أبناءُ الجنوب وبالذات أبين وظلم المجلس الانتقالي لهم
د. محمد النعماني*
خلافاتٌ شديدةٌ ما بين عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من قِبل الإمارات، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، المدعوم من قبل السعوديّة، وبين أدوات تحالف الاحتلال والعدوان السعوديّ في اليمن في اجتماع للقادة العسكريين والأمنيين في محافظة أبين.
الخلافاتُ جاءت على إثر موقف قيادات المجلس الانتقالي من أبناء أبين وَإلصاق بهم تهمة الخيانة والإرهاب وعلاقاتهم بالجماعات الإسلامية كتنظيم القاعدة وقيام قوات الأحزمة الأمنية للانتقالي بفرض الحصار والمداهمات الليلية لمنازل المواطنين في مديريات محافظة أبين؛ تحت ستار مكافحة تنظيم القاعدة وَإرهاب وتشريد المواطنين وقصف منازلهم وشن حملات اعتقالات ضدهم، دون مراعات أن العديد منهم ليس لهم علاقة بتنظيم القاعدة، بالإضافة إلى الجبايات الذي تفرض على منتجات محافظة أبين من الخضروات والسلع الأُخرى في النقاط العسكرية ومنعها من الوصول إلى أسواق محافظة عدن.
الاجتماع الذي حضره عضو هيئة رئاسة المجلس، اللواء كمال همشري، مدير مكتب رئيس المجلس، والدكتور الخضر السعيدي رئيس اللجنة المكلفة برفع نقاط الجباية في محافظة أبين، واللواء أبوبكر حسين محافظ المحافظة، رئيس اللجنة الأمنية واللواء صالح علي حسن رئيس العمليات المشتركة، واللواء محسن عسكر مستشار رئيس المجلس الانتقالي للشؤون العسكرية، وحسن غيثان رئيس تنفيذية انتقالي أبين؛ فأبناء محافظات الجنوب وبالذات محافظة أبين يعانون من الحملات الأمنية والعسكرية التي تنفذها قوات الأحزمة الأمنية والدعم والإسناد التابعة للمجلس الانتقالي في محافظة أبين كان لها أثر عميق على حياة المواطنين وخلقت حالة من الاستياء والاستنكار من الأساليب الذي يمارسها المجلس الانتقالي بحق السكان في محافظة أبين ويعاقبهم عقاباً جماعياً؛ بسَببِ تواجد جماعات تنظيم “القاعدة” في بعض المناطق الوسطى من محافظة أبين، والتي تدار من قبل الأجهزة الاستخباراتية السعوديّة والإماراتية والأمريكية وساندت المجلس الانتقالي في عملية سهام الشرق في الاشتباك وقتال تنظيم “القاعدة” في اليمن والجزيرة العربية؛ بهَدفِ تقليص نفوذ قوات الانتقالي واستنزافها في معارك قتال القاعدة في محافظة أبين بعد استنزافها في محارق الموت في مناطق الساحل الغربي في معارك تصفيات لأنصار الحراك الثوري الجنوبي بعد العام 2015م، والذين هم اليوم يتحَرّكون في شوارع عدن رافضين التواجد العسكري الإماراتي السعوديّ في المحافظات الجنوبية المحتلّة ويطالبون برحيل المجلس الانتقالي والمجلس الرئاسي والمستعمر الإماراتي السعوديّ والأجنبي من الجنوب المحتلّ، وهم الذين يرفعون أصواتهم اليوم بشكل علني بأن الجنوب اليمني محتلّ، وأن المجلس الانتقالي والمجلس الرئاسي هما جسر عبور لتحقيق الأطماع الإماراتية السعوديّة الأمريكية الصهيونية في محافظات الجنوب المحتلّ، وما موقفهم من الحرب في غزة وإغلاق حكومة صنعاء وأنصار الله باب المندب والبحر الأحمر والعربي أمام سفن الكيان الصهيوني والسفن الذي تقدم لهم المساعدة، والإعلان العلني لسماحة السيد عبدالملك الحوثي، المشاركة إلى جانب المقاومة الإسلامية والوطنية الفلسطينية في غزة ودول محور المقاومة في الدفاع عن غزة وأبناء الشعب الفلسطيني، دليل عن ذلك وعن تلك الكيانات التي صنعتها الأجهزة الاستخباراتية السعوديّة والإماراتية والأمريكية والصهيونية لخدمة أهدافها في اليمن، وتحويل أبناء الجنوب الأحرار الشرفاء من ثوار ساحات العروض بمدينة عدن إلى مرتزِقة في جبهات القتال في اليمن وَليبيا والسودان وَأوكرانيا، وأخيراً في غزة ضد المقاومة الفلسطينية، والانتهاء بإعلانهم المشاركة في تحالف غربي عالمي لفك الحصار عن سفن الكيان الصهيوني والسفن المتعاونة معهم في البحر الأحمر والبحر العربي؛ فهؤلاء المرتزِقة لا يمثّلون أبناء اليمن الذين هم اليوم في الصفوف الأمامية في جبهات القتال في مقاومة العدوان والاحتلال السعوديّ الإماراتي في اليمن والدفاع عن الشعب الفلسطيني وَمناصرة قضايا الأُمَّــة العربية وَالإسلامية وقضايا الإنسانية.
ونعود ونقول: إن فشل عملية “سهام الشرق” في محافظة أبين عن تحقيق أهدافها التي كان لها أثر سلبي على حياة المواطنين، وَتركت آثار الموت والقتل والدمار والترهيب والملاحقات والخوف والقلق والانفجارات اليومية واستهداف قوات الأحزمة الأمنية من قبل تنظيم القاعدة ومنع الأهالي من الوصول إلى أعمالهم في المزارع والحقول وتحَرّكاتهم بين المديريات، والزج بأبناء محافظة أبين في المعتقلات بتهمة الإرهاب وعلاقاتهم بتنظيم القاعدة كانت لها آثار على تعاطف ومساندة أهالي بعض مناطق أبين لتنظيم القاعدة، بينما يوجد في محافظة الضالع معسكرات السلفيين والقاعدة وتنظيمات إسلامية أُخرى، ولكن لم نرَ أي تحَرّك أَو عقاب ضدهم من قبل الانتقالي، بل إن أبناء الضالع هم قيادات عليا في المجلس الانتقالي ومؤسّسات المجلس الانتقالي والرئاسي ويحرم أبناء الجنوب من تلك الوظائف وَهي محتكرة على أبناء الضالع؛ فالانتقالي يوماً بعد يوم يؤكّـد أنه كيانٌ عُنصريٌّ ومناطقي ضرَبَ النسيجَ الاجتماعي اليمني ومزَّق الروابطَ القَبَلية والأسرية بين أبناء اليمن بالذات أبناء الجنوبـ وفشل في إدارة مدينة صغيرة كمدينة عدن وَحوَّلوها إلى مدينة أشباح يحكمها المرتزِقة والجماعات المسلحة من قادة قوات درع الوطن والأحزمة الأمنية والعاطفة والعمالقة وقسمت إلى مربعات لكل كيان عسكري من المرتزِقة يتحكم بها وينشر النقاط العسكرية؛ بهَدفِ ابتزاز المواطنين وفرض الجبايات عليهم، في ظل انعدام أي معالم لأية دول كانت في جنوب اليمن المحتلّ؛ فكل أبناء الجنوب يعانون من الإهمال والحرمان؛ بسَببِ الأساليب التعسفية وَالظالمة لهم من قبل قيادات المجلس الانتقالي، فالتواجد الأمني والعسكري لقوات الانتقالي في محافظات الجنوب وعسكرة الحياة المدنية وتحويل المحافظات إلى معسكرات أحدث تأثيراً سلبياً على الحالة الأمنية في كُـلّ المحافظات وفي محافظة أبين نفسها؛ فالجبايات غير المشروعة على الخط الدولي الساحلي، وتأثيراتها السلبية على المواطنين، والمارين بالخط الدولي، رغم مطالبات كُـلّ أبناء الجنوب المحتلّ برفع جميع نقاط الجباية العسكرية وَالأمنية، وَانتشار الألوية وَالوحدات العسكرية للمجلس الانتقالي في المدن وفي أراضي المواطنين في الأرياف القريبة من منازلهم دون مراعاة واحترام لهؤلاء المواطنين وممارسات عليهم الظلم والتعسف.
اللقاء الذي جمع المرتزِق الزبيدي بقيادات أبين العسكرية لم يصل إلى اتّفاق يؤدي إلى رفع الجبايات والنقاط العسكرية والأمنية وإنهاء الحصار ومعاناة أبناء محافظة أبين من قبل المجلس الانتقالي، ويبدو أن تداعيات أحداث13 يناير 1986م وتداعيات ومتغيرات الاجتياح العسكري لمحافظات الجنوب 1994م الذي شارك فيها أبناءُ أبين إلى جانب قوات الرئيس المقتول السابق عفاش ما زالت وَحتى اليوم لها تداعيات وَأثرٌ عميقٌ في نفوس أبناء الضالع، تركت آثاراً كبيرة في تدهور علاقات أبناء الضالع بأبناء أبين حتى الآن، على الرغم من دعوات المصالحة والتسامح وإنهاء تداعيات أحداث 13 يناير 1986م، فلا خيار اليوم أمام أبناء الجنوب سوى تحرير الجنوب من المستعمر الإماراتي السعوديّ الأمريكي الصهيوني، فمعركتنا اليوم مع الكيان الصهيوني الأمريكي في المنطقة العربية والإسلامية، وعلينا أن نكون في مقدمة الصفوف، مستعدِّين لكل الخيارات.
* الناطق الرسمي باسم الحراك الثوري الجنوبي