قنبلة عطان.. على سفرة جوعان
أسامة الموشكي
عند شروق الشمس وهم على سفرة الصبوح مجتمعون.
الطفل لأمه: لا أريد هذا الصبوح البائس..
الطفلة لأخيها: غيرنا يتمنى هذا الخبز اليابس..
الأُم في حسرة: أسكِتوا جوعكم بهذه الكسرة، وأَعِدَكم أن الغداء سيملأ هذه السفرة.
وفي نفسها تقول: إلهي.. سخّر بشيء أي شيء يجعلهم فرحين.
وعندما خرجت من باب الدار.. المالك واقف يطلب الايجار.
قالت: صبرَك يا هذا. تستعجل على ماذا؟.
ألم يتبق عشرة أيام للشهر، فدعني الآن كفاني قهر؟!
وعند صاحب الخضرة تطلب: هل يوجد شيء للجوع يرطب؟.
قال: تريدين ديناً أم مجاناً؟..
سكتت..
خذي كيسك لا أملك شيئاً الآن، أفلسنا في زمن العُـدْوَان..
وتحت حرارة الشمس تمضي، وجمر جوع أَطْـفَـالها في أحشائها يشوي.
أخي الجزار: متى سيذبح هذا الضأن؟.
لماذا اختي؟
– أريد منه العظام والأشحام.
بضحكة يرد: تريدين كلبي يظل بدون طعام؟! من يشحت في هذي الأيام!؟
ببؤس ترد: أَطْـفَـالي يتضورون.. وللرحمة يطلبون؟!
مضت وكلها خيبة.
يعتريها الخوف والريبة.
لماذا يا الله أخذت زوجي وجعلتني وحدي أعاني
أكرمني يا الله بأي شيء، لكي لا أعود بكيس خالٍ..
إلهي أنظر لحالي.
مؤكد أنك تراني وأنا أمشي في هذا الطريق أعاني.
لا يهم أنا.. فقط يا الله ارعَ أَطْـفَـالي.
في لحظة..
اهتز جبلُ عطان الذي أمامها.
سمعت صراخاً وعويلاً.. خُيّل أنهم أبناؤها.
هرعت مسرعةً لتطفئ نارها..
تزلزل الجبل من مكانه، وضاق الحي بسكانه.
حجراً منه على رأسها، يعلن بأن تشد رحالها.
أتى رجلان بسرعة وقاما بحملها.
ابتسمت وقالت:
لا داعي لإنقاذي.. فوقتُ الاستشهاد بات ينادي.
فقط خذوا عنواني واسرعوا.
قبل أن يفوتَ وقت الغداء وأطعموا أولادي.
انتبهوا لنسيان عنواني.
وَبالله اعطوهم من الاكل ما هو غالي.
أرجوكم فهذا كان وعدي قبل استشهادي.
في البيت:
كانت السفرة من هول الضربة مقلوبة.
والأَطْـفَـال حولها، وأعينهم في الباب مرعوبة.
أتى الرجلان وقاما بملء السفرة بالأشياء المحبوبة.
وبأيدٍ مرتعشة:
سنخبئ الطعام حتى ترى أمي هذه الأعجوبة.