مخطَّطُ تهجير الفلسطينيين من غزةَ.. حلمٌ صهيونيٌّ لن يتحقّق
المسيرة – محمد حتروش:
أفشلت المقاومةُ الإسلاميةُ الفلسطينية الهدفَ الأولَ للعدوان الصهيوني على قطاع غزةَ، والمتمثلَ في تهجير سكان القطاع ونقلهم إلى سيناء والانتقال بعد ذلك للخطة “ب” المتمثلة في تهجير سكان الضفة الغربية.
وعلى الرغم من القصف العنيف وإلقاء القنابل الفسفورية والعنقودية على أحياء قطاع غزة وتحويل منازل المواطنين إلى أطلال؛ إلا أن الفلسطينيين أثبتوا مدى وعيهم الكبير وتمسكهم بأرضهم، حَيثُ كان الثبات الفلسطيني الصخرة الصماء التي تحطمت عليها كُـلّ مؤامرات الصهاينة إلى جانب الثبات الأُسطوري للمقاومة الفلسطينية في مواجهتها للعدو الإسرائيلي وإلحاقها الخسائر الكبير في عدته وعتاده.
وساهم التواطؤ المهين للحكام العرب وانقيادهم وراء هذه المخطّطات في تشجيع العدوّ الصهيوني في الاستمرار في سلوكه المتوحش وتدمير غزة بكل ما أوتي من قوة، حَيثُ تسعى الإدارة الأمريكية والصهيونية إلى تهجير سكان غزة إلى صحراء سيناء المصرية وبناء مستوطنات جديدة هناك مقابل وعود لمصر للقبول بذلك من بينها رفع الدّين عن النظام المصري والمساعدة الاقتصادية.
وفي هذا الشأن يقول الناطق باسم وزارة حقوق الإنسان عارف العامري: “إن التهجير يصب في تجذير الكيان الصهيوني الغاصب على أرض فلسطين وتشريد أهل الأرض الفلسطينيين”، معتبرًا هذه السياسة ستؤدي إلى فتح شهية الاستعمار وطمعه في التوسع تجاه الأراضي المصرية بذريعة محاربة الفصائل الفلسطينية المقاومة؛ الأمر الذي يدخل مصر في معمعة المعركة وسيحاول الصهاينة المحتلّين التوسع جغرافياً في الأراضي المصرية والبقاء فيها إذَا استطاعت.
ويرى العامري أن “هذه الخطورة تكمن في محاولة اليهود وبدعم أمريكي وبريطاني للعودة إلى الاستعمار الجديد بطرق مختلفة ما يجعل الشعب الفلسطيني بلا وطن ولا هُــوِيَّة مهجَّراً عن أرضه ومطارَداً في مَهْجَرِهِ”.
فلسطينُ خَطُّ الدفاع الأول عن دول المنطقة:
من جهتهِ، يؤكّـد القيادي في تحالف الأحزاب المناهضة للعدوان، الناشط الحقوقي سند الصيادي، أن “خطط التهجير الكلي للفلسطينيين وتهويد كُـلّ الأراضي الفلسطينية حلمٌ لدى الصهاينة وفي بروتوكولاتهم؛ وهو ما يعبر عنه باستمرار قادة الصهاينة ومنظريهم”.
ويصف الصيادي خطط التهجير بالروايا التلمودية الخبيثة لا تتوقف عند حدود الدولة الفلسطينية وإنما يخطط لابتلاع الوطن العربي والمنطقة كلها وفق أجندة تراتبية تفضي إلى قيام مزعوم الدولة اليهودية الكبرى، موضحًا أن تلك الخطط لم تعد سرية وإنما تطفو على السطح وبشكل علني.
ويلفت إلى أن “الكيانَ الصهيوني الغاصب يمارِسُ حربَ إبادة بشعة تجاه غزة؛ وذلك في ظل صمت مخزٍ ومهين من قبل الأنظمة العربية التي تعلم علم اليقين أن الصهاينة سرطان يستشري في المنطقة ولم يكتفِ بفلسطين فقط”.
ويعتبر الصيادي “المقاومةَ الفلسطينيةَ النسقَ الدفاعي الأول عن بقية أوطان وشعوب الأُمَّــة وفي المقدمة دول الطوق العربي وأولها مصر وَالأردن”، موضحًا أن “خِذلانَ المقاومة يرضي تلك الدول للخطر من التوسع الصهيوني”.
ويقول: “من المؤسف أن هذه الأنظمة والى جانبها ممالك وَدويلات الخليج لم تفقد انتماءها الديني والإنساني إزاء ما يحدث في فلسطين شعباً وأرضاً ومقدسات وحسب، وإنما فقدت حتى الشعور السياسي بالخطر الذي يهدّدها كأنظمة وَجغرافيا إذَا ما تركت غزة وفلسطين تواجه مصيرها منفردة، وهذا يعزز حقيقة هذه الأنظمة كمُجَـرّد أدوات وظيفية لخدمة الكيان”.
ويضيف: “نفخر بالموقف الثوري والسياسي والشعبي اليمني الذي يقف في وجه هذه المشاريع مبدئياً وعمليًّا، ويقدم نفسه حاضراً في معادلة الصراع بناء على معطيات تفرضها الفطرة الدينية والإنسانية”، منوِّهًا إلى أن تنامي محور المقاومة ومواقف قياداته وفصائله المشرف والمبدئي في مساندة المقاومة الفلسطينية وَنصب العداء الديني تجاه هذا الكيان الغاصب، سيمثل كَبْحًا لجماح هذه الأجندة الصهيونية ويؤذن بقرب زواله.
التهجيرُ القسري وفق القانون الدولي:
بدوره يؤكّـد الناشط الحقوقي المحامي عبد الوهَّـاب الخيل، أن “كيان إسرائيل يتخذ من التهجير القسري للفلسطينيين وسيلة لتَشْتيت المجتمع الفلسطيني، والاستيلاء على مُمْتَلَكَاته، وإبعاده عن أرضه، وبسط نفوذه على كافة الأراضي الفلسطينية وتهويدها”.
ويستذكر الخيل أحداث 1948م حينما قام العدوّ الصهيوني بتهجير أكثر من (700.000) فلسطيني قسراً؛ أي قُرابَة نصف سكان فلسطين العرب في ذلك التاريخ.
ويبين أن “الفلسطينيين آنذاك بمقاومتهم للكيان الإسرائيلي بقطاع غزة بفرض إرادتهم وإرغام العدوّ على إقرار خطة الانفصال عن قطاع غزة وتم إخلاء المستوطنات وانتهى الوجود الاستيطاني الإسرائيلي فيها بتاريخ 12 سبتمبر 2005م، إلا أن الكيان لا يزال يفرض الحصار على أجواء القطاع وشواطئها، ويقوم بعمليات عسكرية على القطاع من حين لآخر، وَكذلك ما زالت إسرائيل تسيطر بشكل كامل على معابر القطاع مع إسرائيل”.
ونظراً لتوحيد صفوف فصائل المقاومة الفلسطينية بقطاع غزة وتطوير قدراتها القتالية والعسكرية والتصنيع العسكري يؤكّـد المحامي الخيل أن دعم محور المقاومة للمقاومة الفلسطينية زاد من القلق الصهيوني وجعله يستّشعر الخطر.
ويلفت إلى أن عملية “طُـوفان الأقصى” التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية بقطاع غزة في الساعات الأولى من يوم السبت 7 أُكتوبر 2023م بهجوم صاروخي واسع النطاق واقتحام بري نفذه المقاومون سيطروا على عددٍ من المواقع العسكريّة خَاصَّة في سديروت، ووصلوا أوفاكيم، واقتحموا نتيفوت، وخاضوا اشتباكاتٍ عنيفة في المستوطنات الثلاثة وفي مستوطنات أُخرى، كما أسروا عدداً من الجنود واقتادوهم لغَزَّة، فضلًا عن اغتنامِ مجموعةٍ من الآليّات العسكريّة الإسرائيليَّة، أصاب الصهاينة في مقتل وأربك ساحته وكشف عن هشاشته وضعف جيشه أمام المقاوم الفلسطيني.
ويشير إلى أن “هول وذعر الصهاينة من حادثة السابع من أُكتوبر دفعته إلى الاستنفار والاستنجاد بكل الدول الحليفة على رأسها أمريكا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من دول الغرب؛ وذلك لمناصرته في الهجوم الوحشي على غزة وارتكاب أبشع الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية وذلك في محاولة لتجهير أبناء غزة من بلدهم والسيطرة على القطاع”.
ويلفت إلى أن “صمود وثبات المواطنين الفلسطينيين في القطاع رغم أبشع الجرائم التي ارتكبها الكيان بحقهم والتفافهم حول المقاومة حول حلم إسرائيل إلى كابوس”، مردفاً بالقول: “وبدلاً من تهجيرهم، وأمام الضربات الموجعة التي تنفذها عناصر المقاومة الفلسطينية، والمقاومة الإسلامية بلبنان، والعراق واليمن اضطر الكيان لإخلاء العديد من المستوطنات ونزوح المستوطنين اليهود منها”.
ويختم الخيل بتوصيف قانوني لازم لمفهوم التهجير القسري الذي يمارسه كيان إسرائيل ضد المواطنين الفلسطينيين بقطاع غزة، وتكييفه القانوني وفقاً للقانون الدولي الإنساني ونظام روما الأَسَاسي واتّفاقيات جنيف والذي يعرّف التهجير القسري بأنه “ممارسة ممنهجة تنفذها حكومات أَو قوى شبه عسكرية أَو مجموعات متعصبة تجاه مجموعات عرقية أَو دينية أَو مذهبية؛ بهَدفِ إخلاء أراضٍ معينة وإحلال مجاميع سكانية أُخرى بدلاً عنها”.
ويرى أن “التهجير القسري يكون إما مباشراً أي ترحيل السكان من مناطق سكناهم بالقوة، أَو غير مباشر عن طريق دفع الناس إلى الرحيل والهجرة، باستخدام وسائل الضغط والترهيب والاضطهاد”.
ويعرِّفُ القانونُ الدولي التهجيرَ القسريَ بأنه: “إخلاءٌ غيرُ قانوني لمجموعة من الأفراد والسُّكان من الأرض التي يقيمون عليها، وهو يندرجُ ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية” بحسب ما يؤكّـده المحامي عبدالوهاب الخَيل.