نحنُ لسنا على شاكلتكم

 

أحمد محمد الدفعي

منذُ اندلاع ثورة الـ٢١ من سبتمبر المجيدة، بقيادة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله-، وقبلها منذُ بدء المشروع القرآني، انتقلت اليمن وشعبها العظيم، إلى مرتبة من السمو والرفعة أخلاقياً، وسياسيًّا وعسكريًّا، عكس ما كان يُراد لها، رغم الحروب الظالمة وحملات التشويه، والاستهداف الإعلامي الممنهج، للشعب اليمني ومسيرته القرآنية.

وجاءت المتغيرات، لصالح المسيرة القرآنية، وشعب وأحرار اليمن، خلافاً لما أرادهُ الغرب ودويلات الخليج العربي، عبر حياكة المؤامرات، لإغراق اليمن بالفوضى والفتن، والفشل في تنصيب قيادات من أراذل الناس لتحكم اليمن ورجاله، ومن ثم التورط في حرب عدوانية فاشلة ضد الشعب اليمني ونحن في عامه التاسع توالياً.

ولكل من يعتبر إقدامنا لنُصرة غزة ودخول الحرب مع إسرائيل مباشرة بالصواريخ والطيران، وإغلاق باب المندب أمام السفن الصهيونية، والسيطرة عليها وتدمير كُـلّ سفينة لا تنصاع لتوجيهات القوات البحرية اليمنية، أنه تهوّر لم يحسب لعواقبه، ولماذا نحن هكذا نمتلك الجرأة لم نُهزم في كُـلّ الحروب من عام ٢٠٠٤م إلى اليوم.

نجيبهم أننا نمتلك الحق ونحمل الإسلام الحقيقي الذي لا يشوبه كدر، ونقولها وبكل وضوح وبالفم المليان، لسنا مثلكم، عندما نقصف إسرائيل، ونحرق وندمّـر، ونسيطر على سُفنها، نصرة لإخوتنا في غزة، هو أننا لا نقبل الضيم، وننصر المظلوم، لا لشيء، إلَّا أنه ما يجب علينا فعله وما يمليه علينا ضميرنا، وديننا وثقافتنا القرآنية، والسكوت ليس في قاموسنا، على عكس العرب جميعاً، فعندما تحَرّكت جحافل الجيش اليمني في عام ٩٤ لاجتياح جنوب اليمن كان الصوت الصادع والموقف الناصع هو للشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي -رضوان الله عليه-، وقف في وجه الدولة، وخرج بالمظاهرات لرفض تلك الحرب العدوانية ضد أبناء الجنوب، وتحَرّكت الدولة حينها لتدمير منْزله ومنْزل والده السيد بدرالدين الحوثي، وعند غزو أفغانستان والمؤامرات، ضد الدول الإسلامية بعد أحداث نيويورك في الـ١١ من سبتمبر، كان الشهيد القائد، هو من فضح الأمريكيين في ادعاءاتهم الباطلة وكشف النوايا والمخطّطات الأمريكية من وراء ذلك الهجوم المزعوم، وهو ما تجلى ويتجلّى إلى اليوم أمامنا وتكشفه الأحداث.

وعند الغزو الأمريكي للعراق عام ٢٠٠٣م خرجت المظاهرات الكبيرة نصرة ودعماً لإخواننا في العراق، وَكان موقف المسيرة القرآنية واضح ورافض للاحتلال الأمريكي للعراق؛ لأَنَّ فينا حمية وإباء، نعم؛ لسنا من أُولئك الذين طبع الله على قلوبهم، وجعل في قلوبهم حمية الجاهلية، الذين يمشون عكس التيار الإلهي، أمام ما حدث ويحدث في فلسطين وقبلها لبنان والعراق، أين هي حمية العرب الذين صدّعوا رؤوسنا بالحديث عن العروبة!

لماذا لم تحَرّكهم حميّتهم تلك التي حركتهم لإرسال فيالق الجيوش والأسلحة الفتاكة، وإنفاق مئات المليارات من الدولارات دعماً للعراق في حربه ضد إيران تحت شعار الأُخوة العربية والدفاع العربي المشترك؟ لماذا لم تسارع تلك الدول لأن تتوسط ليتصالح العراق وإيران أَيْـضاً حقناً لدماء المسلمين، كما تتوسط اليوم بكل “عُنفوان” وإصرار، حقناً لدماء جيش العدوّ الصهيوني كلما أثخن المجاهدون فيه وأكثروا فيه القتل؟

لماذا لم تتحَرّك تلك الدول والجيوش العربية لتقف إلى جانب العراق عندما احتلّتهُ أمريكا؟ ولماذا أوقف العرب دعمهم لصدام وتركوه ليلقى مصيره وحيداً؟ أين الحميّة العربية التي وجدت في محاربة إيران واختفت عند الهجوم الأمريكي على العراق؟ إنها السخافة والوقاحة في أقبح صورها، والنفاق في أوسخ صفاته ومن يحملوه.

فلماذا يطلب بعض السياسيين والإعلاميين العرب، خُصُوصاً بعض القادة في حركات الجهاد والمقاومة الفلسطينية، من مناشدّتهم زعماء وأنظمة هكذا صفاتهم بذيئة أن يتحَرّكوا لنصرة أهل فلسطين، ولديهم تاريخ أسود في الخُذلان، والخيانة والعمالة ضد اُمتّهم العربية والإسلامية، فثقوا أنكم لن تروا منهم إلا التوسط في الوقت الذي تظفرون فيه بعدوكم، فقد حُشروا في خانة الوسطاء، ولمصلحة إسرائيل ويريدون أن تشكروهم على ذلك، والعرب والعروبة لم تعد تعنيهم في هكذا مواقف والأغلب يتصنف كما هذان الصنفان وينتهج سياسة هذين التيَّارَين؛ أي تيّار التطبيع (السعوديّة والإمارات) وتيّار التطبيع (تركيا وقطر).

فالأول يريد السلامة “لإسرائيل” ولسانه يقطر سُمّا في وجه الفلسطينيين، والثاني يريد السلامة “لإسرائيل” ولسانه معسول في وجه الفلسطينيين، والجميع من قماشٍ واحد، فنحنُ نتبرأ منهم كما تبرؤا من الإسلام ومقدساته.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com