بين مهسـا أمينـي ونساء غـزة.. ازدواجيةُ المعايير والمشاعر المصطنعة
أمل الأسدي*
في شهر أيلول من العامِ الماضي؛ شاهد أغلبُنا ما حدَثَ حول وفاة “مهسا أميني”؛ إذ تابعنا ردود أفعال عالمية تحتج رافضةً ما تعرضت له من مضايقات، حتى قبل أن يصدر التقرير الطبي الذي يبين سبب وفاتها، ومن بين تلك المواقف الغريبة ظهرت امرأة سـويدية الجنسية تقص شعرها أمام البرلمان الأُورُوبي احتجاجاً على حادثة “مهسا أميني” ولا أدري ما علاقة قص شعرها بحجاب (أميني) فرمزية قص الشعر بعيدة تماماً عن الحدث!
عُمُـومًا، توقعت الناس أن تظهر هذه المرأة التي تطالب بحقوق النساء وتدافع عنهن، وتقص شعرها (نمرة صفر) احتجاجاً على ما تتعرض إليه المرأة الفلـســطينية ورفضاً لما يقع عليها من الكـيـان الصــهيــونـي، وهو لا يقارن لا من قريب ولا من بعيد بحادثة (أميني) فالمرأة الفلســطينية والأسرة الفلســطينية تتعرض لإبادة وحشــية، واضحة وبيّنـة ولا تحتاج إلى تقارير طبية كتقرير (أميني) الذي لم تنتظره!!
حسناً، فلتقص الآن خصلةً من شعرها حسرةً على نساء غـزة!
هل يُعقل أنها وغيرها لا يفـهمن العربية وهن عـربيات، بينما يفهمن اللغة الفارسـية؟ ألم تسمع هي وغيرها بلوعة نساء غزة؟
ألم تسمع كلمات الأم الفلســطينية التي تحـمل طـفلها شهـيداً وتتحدث إليه: “معلش يا ماما، اصحى يا ماما اصحى حبيبي”؟ ألم تسمع بالأم التي تبحث عن ابنها وتقول: “أبيض وحلو وشعره كيرلي”!!
ألم ترَ السيدة التي تجلسُ عند جـثمان ابنها الشهيد وجـــثامين أحفادها الأطفال وتخاطبهم: “معلش يمه، ربنا أحسن، معلش تيته هذا نصيبكم، معلش.. الله ينــتقم منهم”.
أنتم يا أصحاب المشاعر البلاستيكية المصطنعة، يا أصحاب المعايير الازدواجية، ألا تخافون الله؟ ألا تهزكم هذه المشاهد؟
نحن في العراق، كنا وما زلنا نشاهد الفلسـطينيين يحبون الـطـاغــية المقـبور ويترحـمون عليه، مع أنه كان يــذبحنـا كما يفعل بهم الصـــهاينــة الآن، ومع ذلك لم نتخلَ عن إنسانيتنا، ولن نتخلى عن قضـيتنا، ولا يوجد من يتحكم بنا ويوجهنا بحسب إرادته ومصالحه!!
لاحظوا، مضى عام واحد فقط وجاء الطــوفان وعـراكم وكشف ازدواجـيتكم، وفضـحكم، ولم يبقَ!
أتمنى ألا نشاهد في المستقبل، مزيداً من مسرحيات قص الشعر أَو الإغماء أَو البكاء في القنوات الفضائية الغربية.
* كاتبة عراقية