إصرارُ أمريكا على استمرار إبادة الفلسطينيين يرفعُ احتمالاتِ توسُّعِ الصراع في المنطقة
المسيرة | خاص
من خلالِ إعاقتِها لمشروع قرار دولي يدعو لوقفِ إطلاقِ النار في غزةَ، أكّـدت الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ مَرَّةً أُخرى أنها الراعي الرئيسي للعدوان الوحشي المُستمرّ بوتيرة متصاعدة على الشعب الفلسطيني، وأن مزاعمها حول القلق من توسع نطاق الصراع في المنطقة، مُجَـرّد دعايات لتضليل الرأي العام ومنح المزيد من الوقت والغطاء لكيان العدوّ الصهيوني لمواصلة جرائمه بحق الفلسطينيين؛ الأمر الذي يجدد التأكيد على صوابية موقف قوى محور المقاومة، وعلى رأسها اليمن، فيما يتعلق باستمرار تنفيذ العمليات ضد كيان العدوّ وتصعيدها.
واستخدمت الولايات المتحدة، يوم الجمعة، حق النقض “الفيتو” ضد مشروع قرار صوَّتَ عليه أعضاءُ مجلس الأمن (ما عدا بريطانيا التي امتنعت عن التصويت) يطالبُ بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزةَ، في تأكيدٍ واضحٍ على وقوف البيت الأبيض بكل قوة وراء استمرار جرائم الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.
وعقبَ إسقاط مشروع القرار، قالت وسائل إعلام أمريكية: “إن الرئيس الأمريكي طلب من الكونغرس الموافقةَ على تقديم حوالي 45 ألفَ قذيفة لدبابات المركافا التابعة للعدو الصهيوني”.
وبقدر ما مَثَّــلَهُ هذا الموقفُ الفاضحُ -الذي لاقى استنكارًا واسعًا- من دليل واضح على أن الحرب العدوانية التي يشنها العدوّ الصهيوني على قطاع غزة هي حربٌ أمريكيةٌ في المقام الأول، فقد أثبت استخدامُ الولايات المتحدة “الفيتو” زيفَ كُـلِّ المزاعم التي تروِّجُها منذ أكثرَ من شهرين حول حرصها على عدم توسع رقعة الصراع في المنطقة، ذلك أن دعمَ استمرار العدوان على غزة يناقضُ تماماً هذه المزاعم، بل يعتبر دعوةً صريحةً لتوسيع الصراع.
ويؤكّـدُ هذا الموقفُ بوضوح على صوابية خِيارِ قوى محور المقاومة في لبنان واليمن والعراق فيما يتعلَّقُ باستمرارِ تنفيذِ العمليات العسكرية ضد كيان العدوّ الصهيوني والقواعد الأمريكية؛ رَدًّا على استمرار العدوان، بل يؤكّـد أن ذهابَ قوى المحور إلى تصعيد عملياتها هو الخيارُ الصائبُ في وجه الإصرار الأمريكي الوقح على مواصلة إبادة الشعب الفلسطيني.
وقد حرصت صنعاءُ في العديدِ من تصريحاتها السياسية والعسكرية، خلال الفترة الماضية، على توضيح هذه النقطة، حَيثُ أكّـدت أن الطريقَ الوحيد لضمان عدم اتساع نطاق ومستوى الصراع في المنطقة يتمثل في وقف العدوان على غزة والتوقف عن دعم العدوّ الصهيوني للاستمرار في ارتكاب جرائمه بحق الشعب الفلسطيني.
وهذا ما أشار إليه بوضوح ناطق حكومة تصريف الأعمال، وزير الإعلام ضيف الله الشامي، السبت، في تدوين على منصة “إكس”، أكّـد فيها أن “اعتراض الولايات المتحدة واستخدامها الفيتو ضد قرار وقف العدوان على غزة سيكون له تأثير على سير المعركة مع الكيان الصهيوني، وارتفاع وتيرة التصعيد والحصار في العدوان على غزة ستكون لها ردة فعل”.
وكانت القواتُ المسلحةُ اليمنية قد أكّـدت استعدادَها لتصعيد عملياتها ضد العدوّ الصهيوني لتشمَلَ أهدافًا لا يتوقَّعُها في البر والبحر؛ وهو الأمر الذي تتصاعد احتمالاته أكثر في ظل الإصرار الأمريكي على مواصلة العدوان على غزة.
وقد أثبتت العملياتُ اليمنية نجاحًا في تحقيق ضغوط كبيرة على العدوّ ورعاته؛ فإلى جانب الخسائر الاقتصادية المتصاعدة التي يتكبدها كيان العدوِّ؛ نتيجةَ الخطر الذي بات يُحدِقُ بكافة السفن التابعة له أَو المرتبطة به، أبدت الولايات المتحدة قلقًا متعاظمًا وصدمةً كبيرةً إزاء جُرأة القيادة اليمنية وتطور إمْكَانات القواتِ المسلحة في تنفيذ العمليات البحرية والبرية؛ الأمر الذي دفعها إلى الحديثِ عن الاستعانة بقوات مهامٍّ مشتركة في البحر الأحمر، بل إن وسائلَ إعلام أمريكية كشفت عن جَدَلٍ داخل إدارة بايدن حول القيام بِـ رَدٍّ عسكري في اليمن، ومخاوفَ لدى المسؤولين الأمريكيين من تداعيات الإقدام على مثل هذه الخطوة، حَيثُ يمكن أن يقودَ ذلك إلى توسيع رقعة ومستوى الصراع في المنطقة.
وتشيرُ ردةُ فعل الولايات المتحدة إزاءَ العمليات اليمنية إلى أن القيادةَ الوطنيةَ الثوريةَ والسياسية قد نجحت في وضع البيت الأبيض أمام مزاعمه حول الحرصِ على عدم توسيع رقعة ومستوى الصراع في المنطقة، وجعلته يواجهُ مباشرةً سيناريوهات وشيكةً لخيارات ذات تأثير كبير ومزلزل لا مجال لتجنبها سوى وقف العدوان على غزة.
ومن شأنِ تجاهُلِ الولايات المتحدة عواقبَ موقفها الإجرامي أن يضعَها بالفعل في قلب صراعٍ أوسعَ قد يطالُها مباشرةً، خُصُوصاً إذَا قرّرت الإقدام على خطوات عدائية مباشرة تجاه اليمنُ الذي أكّـد بوضوح أن رَدَّه سيكون قويًّا ومؤلمًا على أي عمل عدواني أمريكي أَو صهيوني.