اليمنُ وَغزة.. صياغةٌ جديدةٌ للسلام والإنسانية
دينا الرميمة
مخطئٌ من لا يزال يؤمنُ بمواثيق الأمم المتحدة للسلام أَو يثق في قوانينها التي وضعتها كحقوق تحمي الإنسان والإنسانية على حَــدٍّ سواء في حالة الحروب وَالسلام!!
ففي خضم ما تعيشه الأرض من حروب ثمة ما يحز في النفس من مواثيق السلام وَأوقات أضعناها في حفظ قوانين الإنسانية قيل لنا أنها لا تتجزأ وأنها لن تكون لفئة دون أُخرى حتى ظننا أنفسنا في مأمن من أي حروب أَو فواجع قد تداهمنا، حَــدّ اليقين آمنا أن هذه القوانين ستكون متارس تصد عنا الموت وَتلبسنا دروع تقينا قذائف القتل إذَا ما يوماً وقعنا في كمائن الحروب!!
بضع ظنون سرعان ما خانتنا، حين داهمتنا دول العدوان بحربها على بلدنا اليمن!! فكانت حرباً على كُـلّ شيء بما فيها نحن، جميعنا كنا أهدافاً مباحاً استهدافها، قاتلونا بوحشية ظناً أن القوة ستجعلنا نعلن لهم رضوخنا ونسلمهم سيادة أرض وكرامة شعب!!
حينها لم نرَ قانوناً يمنع عنا القتل ويوقف المجازر، رأينا منظمات السلام تبيع وتشتري بمعاناتنا في سوق المساعدات تحت عنوان الإغاثة التي لم يكن يصلنا منها إلا الفتات بطريقة جارحة لكرامتنا، كُـلّ القوانين أصبحت قيمتها على أرضنا يساوي حاصل الضرب في صفر، حتى أنها صفت مع المعتدي تشرعن له جرائمه بعد أن اشتراها وَضمها مع المنضمين تحت عباءته الملوثة برائحة النفط، وَأمريكا التي تدَّعي الديمقراطية هي من تقبض الثمن!!
حتى خلصنا إلى أن السلام وَالإنسانية في قوانين الغرب ليسا إلا فخاخ وضعت في مناهجنا لتوقعنا في شراك حضارتهم الهشة لنكون من اللاهثين على أبوابها نلتمس منها الرث الذي يجعلنا مسلوبي الإرادَة وَالوطن والدين، وأيقنا أن الإنسانية لم تكن يوماً قانوناً إنما هي أصالة ذاتيَّة يحثُّها الضمير الصادق، وتلازمها الرُّوح الصافية، فلا يخرج نتاج ذلك إلا الإنسانية المحمودة المطلوبة.
وهذا ما تثبته اليوم غزة من خلال حربها المستعرة مع الكيان الصهيوني وَسيل الدم الذي يدفعه الغزاويون ثمناً لمنع نكبة جديدة لفلسطين وَالعرب معاً، ويصدون به كُـلّ مؤامرات التصفية للقضية الفلسطينية، وبه يرفعون الضرر عن الإنسانية وقوانينها التي نثرت تحت أقدام الكيان الصهيوني ليرتكب ما يحلوا له من المجازر ويقصف كُـلّ ما وصفته قوانين الأمم المتحدة بالمقدس وَالمحرم، كُـلّ الخطوط الحمراء تحولت إلى ضوء أخضر بيد الكيان الصهيوني، وَتحت مسمى الدفاع عن النفس استبيحت غزة وأصبح أهلها إرهابيين، في تحريف واضح لمسار معركة بين محتلّ وصاحب أرض تحرقها صواريخ وسلاح أمريكا!!
ومع خذلان السلام وَالإنسانية لغزة إلا أنها صدمت العالم بإنسانيتها مع الأسرى الصهاينة سواءً أُولئك الذين فكت فصائل المقاومة قيودهم لأسباب إنسانية وصحية أَو الذين خرجوا بالمفاوضات بما فيهم كلبهم، وهم يحملون كُـلّ علامات الشكر والامتنان لسجانيهم الذين وفروا كُـلّ أسباب الحماية من موت محقّق بغارات حكومتهم التي أحل بعض وزرائها إلقاء قنبلة نووية تقتل غزة بمن فيها!!
غزة اليوم تعيد صياغة أبجديات الإنسانية، وَعلى أرضها تزرع بذور سلامٍ دائماً ما تُرديه أمريكا قتيلاً على طاولات مجلس الأمن بسلاح الفيتو الخبيث إلى جانب صواريخها التي تقتل وتدمّـر غزة.