عميدُ النصر من يمن الانتصار
كوثر العزي
جعلنا من أشلائنا المتناثرة منصة انتصار، ومنظومات تُطلق منها صواريخ بالستية، جعلناها طائرات مسيَّرة، وحممًا بركانية، أوجدنا من العدم ترسانةً عسكرية متمكّنة، ومن جيشٍ للاستعراض لجيشٍ متلهف للجهاد والاستبسال، ومن حصار تسع سنوات لليمن لـتحريرٍ شاملٍ للمنطقة ودحر الصهاينة والمتصهينين، قلبنا الطاولة الحربية وتربعنا نحن على عرش النصر والتمكين، سياسياً واقتصاديًّا، مسكنا زمام الأمور، يمن الإيمان، بمواجهة قرن الشيطان بقيادة غربية.
فُتحت جبهات عديدة، وتحشيد مكثّـف من قبل العدوّ، تزوير إعلامي وانتصارات وهمية، وَشائعات متناثرة، ومحاولة زعزعة الجبهة الداخلية، نعم هكذا تمت إدارة حربهم العبثية، اختلفت الأدوار وتسابق الليل والنهار، ومرت السنيين العجاف بمرها ودمارها والقتل والاضطهاد، لقي فيها الشعب اليمني أبشع الجرائم بحق الإنسان.
تحت المجهر العالمي دون إدانة واستنكار، حين تتعالى أصوات صاخبة لتقتحم السماء وتعلن وصول آلة القتل، حينها تنهمُر غارات تجعل كلاً من الصغار والكبار أشلاء، حصار يتفنن بعزلنا عن العالم، وعالم يغض بصره عن تجبر الطغيان.
حربٌ أَسَاسها السيطرة على باب المندب وبقية المواقع الاستراتيجية التي تمكث في الخارطة اليمنية، محاولة نهب ثرواتها، وطمس هُــوِيَّتها الإيمانية، وتوسيع دائرة الاحتلال الأمريكي، وجعل المنطقة ثكنة عسكرية، للمارينز الأمريكي، وَأَيْـضاً التحكم بالملاحة العالمية، ليصبح العالم تحت الهيمنة والوصاية، لكن ما لم يكن في الحسبان، أن اليمن كبحر موسى يغرق من أراد التفرد بالمنطقة وجعلها سجينة لا حول لها ولا قوة.
شاء القدر للقدس، وأراد لها الدهر، أن تنفض غبار الانتكاسة، وأن يسعى رجالها بقيادة القسام، لتحرير أرضها وتطهيرها من دنس اللقيطة، دعوها تتنفس الحرية وتنعم بالكرامة، وتعانق العزة والإباء، وأن يُكتب لها عمرٌ جديدٌ دون الاستعمار، ليبدأ حينها طوفانها بدق طبول المعركة، منذ أن كُشفت حقيقة اللوبي الصهيوني من تغريب للفلسطينيين وتشريدهم، وبناء مستوطنات جديدة في بقية الأرض الفلسطينية، وجعلها وطنًا خالصًا لليهود.
فما إن بدأت المعركة بقصف اليهود وترهيبهم، وبث الرعب في مساكنهم وحرق ما بقي من قوتهم، حتى ثار حكام الغرب، والمتصهينون من العرب، لتتلقى إسرائيل الإغاثات العالمية، والدعم الكامل، دولٌ عربية تكفلت بالحماية، وأُخرى بالدعم العسكري، هذ ما لم يكن في الحسبان.
القدس أَمِلَت في الشعوب العربية، ولكن الحُكام باعوا عروبتهم على مسمع ومرأى العالم، وعرب بعد منتصف المعركة اعتادوا على تلك المشاهد الدامية التي تقوم على الساحة الفلسطينية، على المجازر المروعة، والأعمال العدائية التي تتنافى مع العقيدة الإنسانية، وتدينها وتستنكرها جميع الديانات.
تلك الأعمال الإجرامية إن دلت على شيء فَــإنَّما تدل على أن إسرائيل كما قيل عنها غدة سرطانية ومرضٌ خطيرٌ يفتك بالشعوب ويستنزف دمائها، تعيشُ على نهش أجساد المسلمين، وتود لو أنها تحجب عنا الهواء وتبثُ في سمائنا ثاني أكسيد الكربون، تريدنا عبيداً تحت الأقدام لا نقاوم، وأن تتربع هي على العرش العربي.
جبابرة وهامات دموية، صهاينة رضعوا حليب الوحشية، نشأوا منذُ الصغر على القتل والتشريد، ومن المؤسف جِـدًّا أن نرى ثمار إسرائيل تقطف في وضع حساس جِـدًّا، ومنعطف خطير، وكشف للغطاء وتعرٍّ كامل لحكام الأُمَّــة العربية.
فما بعد التسع سنوات من المقاومة والتحمل، من الصبر والسعي، من التضحية والجهاد الحيدري، يبزغ السيف اليماني ويقف اليوم بكل عنفوان وقوة للانتصار لإخواننا في غزة والضفة، تلبيةً لنداء الله، ونصرةً لمقدساتنا التي طال بها القيد، وتركت وحيدة تقاوم.
حينها يعتلي العميد ليُرسل الهدهد بنبأٍ من سبأ للعالم، بأن المندب نارٌ، وأن القوات البحرية في أتم الاستعداد وأنها ترصد التحَرّكات الصغيرة قبل الكبيرة، حصاراً لإسرائيل، ونهاية لكل من يتعامل معها بشكل علني وسري، في البحر الأحمر والعربي.
إن الملاحة العالمية في قبضة الجيش اليمني، يُـمنع دُخول الـبارجات والسُفن الصهيونية، أَو الممولة لـ “إسرائيل” من دول العالم، وأنه لقرار السيد القائد، وباسم الجيش اليمني سـيُنفذ، فحصار غزة مقابل حصار إسرائيل كما جاء في بيان العميد “كُل السفن في العالم في أمان ما عدا المتجهة نحو إسرائيل”، أما الغدة وجرذانها تحاصر حتى غزة العز تتنفس الحرية، والله على ما نقول شهيد، فنحن المدد لغزة، ونحن النصر، حتماً إنه لكيانٍ زائل مؤقت، وبحسمٍ يماني بإذن الله سيزول.