اليمنُ يضاعِفُ مأزِقَ الكيان الصهيوني في البحر الأحمر

خبراءُ عسكريون: لدى القوات البحرية اليمنية القوةُ في استهداف مدمّـر للسفن التي تتجاهل التحذيرات اليمنية

المسيرة: محمد حتروش- محمد الكامل

صعَّدت القواتُ المسلحة اليمنية، عملياتِها العسكريةَ تجاه العدوّ الصهيوني الإسرائيلي؛ وذلك نصرة للمقاومة الفلسطينية في غزةَ التي تتعرضُ لحرب إبادة من قبل الصهاينة منذ أكثرَ من ستين يوماً على مرأى ومسمع من العالم.

وجاءت عملية، أمس الثلاثاء، المتمثلةُ باستهداف سفينة نرويجيةٍ لتضافَ إلى رصيدِ عمليات القوات المسلحة اليمنية السابقة؛ ولتشكل ضغطاً كَبيراً على الكيان المحتلّ ورعاته لوقف العدوان ورفع الحصار على قطاع غزة، وهي من أبرز العمليات الموجعة والمؤلمة لكيان العدوّ الإسرائيلي، وتستهدف اقتصاده وحركته التجارية بشكل كبير.

وتكمن أهميّة العملية في أنها تأتي ترجمة للتهديدات التي أطلقتها القوات المسلحة اليمنية قبل أَيَّـام، وطلبت من جميع السفن الدولية بعدم المرور إلى الموانئ الصهيونية، وذلك بعد ساعات من فيتو أمريكي في مجلس الأمن أعاق مشروع وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ما دفع اليمن للقيام بهذه الخطوة؛ بهَدفِ إيقاف العدوان ورفع الحصار الإسرائيلي على القطاع.

وَيعتبر الباحث في الشؤون العسكرية زين العابدين عثمان، “القرار الذي دشّـنته قواتنا المسلحة والذي يقضي بمنع كافة السفن المتجهة لموانئ كيان العدوّ الإسرائيلي من أية جنسية ضمن أقوى القرارات الاستراتيجية الضاغطة والرادعة التي اتخذتها القيادة ممثلة بقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- والتي تهدف بشكل رئيسي لنصرة المقاومة والشعب الفلسطيني وردع آلة الحرب الوحشية للكيان الصهيوني ومن خلفه الأمريكي والبريطاني على قطاع غزة”.

وحول طبيعة هذا القرار وما له من بُعد عسكري واستراتيجي يوضح عثمان في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” فَــإنَّه “عمليًّا يضع خط الملاحة الدولية الذي تمر من البحر الأحمر وباب المندب والبحر العربي مفتوحة لجميع السفن الدولية ما عدا السفن التابعة للكيان الإسرائيلي والسفن التي تشحن البضائع من وإلى موانئ هذا الكيان”، مُشيراً إلى أن “جميع الدول التي تتعامل مع الكيان وتصدر بضائعها وسلعها التجارية إلى موانئه ستكون سفنها مستهدفة وممنوعة من المرور من هذه البحار بشكل كامل”.

ويضيف: “كذلك هذا القرار ليس ارتجالياً أَو تهديد حرب سيكولوجية فهو خطوة مدروسة بدقة وبعناية ويأتي من واقع امتلاك القدرة والإمْكَانات الدفاعية الكافية على تنفيذه حرفياً”، مؤكّـداً أن “القوات المسلحة وعلى رأسها مثلث قوى الردع الاستراتيجي في وحدات الصواريخ وسلاح الجو المسيَّر والقوات البحرية قادرة بفضل الله تعالى على تنفيذ هذا السيناريو عسكريًّا وحظر كُـلّ السفن المذكورة وفرض الحصار المميت على خط الملاحة الإسرائيلي في نطاق مياه البحر الأحمر وباب المندب والبحر العربي”.

ويؤكّـد أنه قد “تم البدء بالعمليات بعد دخول القرار حيز التنفيذ تجاه السفن التي تم إرغامها قسرياً على العودة من رحلاتها باتّجاه كيان العدوّ، كما تم استهداف السفينة النرويجية التي تحمل شحنة نفط للكيان وذلك بعد أن رفضت التحذير العملياتي لقواتنا البحرية”.

ويتابع حديثه: “وعليه فَــإنَّ أية سفينة تحاول أن ترفض التحذيرات سيتم ضربها فورًا ولدى القوات البحرية القوة في تحقيق استهداف مدمّـر بالسفن ونتحدث عن ترسانة صواريخ سطح بحر التي تحتوي على أجيال متطورة من الصواريخ الدقيقة طراز كروز البحرية والصواريخ الباليستية التي يمكنها حمل رؤوس حربية تزن 500 كجم من المواد عالية الانفجار وضرب أية قطعة عائمة في البحر الأحمر والعربي بقوة نيرانية مدمّـرة”.

ويؤكّـد أن “قرار الحظر ومستوى تأثيره على كيان العدوّ قد جعله داخل حصار بحري خانق فلم يعد بمقدوره التصدير أَو الاستيراد عبر أية سفينة، كما أن خط الملاحة الذي يمر من البحر الأحمر وباب المندب والبحر العربي مغلق، ولا يوجد لديه خيار سوى طريق المتوسط والدوران على سواحل القارة الأفريقية، وهذا له تكاليفه الكارثية التي ستعصف باقتصاده، موضحًا أن جميع السفن التجارية الذاهبة إليه والموردة لبضائعه ستضطر جميعها على سلك هذا الطريق الطويل، كما أن أمريكا وبريطانيا وباقي الدول التي تحاول دعم الكيان بتصدير بضائعها له أَو الاستيراد منه ستكون سفنها محظورة وفي مرمى النيران”.

ويرى أنه “لا سبيل لتجنب هذه التداعيات سوى فتح المعابر في قطاع غزه وَإدخَال المساعدات الإنسانية دون أي شرط، مُشيراً إلى أن استمرار حصار غزة سيكون مقابله تشديد الحصار البحري على كيان العدوّ، منوِّهًا أنه في حال حصل تصعيد أَو اعتداء على اليمن من معسكر أمريكا وبريطانيا وإسرائيل سيؤدي هذا إلى اندلاع حرب بحرية مفتوحة ذات تداعيات مدمّـرة لا تتوقف عند أي سقف؛ فكل السفن التجارية والعسكرية التابعة لهم سيتم ضربها وتدميرها بشكل فوري”.

قرار فريد من نوعه:

وعلى صعيد متصل يقول الأمين العام المساعد لحزب العمل اليمني، الدكتور خيري علي: “إن قرار اليمن في منع السفن من وإلى إسرائيل قرار مشرف وقوي وفريد من نوعه؛ إذ إنه أتى في زمن صمت العالم المخزي إزاء جرائم الصهاينة البشعة في غزةَ”.

ويضيف خيري في تصريح خاص لـ “المسيرة” أن “إغلاق باب المندب أمام السفن المتعاملة مع الكيان الصهيوني يأتي مكملاً للموقف الإيمَـاني الصادق مع القضية الفلسطينية والعدوان على غزة، مشيداً ومباركاً قرارات قواتنا المسلحة التي نثق بقدراتها”.

ويدعو خيري كُـلّ قادة وشعوب الأُمَّــة العربية والإسلامية أن يكون لها موقف تاريخي تجاه كُـلّ هذا الصلف الصهيوني على الشعب الفلسطيني.

من جهته يؤكّـد الدكتور فتحي السقاف، أن “اليمن يتصدر المشهد بمواقفه العملية المساندة والداعمة للشعب الفلسطيني نيابة عن كُـلّ العرب والمسلمين ونيابةً عن كُـلّ عروبي حر شريف”.

ويوضح في حديث لصحيفة “المسيرة” أن “العالم بأسره يثمن هذه المواقف القومية والوطنية والدينية الشريفة لليمن قيادة وحكومة وشعباً تجاه القضية الفلسطينية، والوقوف مع حركات المقاومة، وإسنادها بالفعل المنفذ والمباشر بالمال والرجال والسلاح إذَا استدعى الأمر، وقد فعلت وسلمت مندوب فلسطين في صنعاء ما جاد به اليمنيون”.

ويلفت السقاف إلى أن المنطقة لن تهدأ إلا بقيام دولة فلسطين الرسمية على ترابها وعاصمتها القدس الشريف.

ويؤكّـد المسؤولون في صنعاء أن “فرض الحصار البحري على العدوّ الإسرائيلي هو قرارٌ نابعٌ من إرادَة يمنية بحتة، وتعبيرٌ عن تضامن اليمن مع الشعب الفلسطيني ودعم نضاله ضد الاحتلال، كما أنه خطوةٌ مهمة في دعم المقاومة الفلسطينية وكسر الحصار المفروض على قطاع غزة”، مؤكّـدين أن “الحصار البحري سيستمر حتى يتم رفع الحصار عن غزة ووصول إمدَادات الغذاء والدواء إلى الشعب الفلسطيني”.