ضرباتُ اليمن حجّـةٌ على الأُمَّــة والعالم
ياسين العسكري
ضمن سنة الله وإدارته لشؤون مملكته، وتدبيره لشؤون خلقه، كأنظمة ثابتة، وقوانين محدّدة، أن يجعل للناس في كُـلّ زمان آية عليهم وحجّـة تدحض كُـلّ حجّـة يقدمونها في إطار تنصل عن المسؤولية الكبرى، والهم الأكبر؛ ففي زماننا هذا الذي بلغ فيه النقاق ذروته، وَالضلال والإضلال قمته، وأصبح من يدير فيه شأن الأُمَّــة، ويحكم فيه، ويعمل على توجيهها؛ هم أعداؤها: أَئِمَّةُ الْكُفْرِ المتمثلون بالعدوّ الأمريكي والكيان الصهيوني، وأصبح فيه واقع الأُمَّــة هو التخاذل والذل والاستسلام، والحيد والتنصل عن المسؤولية، فأصبحت الأُمَّــة ما بين متخاذل ومتنصل، وما بين ذليلٍ ومستسلم، وما بين مسارع في تولي العدوّ وهو الأسوأ، وإن اختلفت المسميات؛ فَكُلٌّ خذل الحق وأهله، ونصر الباطل وحزبه.
في واقع هذا جوهره ولم يكن السبب أن الأُمَّــة تعاني من نقص في الماديات، أَو القدرات العسكرية، أَو نقص في القوة البشرية، بل كان السبب؛ أن الأُمَّــة ضربت في دينها الذي هو مصدر عزتها، وقوتها، وشرفها، وبدونه لن تقوم لها قائمة، ولن تقف موقفًا تبدو فيه عزيزة أمام أعدائها، ومتعاونة فيما بينها، وهذا ما أثبته الواقع اليوم؛ نرى إخواننا في فلسطين وغزة، يقتلون وتسفك دمائهم وتقصف منازلهم أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع، ويقف الأمريكي والغرب معَ “إسرائيل”، والأمة لم تحَرّك ساكناً ولم تستطع حتى أن تدين ما يفعله الإسرائيلي من جرائم وحشية، وإبادة جماعية؛ فكانت إرادَة الله سبحانه وتعالى أن يجعل الحجّـة قائمة على كُـلّ الأُمَّــة بل على كُـلّ العالم.
في شعب اليمن الذي لم يألوا جهداً في نصرة الشعب الفلسطيني، والانتصار لمظلوميته الكبرى بكل ما يستطيع، ولم تكن شعاراتهم مُجَـرّد أقوال وعبارات للمزايدة والاحتيال، بل كانت إيماناً وموقفاً تجلى بالأفعال والأعمال؛ لأَنَّ المعايير التي تحَرّك الشعب على أَسَاسها، ونظر من خلالها إلى الواقع والأحداث، لم تكن بشرية، ولا سياسية، وإنما منبثقة من رؤية قرآنية إيمانية صادقة تؤمن بأن الله هو غالبٌ على أمره، والكون كونه، والأرض والسماوات ملكوته، وأنه هو من يصنع المتغيرات لأوليائه الذين يسيرون على هديه، فيجعل أعدائهم من يخدمهم من حَيثُ لا يشعرون، فانتصر اليمن لقيمه وأخلاقه ومبادئه ولا زال مُستمرّاً في عملياته البحرية في حصار العدوّ الإسرائيلي وخنقه طالما استمر العدوان على غزة، رغم ما نعانيه كشعب محاصر محارب منذ تسع سنوات لكن لا نبالي بكل ذلك؛ لأَنَّ المنطلق والغاية هي في سبيل الله ومن أجل إعلاء كلمته ونصر دينه ومقدساته، وإيماننا بأن النصر آتٍ وقريب، وأن نهاية وَزوال الطغاة وهيمنتهم قد أصبحت قاب قوسين أَو أدنى.
فيا أُمَّـة الإسلام قد آن الأوان أن تعودي إلى الله وإلى كتابه، وَأن تعملي على تصحيح النظرة والتوجّـه، وتوحيد الصف تجاه العدوّ الحقيقي، وإلا فَــإنَّ العاقبة سيئة، والعقوبة أسوأ، والله المستعان.