مجدّدًا صنعاء تُوظِّفُ جغرافيتَها في مواجهة الكيان الإسرائيلي

 

بشرى خالد الصارم

أمام خطوة جديدة للقوات المسلحة اليمنية، صنعاء تعود مجدّدًا لِفرض معادلةٍ جديدةٍ تَرسُمها القوات المسلحة اليمنية، وهي بحد ذاتها تعتبر عملية تصعيد جديدة ضد القوات الأمريكية والغربية بعد ما يسمى الفيتو الأمريكي مؤخّراً، وليس فقط للعدو الصهيوني.

على واقع أن العدوّ الإسرائيلي إلى الآن لم يستطع تحقيق أهدافه، إلا أنه يرتكب المزيد من الجرائم لحاجتهِ لاستمرار الحرب الإبادية تحت ظل حماية أمريكية، فتَوجب على قوات صنعاء أن يكون لها قرار يكون على مستوى الرد ليردع هذا العدوّ بالشكل الذي يُضعفه ويوقفه عند حده، فكانت هذه الخطوة الإضافية التصعيدية من قبل الجيش اليمني رادعاً لهذا الكيان ويستحقه فعلاً، حيثُ إن هذه الخطوة سيكون لها أثرها البالغ والكبير جِـدًّا للتأثير على الاقتصاد الصهيوني ضد سير خطته الممنهجة لاستمرار هذه الحرب الشعواء في قطاع غزة وضد الشعب الفلسطيني واستمرار حصاره القسري، أَيْـضاً على ضوء عجز مجلس الأمن على تحقيق القرار الذي ينص على وقف النار في قطاع غزة، بعد ما قامت به الولايات المتحدة بعرقلة هذا القرار ومنع تنفيذه باستخدام ورقة الفيتو لصالح العدوّ الإسرائيلي.

وعلى ضوء ما قامت به قوات صنعاء منذ بداية الطوفان من استهداف إيلات، واستهداف السفن في البحر الأحمر والعربي، اليوم وَسعت دائرة أهدافها من خلال استهداف أية سفينة ستتجه إلى موانئ العدوّ.

فكما هو واضح في البيان الأخير للقوات المسلحة اليمنية هناك خطوة متقدمة لمواجهة التصعيد من قِبل الكيان الصهيوني ومن قِبل العدوّ الأمريكي، تأتي هذه الخطوة بعد الخطوات اليمنية منذ بداية “طُـوفان الأقصى” مِن إرسال صواريخ وضرب إيلات جنوب الأراضي المحتلّة، لم يستجب الكيان الصهيوني للرسائل اليمنية وروج إعلامياً بأن صنعاء لم تكن مؤثرة بخطوتها هذه على الرغم من إخفاء قلقه ومن إخفاء مدى جدوائية هذه الضربات على العمق الصهيوني، ومن ثم جاءت الخطوة الأكثر تأثيراً كما هو معلوم للجميع وهي استخدام ورقة قد تشكل خطراً أكبر على اقتصاد العدوّ الصهيوني وهي خنقه، عبر التحكم في الملاحة البحرية في البحر الأحمر، والاستيلاء على سفينة “جالكسي ليدر” ومن ثم استهداف سفينتين تابعتين للمصالح الصهيونية وداعمة لها، وبالتالي هذه الأهميّة الاستراتيجية لدولة اليمن كما يعرفها الكيان الصهيوني قد نجحت في تهديده وفرض معادلاتها؛ لأَنَّها تتحكم على هذا المضيق من حَيثُ صادرات وَواردات التجارة العالمية والإقليمية عبر هذا الممر، فلا شك أن هذه الخطوات سيكون لها انعكاساتها الكبيرة على الاقتصاد الصهيوني، وقد تم قراءة ذلك من خلال كُـلّ العمليات التي رتبتها القوات المسلحة اليمنية فيما يتعلق بإغلاق مضيق باب المندب أمام الكيان الصهيوني، من خلال حجم الخسائر التي مُنيت بها إسرائيل وَالتي ترتبت من هذا القرار سواءً ارتفاع تكاليف التأمين أَو تكاليف الشحن، أَو الكلفة الزمنية.

ثم جاء القرار الأخير الذي كان إضافةً للقرارات السابقة والذي بدوره وسع دائرة الاستهداف ودائرة المواجهة مع الكيان الصهيوني في القطاع البحري بقرار نصه التالي: “أية سفينة في البحر الأحمر والبحر العربي تتجه إلى موانئ الكيان الصهيوني من أية جنسية كانت سيتم استهدافها”، ظهر من هذا القرار الصارم أن قوات صنعاء تستخدم هذه الورقة وتوظفها بشكل جيد وإلى أعلى مستوى في مواجهة التصعيد من قِبل العدوّ الصهيوني، وأنها ستقابل الحصار بالحصار، وَالتصعيد مقابل الفيتو الأمريكي الذي اعترض على إيقاف الحرب في قطاع غزة.

واليوم صنعاء لها تأثيراتها الحاسمة وَالفعلية من خلال هذه الضربة القوية على الكيان الصهيوني في ما يتعلق بالمعركة الحاليّة، وعلى المستوى الاستراتيجي ستكون لها تأثيراتها الكبيرة على اعتبار أن تحَرّكات الكيان التي تحَرّك عليها منذ نشأته حتى اليوم ستصبح في مهب الريح، وكذلك مضيق باب المندب من شأنه أن يعطل كُـلّ مشاريع الشرق الأوسط أَو مشاريع إسرائيل الكبرى المتحكمة في إمدَادات الطاقة وحركة العبور البحري.

ظهرت صنعاء مجدّدًا بأنها قادرة على اتِّخاذ مثل تلك القرارات وتنفيذها ميدانيًّا، بعد أن تَوسعت دائرة السفن الإسرائيلية أَو السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني إلى أية سفينة من أية جنسية كانت، ولا شك أن هذا الدور الذي قامت به قوات صنعاء كان صادماً للعدو الأمريكي والصهيوني، على الرغم من أن صنعاء ما زالت تعاني من حرب مُستمرّة منذ 9 سنوات إلا أنها كانت قادرة على اتِّخاذ مثل هكذا قرارات قوية وجريئة وَأَيْـضاً قادرة على تنفيذها، وتهديد الكيان الإسرائيلي.

وهنا يتضح أن صنعاء بحضورها وبعودتها تفرض المعادلة الحقيقية وتوظف الجغرافيا كعنصر قوي لمواجهة هذا الكيان، ولديها الكثير من الخيارات الأُخرى والقوية في حال استمر هذا العدوان على غزة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com