غــــــــزة.. دمٌ وَبندقية

 

دينا الرميمة

شهران ونصف الثالث من عمر الطوفان الفلسطيني والحرب الصهيونية على غزة، وَلا تزال سفينة المقاومين تبحر باتّجاه طوفانها، وَعلى عكس مشيئة الكيان الصهيوني وَالحرب التي اعتبرها الصهاينة حرب وجود وإلغاء فكرة الدولة الفلسطينية وأية سيادة للفلسطينيين.

ولا تزال المقاومة تثبت قدرتها في الحفاظ على أهدافها الحيوية بما فيها الأسرى الصهاينة، الذين تبوء كُـلّ محاولة عسكرية لاستعادتهم بالفشل وَتكون بعضها سبباً لقتلهم، وتقول المقاومة إن كُـلّ الأرض لو اجتمعت وقد اجتمعت لن تستطيع تحريرهم إلا بشروطها!!

وعلى الرغم من الفارق الكبير في موازين التسليح لحماس أمام الترسانة الضخمة للجيش الصهيوني إلا أن قذائف الياسين ١٠٥ ورصاص البندقية انتصرت على خبث تكنولوجيا أمريكا وسعير الغرب وَنسفت أحلام نتنياهو بوراثة حماس، وَجعلت الحديثَ عن اليوم الثاني بعد حماس وَهْمًا وسرابًا، لا سيَّما أن صواريخ المقاومة لا تزال تصل إلى العمق المحتلّ، وَمن شمال غزة الذي أعلنت الحكومة الصهيونية إحكام سيطرتها عليه خلال الأسابيع الأولى من عملية الاجتياح البري!! في دلالةٍ على أن الشمال كان ولا يزال حتى اللحظة عصيًّا عليهم، وَتحول إلى مقابر وَكمائن أُعدت وَاستعدت لهم في كُـلّ زاوية وَركن وموت كامن في مسام الهواء وتحت ركام ودمار قصف طائراتهم، خَاصَّة في مدينة الشجاعية التي كان لها من اسمها نصيب وتصدت بكل عنفوان لألويتهم وعلى رأسهم لواء جولاني الذي قال أحد قادة كتائبه تحديداً قائد الكتيبة “١٣” إن لهم ثأراً فيها، في إشارةٍ إلى معركة العصف المأكول التي خاضوها في عام ٢٠١٤م وَمشاهد القتل والهزيمة التي أخرجت الكثير منهم عن الخدمة بين قتيل ومعاق وأسير بينهم الأسير شاؤول أرول الذي كان صيداً للمقاومة!!

شجاعية الأمس التي استعصت عليهم هي ذاتها اليوم التي جاؤوها طالبين الثأر منها فثارت عليهم وَانتفضت بدمارها وَدماء وجثث أبنائها المغطاة بالتراب والدموع للثأر منهم وحصدت رؤوس الكثير منهم أغلبهم قادة وضباط، وهذا ما جعلهم يقرون بصعوبة القتال فيها وتحت الأرض وَفوقها وصفوا قتالهم عليها، في دلالة على صمود وثبات وَغزة التي لا تكاد تكفكف دموع مجزرة حتى تفجع بأُخرى، وبأفعال مقاومة استطاعت بحبر الدم ورصاص البندقية كتابة النصر لغزة، ما جعل بايدن يتحدث عن عمليات أقل فضائحية وأخف جنوناً من سابقتها التي كادت تردي به وبمنصبه قتيلاً تحت أقدام الشعوب المؤيدة لغزة، ووصف حكومة نتنياهو بالأكثر تطرفاً خَاصَّةً وأن بن غفير وَبعض وزرائها جعلوا من هذه الحرب حرباً انتقامية من الشعب الفلسطيني جعلت حياة اليهود على المحك، إلا أن نتنياهو لا يزال مصراً على الحرب ومهما كان الثمن هروباً من الاستحقاقات السياسية التي تواجهه، كما تقول أسر الأسرى التي تضغط عليه بعودة أبنائهم أحياء، ولن يكون إلا بالمفاوضات التي لن تكون إلا بالحرب، بعد أن أُصيبوا بخيبة أمل من تحقيق أهداف الحرب خَاصَّةً المستوطنين في غلاف غزة والشمال المحتلّ الذين تسببت لهم الحرب في رحيلهم عن مستوطناتهم وَفرضت عليهم حياة يسودُها الخوف والحزن على قتلاهم وقلق من تداعيات الحرب، التي باتت تهدّدهم حتى بلقمة عيشهم، خَاصَّةً مع الحرب الاقتصادية التي أعلنتها اليمن على الكيان وفرضت معادلة النار بالنار والحصار بالحصار لتكون سلاحاً فعالاً بيد المقاومة تفاوض به على إنهاء الحرب والحصار.

وفي ظل ما يعيشه الكيان من عزلة وخسران وهزائم وانقسام فَــإنَّ الإصرار على خيار الحرب من قبل نتنياهو هو خطأ سيكون عاقبته زوالهم، ولن تحميه مشاهد القتل وطول أمدها من قضبان سجن باتت هي الأكثر قرباً له من غزة التي أكّـدت أنه لن يطأها أَو يجد ريحها.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com