرج من صمته أَو أن يضع حَـلاً ناجحاً تجاه ما تقوم به إسرائيل من مجازر كبيرة مؤلمة لأبناء غزة، وأن إسرائيل لا تعير اهتماماً للأمم المتحدة.

ومن هنا ووُصُـولاً إلى هذه النقطة، علينا أن ندرك ألا نُعير هذه المنظمات الأممية أي اهتمام وتصديق لسعيها لمساعدة الوضع داخل بُلداننا من أزمات ومشاكل وأحداث وصراعات، وَالمسبب الوحيد لتلك الأزمات والصراعات هو نتيجة للاستخبارات الغربية والأمريكية التي عملها الرئيسي هو تفرقة أوطاننا العربية؛ مِن أجل تقسيمها وتجزئتها وتفتيتها ليس إلا، ليسهل على الكيان الصهيوني أن يسيطر عليها وأن تكون تحت إمرته، ويكون القائد الفعلي لها، ولكن كما عهدنا فسيظهر الإسلام كله أمام الكفر كله.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com