خُبراءُ سياسيون وعسكريون لصحيفة “المسيرة”: العملياتُ القادمة في البحرَينِ الأحمر والعربي ستغرِقُ السفنَ الصهيونية في قعرِهما
أكّـدوا أن العمليات البحرية للقوات اليمنية ستتصاعد ضد السفن الإسرائيلية طالما استمر العدوان على قطاع غزة
المسيرة: محمد حتروش- أيمن قائد
دخل اليمنُ منعطفاً خطيراً في المواجهة مع الكيان الصهيوني، مُشْهِراً ورقةَ باب المندب أمام السفن الإسرائيلية، ومانعاً إياها من المرور عبر المضيق باتّجاه ميناء “أُمِّ الرشراش” أَو ما تطلق عليه إسرائيل ميناء “إيلات”.
وبحسب وسائل إعلام صهيونية فَــإنَّ صنعاء قد تمكّنت بالفعل من تعطيل الملاحة البحرية الإسرائيلية في البحرَينِ: العربي والأحمر، وأصبحت تشكل كابوساً خطيراً على الكيان المحتلّ، وضربت اقتصاده في مقتل، وخَاصَّةً بعد عمليات عسكرية نوعية للقوات البحرية التابعة للقوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر، تمثّلت الأولى بالاستيلاء على سفينة “جالاكسي ليدر”، والعملية الثانية في استهداف سفينتَين إسرائيليتين، إحداهما بصاروخ باليستي، والأُخرى بطائرة مسيَّرة.
ووفق المؤشرات فَــإنَّ عمليات القوات المسلحة اليمنية لن تكون الأخيرة، بل إنها ستتصاعد، طالما استمر العدوانُ الصهيوني المتوحش على قطاع غزة.. لكن التساؤل الأبرز هنا: ما أثرُ هذه العمليات على الكيان الصهيوني؟ وما دورها الفاعل في مساندة إخواننا في قطاع غزة؟ وهل لها أهميّةٌ بالغة أم أنها مُجَـرّد عمليات لا تشكل تأثيراً على الاحتلال الإسرائيلي وأدواته في المنطقة؟
من ناحية الأهميّة لهذه العمليات يعتبر المحلل السياسي والعسكري زيد الشريف، أنها “أقوى موقفٍ عربي وإسلامي مساند لإخواننا في قطاع غزة ليس على مستوى الأحداث الراهنة فحسب، وإنما منذ وعد بلفور ونشأة الكيان المحتلّ على تراب فلسطين”.
ويوضح الشريف في تصريحٍ خاص لصحيفة “المسيرة” أن القوات المسلحة اليمنية أثبتت بالمواقف العسكرية القوية أن القضية الفلسطينية لا يمكن أن تموت ولا يمكن إلغاؤها، وأنه لا يمكن أن يؤثر عليها تطبيع العملاء الخونة من العرب والمسلمين، مؤكّـداً أن “اليمن -قيادةً وشعباً وجيشاً- أعلن بالقول والفعل عداوته لإسرائيل ونصرته لفلسطين -شعباً وأرضاً ومقدسات-، وأن استهداف الجيش اليمني للسفن الصهيونية في باب المندب بعد الاستيلاء على سفينة جالاكسي الصهيونية في البحر الأحمر، إضافةً إلى العمليات العسكرية الصاروخية المتتالية إلى العمق الصهيوني هي بداية المشوار نحو تحرير فلسطين، بل والأمة بكلها”.
ويشير إلى أن “الضربات اليمنية على الكيان الصهيوني الغاصب تأتي؛ بهَدفِ وضع حَــدٍّ للغطرسة الصهيونية التي تجاوزت كُـلّ الحدود”، موضحًا أن “إسرائيل أسرفت في قتل الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، وأن العمليات العسكرية للقوات البحرية اليمنية لا تقتصرُ أهميتُها على حجم الأضرار التي لحقت بالسفن الصهيونية، بل هناك ما هو أهم وأعظم وهو أن اليمن قيادةً وجيشاً وشعباً أعلن الحرب الشاملة على الكيان الصهيوني وأغلق باب المندب أمام سفنه العسكرية منها والاقتصادية وهذه سابقة لم تحصل من قبل، وما كانت لتحصل لولا أن صنعاء تملك قرارها السيادي ولولا أن الشعب اليمني يحظى بفضل كبير من الله ويملك قيادة عربية إسلامية جهادية لا تخشى في الله لومة لائم ممثلة في السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله-“.
ويواصل حديثه: “لهذا نستطيع القول إن الجيش اليمني فتح أبواب جهنم على إسرائيل وكسر وحطم كُـلّ تلك القيود والقوانين التي تحمي إسرائيل وتفتك بهذه الأُمَّــة سواءً في فلسطين أَو في غيرها من الدول العربية والإسلامية”، لافتاً إلى أن استهداف القوات المسلحة اليمنية للسفن الصهيونية وقصفها بالصواريخ والطائرات المسيّرة يعد موقفاً جهادياً إيمَـانياً نصرةً للشعب الفلسطيني المظلوم والمعتدى عليه من قبل إسرائيل وهو الموقف الحق الذي يمثل الإسلام ويجسد الآيات القرآنية إلى جانب مواقف عملية على أرض الواقع فهو موقف الحق بكله في مواجهة الباطل كله”.
ويشير إلى أن وقوف أمريكا العلَني مع إسرائيل أمام العالم وفي مختلف المجالات لا مبرّر له ولا شرعية له مطلقاً، وأن الشرعية الحق تكمن في وقوف اليمن مع المقاومة الفلسطينية، وهو ما فعله ويفعله اليمن بشكل مُستمرّ منذ بدء معركة “طُـوفان الأقصى”، مبينًا أن “اليمن اليوم بقيادته وشعبه وجيشه وثقافته القرآنية وهُــوِيَّته الإيمانية يختلف تماماً عن تلك الأنظمة العميلة والخانعة التي تخذل فلسطين وشعبها، بل وتتآمر على القضية الفلسطينية”.
ويؤكّـد الشريف أن “اليمن يقول لأمريكا ولكل أُولئك العملاء الأذلاء من العرب والمسلمين: إن الإسلام الحقيقي كله قوة وعزة ونجدة وشهامة وحمية ومواقف عملية في مواجهة الظلم والباطل ونصرةً للحق وللمظلومين”، لافتاً إلى أن “القوات المسلحة اليمنية وجهت صفعات قوية موجعة وفعالة ومؤثرة للكيان الصهيوني المحتلّ؛ فاستهداف الجيش اليمني للسفن الإسرائيلية في باب المندب والبحر الأحمر موقف الحق وَانتصارٌ لدماء شعب فلسطين، ورفضٌ عملي لطغيان أمريكا وإسرائيل، وسوف يسجل التاريخ هذه المواقف اليمنية العظيمة بأحرفٍ من نور، بل أهم من ذلك أن الشعب اليمني المسلم المجاهد يشحن رصيده عند الله تعالى بالمواقف العظيمة التي ترفع الرؤوس وتبيض الوجوه أمام الله تعالى يوم القيامة”.
ارتباكٌ وعجزٌ كبير:
ولعل ما يميز هذه العمليات العسكرية النوعية ضد الكيان الصهيوني أنها تأتي بعد مرور 8 سنوات من العدوان الأمريكي السعوديّ الغاشم على اليمن، وعجزه عن تحقيق أي انتصار عسكري في الميدان، على الرغم من كثافة وحجم الجرائم التي ارتكبها بحق اليمنيين خلال السنوات الماضية، ومحاولاته الدؤوبة السيطرة على مناطق استراتيجية هامة في اليمن كمحافظة الحديدة وحجّـة الواقعتين على البحر الأحمر.
ولهذا يدرك الأمريكيون والإسرائيليون أن أية مغامرة عسكرية على اليمن لن تجدي نفعاً، وأن اليد الطولى في هذه المعركة ستكون لليمن بقيادته الثورية، ممثلةً بالسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي –يحفظه الله-.
وكقراءة عسكرية استراتيجية يرى المحلل العسكري زين العابدين عثمان، أن “عملياتِ الاستيلاء على السفن الإسرائيلية واستهدافها في البحر الأحمر هي الأولى من نوعها من حَيثُ واقع التوقيت والمكان، وما حقّقته من أبعادها وتأثيراتها العسكرية والاستراتيجية في خارطة المواجهة ضد كيان العدوّ الإسرائيلي”.
وفيما يتعلق بالتوقيت يقول عثمان: “إنها نفذت مع استئناف العدوّ الصهيوني عملياته المتوحشة في قطاع غزة، حَيثُ أتت استجابةً لتوجيهات سماحة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- الذي أمر باستئناف العمليات الهجومية لقصف أعماق كيان العدوّ واستهداف كُـلّ سفنه في البحر”.
أما من حَيثُ المكان فيشير عثمان في حديثه لصحيفة “المسيرة” إلى أن العملية نفذت في باب المندب وقد تم استهداف سفينتين تتبعان كيان العدوّ الإسرائيلي بأحد الصواريخ الدقيقة طراز سطح -بحر وطائرة مسيّرة بحرية.
وتتمثل أبعاد استهداف السفينتين الإسرائيليتين -كما يقول عثمان- بأنها كشفت بشكل واضح على اعتماد قواتنا المسلحة تكتيكاً جديدًا في المواجهة، وهو استهداف السفن الإسرائيلية عبر الصواريخ والمسيّرات، وهذه سابقة من نوعها؛ فخيارات المواجهة لردع وحشية كيان العدوّ الإسرائيلي في غزة حتمت على قيادة القوات المسلحة توسيع دائرة العمليات واعتماد تكتيك العمل الهجومي لقصف كُـلّ سفن الكيان وقِطَعِهِ البحرية التي تحاول الإبحار في البحر الأحمر والبحر العربي وباب المندب، مُضيفاً أن “هذه العملية كشفت مستوى القدرات التي تمتلكها قواتنا البحرية -بفضل الله تعالى- ومستوى تطور أنظمتها الدفاعية، وَعلى رأسها وحدات الصواريخ التي أصبحت تمتلك أجيالاً ونسخاً حديثة من الصواريخ البحرية متوسطة وبعيدة المدى التي تتميز بخصائص تقنية وعملياتية متطورة منها الدقة العالية في ضرب أي هدف بحري “بهامش خطأ صفر” والقدرة في ضرب أية سفينة في أية نقطة في البحر الأحمر أَو البحر العربي؛ فهي تمتلك مدىً استراتيجياً يمكنها من الوصول إلى أبعد نقطة وأبعد مكان فكل سفن الكيان في هذه البحار في نطاق الاستهداف”.
ويرى أن “العمليات العسكرية للقوات البحرية وضعت كيان العدوّ الإسرائيلي أمام معالة ردع استراتيجية لا يمكنه تجاوزها؛ فكلما استمر في عدوانه على قطاع غزة كلما تعرضت سفنه للاستهداف المباشر وبوتيرة متصاعدة”، مؤكّـداً أنه “لم تعد لكيان العدوّ أيةُ خيارات سوى إيقاف عدوانه على إخواننا في غزة، ما لم فَــإنَّ العمليات الهجومية القادمة -بعون الله تعالى- لن تقف عند سقف معين من الاستهداف، بل سيكون هناك عمليات بقوة نيرانية تكفي لتدميرِ السفن وإغراقِها في قعر البحر”.