اليمنُ بقيادة فريدة يصنعُ التحوُّلات
هاشم أحمد وجيه الدين
منذ انطلاق عملية “طُـوفان الأقصى” المباركة وما نتج عنها من ردة فعل من قبل الكيان الصهيوني الغاصب ومعه أمريكا والغرب باستهداف المدنيين الآمنين والنساء والأطفال بالقتل والحصار والتجويع والتدمير الممنهج للبِنية التحتية بشكل عام وارتكاب مجازر الإبادة الجماعية بحق المواطنين في قطاع غزة، على مرأى ومسمع من العالم أجمع ومنظمات وهيئات الأمم المتحدة التي لم تحَرّك ساكناً بل اتجهت لدعم تحَرّكات الكيان المجرم، كذلك كان الموقف العربي والإسلامي المذل والمخزي لغالبية الدول المنبطحة والمطبِّعة مع الصهاينة باستثناء المقاومة العراقية وحزب الله في لبنان.
وأمام كُـلّ ذلك برز موقفُ القيادة اليمنية الحرة والشجاعة متفرداً وجريئاً وعلنياً ومتصاعداً، حَيثُ بدأ باستهداف العمق الصهيوني بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، ثم أخذ منحىً تصعيدياً باستهداف السفن الإسرائيلية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، ثم تصاعدت حِدَّتُه باستهداف أية سفينة في البحرَين الأحمر وَالعربي متجهة إلى موانئ الكيان الغاصب أَيًّا كانت جنسيتها، وهذا التصعيد يُعتبر حصاراً بحرياً لإسرائيل بكل ما تحمله المفردةُ من معانٍ.
هذا الموقفُ الديني والإيمَـاني كانت له أبعادُه الاستراتيجية على اقتصاد الكيان الصهيوني وروحه المعنوية، وفي الوقت ذاته كان له دورٌ حاسمٌ واستراتيجيٌّ لناحية تقليص التواجد الأمريكي والبريطاني والفرنسي في البحرَين الأحمر وَالعربي.
تداعياتُ هذا الموقف الشجاع لليمن العزيز على المستوى العربي والإسلامي، أفرزت وعياً متنامياً لدى الشعوب العربية والإسلامية، لا سِـيَّـما مع حالة التدجين الفكري والثقافي التي مارسها العدوُّ على شعوب أمتنا باستخدام إمبراطورياته الإعلامية وعملائه من الحكام والنخب السياسية والإعلامية والدينية والأكاديمية، حتى وصل بها الحال إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية، وأُصيبت الأُمَّــة العربية والإسلامية بحالة من اليأس أمام هذه الحالة من الخنوع والذل للحكام والنخب تجاه إسرائيل.
لكنها عندما شاهدَتْ هذا الموقفَ اليمني الشجاع والعملي عاد إليها الأمل بأن هناك نوعيةً من القيادات الصادقة والمؤمنة باستطاعتها إحياءَ الأُمَّــة واستنهاضها للقيام بمسؤولياتها الدينية والأخلاقية والإنسانية؛ فتفاعلت الشعوبُ مع هذا الموقف الحُر، والتفَّت حوله، وأشادت به، وأخذت حالةُ الوعي الجمعي العربي والإسلامي في الاتساع يوماً إثر آخر.
إن أَسَاس المعركة مع العدوّ الصهيوني والأمريكي هي معركة وعي وَبصيرةٍ، وحالة الوعي الذي أنتجها موقفُ اليمن ما كان لها أن تتحقّقَ بعدةِ سنوات من العمل الثقافي والفكري، لكنَّ المواقفَ العملية الإيمَـانية الصادقة -بفضل الله وتأييده لها- تصنعُ التحوُّلات.
وها هي اليمن تصنعُ التحولات في المنطقة والعالم، وتُعيدُ ترتيبَ التحالفات والاصطفافات وفقَ السُّنَن الإلهية.
وبدون أدنى شك ستكونُ الغلبةُ للمنطلقين في سبيل الله وفقَ توجيهاته وتعليماته في القرآن الكريم؛ فهذا وعد الله، والخزي والعار لأولياء الشيطان، إن كيدَ الشيطان كان ضعيفاً.