الكذبُ “حقائقُ” أمريكا البديلة!
عبد الكريم الوشلي
الكذبُ جزءٌ أصيلٌ من السياسة الأمريكية الصهيونية، ومكون أَسَاسي في خلطتها الإبليسية التي يتجرع العالم مرارتها العلقمية منذ زمن ليس بالقصير.
تنبئنا التجربة مع الغرب الصهيوني العنصري المهيمن والمستكبر أن وعوده سراب ومواثيقه أنكاث، وأننا نُلقي بعقولنا وحقوقنا في مهب الريح حين نصدق أي تصريح أَو قول لمسؤول غربي أَو أمريكي يعِدُنا بخير في أيٍّ من قضايانا أَو مظلومياتنا ومآسينا التي لهم اليد الطولى في هندستها وتصميمها وصنعها..
بناءً على ذلك يجبُ أن نفهمَ ونتعاملَ مع أكاذيب المسؤولين الأمريكيين من بايدن إلى كمالا هاريس وبلينكن وغيرهم، فالأمريكي الذي أعطى السفاح “الإسرائيلي” كُـلّ ما يحتاج من دعم وإسناد وغطاء ووقت لذبح أبناء غزة على النحو الذي نراه ويراه العالم، لا يمكن أن يتمتعَ بذرة صدق أَو إقناع حين يبث خزعبلاته هنا وهناك من قبيل “لاءات كمالا هاريس”، أَو حثِّه قاتلَه الصهيونيَّ الذي أطلق يدَه في ذبح الفلسطينيين وتدمير بنيانهم على التخفيف من الخسائر في صفوف المدنيين، وغير ذلك من الضحك على الذقون وشرُّ البلية الذي لا يُضحك على الإطلاق!
الأمريكي هو العدوُّ الأصيلُ في كُـلّ ما نتعرض له كأمة وفي المقدمة الشعب الفلسطيني، وهذه حقيقةٌ ثابتةٌ يعجزُ عن محوها مكرُ هذا العدوّ وتضليله وحتى قاموسُه التضليلي في تزوير الحقائق وتزييف الوقائع تحت العنوان الشيطاني الإلتوائي (الحقائق البديلة)!.
فقتلُ الشعوب وإبادتها، في قاموسه الظلامي، حرية أو تحرير ودفاع عن النفس، ونهب ثروات الأوطان والأمم.. مساعدات، وتخريب الاقتصادات وإفشاء أشكال الفساد.. إصلاحات، وخيانة الوطن والقتال إلى جانب العدوّ والغازي الخارجي.. مقاومة. والتفريط في الحقوق.. اعتدال والعكس بالعكس!
ولنتذكر، سِوى ما يحدُثُ في غزة اليوم، مثلاً حياً آخر لَمَّا تبرد حرارةُ جُرمهم فيه بعد، فالقتل الوحشي والتدمير في اليمن على مدى ٩ سنوات بأحدث وأفتك أسلحة الطيران وأشدها تدميرا، بما معه وفيه من إف١٦ وإف١٥ ورافال وأباتشي وقاذفات جوية لأحدث ما صُنع في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وكندا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا.. من قنابل وممزِّقات لأشلاء الأطفال والنساء وأشدها تدميرا، وما قذفته البارجات الجوَّابةُ لبحارنا من كُـلّ اتّجاه وفي كُـلّ اتّجاه..، وما قامت وتقوم به الأنظمة العميلة والوظيفية وقواتها ومرتزِقتها في الحدود وفي بقية المناطق المحتلّة، وكلُّ اقترافات آلياتهم ودروعهم من أبرامز وشكوش وبي إم بي وبرادلي.. بالإضافة إلى الحصار الإجرامي الذي لا نظير له… كُـلّ هذا وذاك صراع أَو اقتتال داخلي يمني ولا دخل لتحالفهم “العبري” ولا لأي طرف خارجي فيه! كُـلُّ ما فعلوه ويفعلونه مُجَـرّد مساعدة بسيطة لأجل الشرعية!!
هذا هو المنطق الأمريكي الغربي العُنصري العدواني المستكبِر المفتري، ومنطق مَن والاه ورقص على أنغامه من عملاء وأدوات وأبواق وألسنة شيطانية مستعارة وتنظيمات مموهة مخاتلة.. بما في ذلك الأمم المنحطة!
الحاصل أن ما دأبت على ممارسته قوى الهيمنة والعدوان وعلى رأسها أمريكا -فضلاً عن إجرامها العسكري والاقتصادي والأمني والحقوقي والثقافي بحق الإنسانية جمعاء- من عدوان على الحقائق والوقائع، بقصد التغطية على جرائمها وجرائم أدواتها وعملائها بحق الشعوب المظلومة، كما هو حاصل للشعب الفلسطيني المظلوم المستضعَف على مدى زمني يناهز المئة عام ويُتوج اليوم بهذه المذبحة المهولة، ولشعبنا العزيز المعتدى عليه في يمن الحكمة والإيمان منذ 9 سنوات.. كُـلّ ذلك لم يعد كذبًا ولا حربًا معلَنة على الصدق كقيمة.. بل هجوم وقح فج على الواقع، على المنطق، على حواسنا، على المعاني الملموسة.
هؤلاء الصهاينة العدوانيون المتجبرون، مع كُـلّ جرائمهم ومذابحهم غير المسبوقة، يقودون حربا شعواء على العقل والمعقولات، على اللغات ومعانيها، على القواميس والمعاجم، على ثقافة المعقول الإنساني والبديهي، فطريًّا وإدراكيًّا ووجدانيًّا.. على كُـلّ مَـا هو آدمي في المعروف والمألوف وكل مَـا هو مسلَّمٌ به إنسانيًّا..
كل ذلك أُضيف إلى أجندة عمل الشيطان الأكبر ومنظومته اليهودية الصهيونية السياسية والعسكرية والاستراتيجية.. وهي الأجندة التي تشمل في مضمونها واستهدافها، كما هو معلوم وملموس، إبادة الشعوب التي لا تروقها أَو تنصاع لها، بكل وسائل الإبادة حتى تلك التي لا تخطر على بال إبليس نفسه وقد تكون متغطية بشعارات إنسانية بالغة النعومة والجاذبية.. كما تشمل مختلف أنواع البلطجة السياسية والعسكرية والثقافية والسطو على حقوق الآخرين المختلفة، بشتى الأشكال والذرائع والوسائل، التي لا تتقيد فيها بأي قيد أخلاقي أَو قيمي أَو منطقي.
كما تشمل ما طفا على السطح في الآونة الأخيرة من سعي محموم وقح لفرض ثقافة الشذوذ والانحلال على العالم البشري بكله، بوصف ذلك أحد أخطر الوسائل الشيطانية المبطنة والهادئة لاستعباد البشرية، بل إبادتها على نحو ممسوخ وبعيد المدى!