قرارُ مجلس الأمن الأخير مسرحيةٌ أمريكيةٌ هدفُها تحطيمُ معنويات المقاومة الفلسطينية
محمد علي الحريشي
الحروبُ التي شنها الكيانُ الصهيوني على عددٍ من الأقطار العربية أَو على عدد من حركات المقاومة لم تتوقف بقرارات من مجلس الأمن، بل إن وقف الكيان الصهيوني لأي اعتداء أَو حرب شنها خلال الفترات الماضية، تتدخل فيها أمريكا وفقاً لشروطها وبما يضمن حماية الأمن لكيان الاحتلال، حتى وإن اجتمع مجلس الأمن واتخذ قراراً بوقف العدوان، فَــإنَّه يتم وفقاً لتخريجات وإملاءات أمريكية، وليس أمام العرب غير القبول فقط ومن دون نقاش.
هكذا عرفنا تاريخ قرارات مجلس الأمن فيما يخص الحروب الصهيونية مع محيطه العربي، هناك حالتان فقط حقّقت فيهما المقاومة عناصر توازن في المعارك، والذي انعكس في اتِّخاذ مجلس الأمن لقرارات شبه متوازنة، هما نهاية حرب الكيان الصهيوني على المقاومة اللبنانية عام 2006م وحربه على المقاومة الفلسطينية في عملية سيف القدس عام 2021م ذلكَ لأَنَّ قرارَي مجلس الأمن اللذَين اتخذا آنذاك هما لإنقاذ حكومة العدوّ المحتلّ من الهزيمة، بعد ما طالت صواريخ المقاومة مستوطناته في فلسطين المحتلّة.
تصريح الأمين العام للأمم المتحدة قبل ثلاثة أَيَّـام من عقد مجلس الأمن جلسة التصويت على مسودة قرار قدمه مندوب الإمارات في مجلس الأمن، هو طعم خبيث وفصل من فصول مخطّط أمريكي كان يهدف إلى تثبيط نفسيات المجاهدين من أبطال المقاومة في غزة وخلخلة صفوفهم، الأهداف الأمريكية واضحة وهي أنه على وقع المجازر والقتل الوحشي الجماعي والقصف العنيف والحصار المطبق على غزة من قبل الجيش الصهيوني، فسوف تكون لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة وعقد جلسة لمجلس الأمن يتم فيها طرح قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة لدواعي إنسانية تأثيرات على نفسيات المجاهدين، وَالترقب بفارغ الصبر؛ مِن أجل الخلاص من وقع المجازر والمذابح والخراب الذي طال كُـلّ شيء في قطاع غزة، النقطة الحرجة التي هدفت من وراءها أمريكا، هي إحداث الصدمة في نفسيات المجاهدين لحظة إصدار القرار بالنقض فيكون لذلك آثاراً سلبية، تسبب الإحباط وانهيار المعنويات، ومن جانبٍ آخر تهدف أمريكا إلى رفع معنويات جيش العدوّ وحكومته.
هكذا رسمت الإدارة الأمريكية سيناريوهات دعوة أمين عام الأمم المتحدة وانعقاد مجلس الأمن، الإمارات العربية المتحدة التي انحازت إلى العدوّ الصهيوني أعطى لها المخرج الأمريكي فصلاً في المشهد التراجيدي وهو تقديم مسودة القرار لوقف إطلاق النار حتى يكتمل المشهد المسرحي التمثيلي المخادع، لكن هل تأثرت نفسيات ومعنويات أبطال المقاومة الفلسطينية، بعد صدور قرار مجلس الأمن الصادم.
لم يحدث ما خططت له الإدارة الأمريكية التي تدير العدوان على الشعب الفلسطيني، هناك شواهد تؤيد هذا الجانب وهو تكثيف الهجمات الصاروخية من داخل قطاع غزة على المستوطنات اليهودية داخل فلسطين المحتلّة بما فيها “تل أبيب” وتفجير الآليات الصهيونية وقتل المزيد من جنود الاحتلال المتوغلين في عدد من شوارع غزة، حدثت ردات فعل المقاومة عقب إعلان الفيتو الأمريكي مباشرة.
أبطال المقاومة فهموا اللعبة والخداع الأمريكي، ولم يترقبوا نتائج للقرار سلباً أَو إيجاباً، لو كان أبطال المقاومة يترقبوا وقف إطلاق النار لقبلوا بالعروض والتنازلات التي قدمتها لهم أمريكا في آخر يوم من الهدنة التي انتهت في نهاية الأسبوع قبل الماضي.
المقاومة الفلسطينية ومن خلفها قوى محور المقاومة لا يستجدون قرارات من مجلس الأمن لوضع نهاية للبطش والإجرام الأمريكي الصهيوني في حق نساء وأطفال غزة؛ لأَنَّهم يدركون أن قرارات مجلس الأمن تخضع للرغبات الأمريكية وهي لا تلبي المطالب الفلسطينية، وضع نهاية للعدوان الصهيوني على غزة لن تصنعه قرارات من مجلس الأمن، بل سيفرضه سلاح المقاومة وتضحياتها وصبرها، أبطال المقاومة هم من سيجبر العدوّ على طلب الاستغاثة من أمريكا، التي سوف تلجأ مرة أُخرى إلى الوساطة المصرية القطرية.
مهما تكن النهايات سوف تنتصر المقاومة الفلسطينية، أما حكومة الكيان فهي مقبلة على هزيمة أُخرى من قبل من تبقى من المستوطنين الذين يعيشون داخل الملاجئ، دخول اليمن وبقية أطراف محور المقاومة هو العامل الرئيسي الذي سوف يعجل بهزيمة حكومة وجيش الكيان المحتلّ، إعلان حضر السفن الواصلة إلى موانئ العدوّ الذي صدر به بيان رسمي، السبت الماضي، من قبل ناطق الجيش اليمني العميد يحيى سريع، سوف يترك آثاراً نفسية ومعنوية في صفوف العدوّ.
الأفضل أن تكف المصادر السياسية والإعلامية عن إصدار بيانات الإدانة والشجب ضد الإدارة الأمريكية؛ بسَببِ اتِّخاذها النقض ضد وقف إطلاق النار؛ لأَنَّ القرار هو مسرحية هزلية ومؤامرة أمريكية لا يستحق الوقوف عندها، المقاومة الفلسطينية تحقّق انتصارات عظيمة في عمليات “طُـوفان الأقصى” وهي في مفترق الطرقات لا تراجع، سوف تنتصر مهما كانت التضحيات، وعلى الباغي تدور الدوائر.