ناشطون وإعلاميون وأكاديميون عرب تعليقاً على خطاب السيد القائد: الخطابُ تاريخي واستراتيجي ويضعُ حداً للهيمنة الأمريكية في المنطقة
أكّـدوا أن السيدَ عبد الملك رسم معادلةَ المواجهة في وجه الأمريكيين وأن ورطة الأمريكيين مكلفة بحراً وبراً
المسيرة | أيمن قائد
وُصِفَ خطابُ قائد الثورة السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي، الذي ألقاه الأربعاء الفائت، حول المستجدات الأخيرة في فلسطين المحتلّة بالخطاب الاستراتيجي والتاريخي الذي حدّد ملاحم النصر ورسم فصلاً جديدًا من فصول المواجهة المباشرة مع العدوّ الأمريكي والصهيوني.
وقال محللون سياسيون وناشطون إعلاميون عرب: “إن السيد القائد رسم معادلة المواجهة في وجه الأمريكيين وإن الورطة لواشنطن ستكون مكلفة براً وبحراً، وإن ما على الأمريكي هو أخذ هذه التهديدات والتحذيرات بعين الاعتبار”، معتبرين اهتمام الإعلام العربي والأجنبي بالخطاب دليلاً على قوة الموقف الذي اتخذته صنعاء في البحر الأحمر والتي أصبحت في مواجهة مباشرة مع أمريكا وحلفائها نصرة لغزة ولفلسطين ومقاومتها.
ويرى مراقبون أن صنعاء قد وضعت الأمريكي في خيارَينِ وهما: إما الخضوع وتحقيق المطالب أَو المجازفة والتصعيد الذي سيدشّـن معركة التحرّر من الهيمنة الأمريكية في المنطقة.
وأكّـد نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، محمد الهندي أن موقف اليمن يعبر عن عزة الأُمَّــة وصدقها رغم البعد الجغرافي.
وَأَضَـافَ في حديثٍ لقناةِ “الميادين” الفضائية أن موقفَ اليمن غيرُ مفاجِئٍ؛ لأَنَّ القوات المسلحة نفذت ما وعدت به، مبينًا أن العالم اليوم يحسب حساباً لليمن، الذي كشف موقف سائر الدول العربية، كما كشف أن الأُمَّــة تملك إمْكَانات معطلة.
وقال: “إن من يدخل المعركة كما فعل اليمن، قيادةً وشعباً، يتشرف بأن يأخذ دوره وينال احترام العالم”، مذكراً أن مشاهد المسيرات في صنعاء لا تتكرّر في عواصم عربية أُخرى.
وشدّد على أنّ الولايات المتحدة وكيان العدوّ لن يستطيعا أن يفعلا شيئاً لثني اليمن، مؤكّـداً أنّ خيارات واشنطن صعبة، وهي لا تريد أن تنزلق الأمور في اتّجاه حرب إقليمية، مؤكّـداً أن المقاومة الفلسطينية في حرب مفتوحة، وأمام جولة من جولاتها التي تحقّق النصر فيها، مُضيفاً أنها مستعدة للاستمرار في القتال فترة أطول مما يتوقعون، ومتحدياً أن يأتيَ أحدٌ بصورة واحدة فقط لفلسطيني يسلم سلاحَه.
وشبّه الهندي هذه الحرب، التي وصفها بالمصيرية، بما جرى عام 1948؛ لأَنَّ ما سيأتي بعدها مغاير لكل ما سبقه، لافتاً إلى أنّ نتيجة هذه المعركة لا تطال فلسطين فحسب، بل كُـلّ المنطقة أَيْـضاً.
فصلُ الخطاب:
وتصدَّرَ خطابُ السيد القائد مواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام، وعبّر الكثيرون عن إشادتهم بالموقف اليمني وبخطاب السيد القائد الذي وصفوه بالناري والاستثنائي.
وكتب الدكتور محمد البحيصي، تعليقاً على الخطاب بقوله: “لا تدري أفعل هذا السيد يسبق قولَه أم أن قولَه يسبق فعلَه أم هما يسيران معاً؟ مردفاً “لا أتجاوز الحقيقة إن قلت إنّ الكلمة التاريخية للسيد عبد الملك تدشّـن لعصر عربي إسلامي تستعيد فيه الأُمَّــة دورها المؤسّس على هُــوِيَّتها الإيمَـانية وتطوي صفحة مثقلة بالهوان والخضوع والتبعية والضعف وتخط في كتاب التاريخ فصلاً مجيِّدًا من فصول الإنسانية.
ويضيف الباحث البحيصي أن اليوم برز الإيمَـان كله في مواجهة الكفر كله، وأن اليوم حضرت بدر والخندق والفتح واليرموك والقادسية وحطين وعين جالوت و”طُـوفان الأقصى” وكلّ أَيَّـام الأُمَّــة، لافتاً إلى مضمون خطاب السيد القائد بأن العزة الإيمانية تجلت والبصيرة المحمدية واليقين العلوي والسمت الحسني والشجاعة الحسينية الزيدية والاستثنائية والإرادَة الحوثية.
معادلة المواجهة:
أما الناشط الإعلامي والصحفي اللبناني خليل نصر الله فقال: “لم يتأخر السيد عبد الملك الحوثي -قائد الثورة في اليمن، ليخرج راسماً معادلة ضخمة في وجه الأمريكيين وشركائهم بعد قرارهم إسناد الكيان الإسرائيلي في البحر الأحمر عبر حماية سفنه أَو السفن التي تتجه إلى موانئه من الضربات اليمنية التي تأتي في إطار إسناد المقاومة في قطاع غزة ولا تستهدف الملاحة الدولية”.
وأوضح أن السيدَ القائدَ في خطابه وضع النقاط على الحروف باتّجاه أي عدوان أمريكي على بلده مهما كان شكله أَو عنوانه ورسم معادلات جمة تصل حَــدّ احتمالية إنزال الأمريكيين قواتهم على أرض بلده، وأن السيد قد بدأ برسم المسارات في مواجهة أي عدوان مرتقب وأكّـد أن أي استهداف أميركي لليمن سيعني استهداف صنعاء للبوارج والملاحة الأمريكية، موضحًا أن قرار توسيع المواجهة بما يشمل مصالح أمريكية بيد واشنطن وأن صنعاء في موقع الدفاع عن النفس والسيادة.
ويرى نصر الله أن السيد القائد قد حسم أمر صنعاء المبادر للرد وبقوة عبر التأكيد على أن أية ضربات ستواجه بضربات وأن منطق الضربات ثم إرسال وساطات لتهدئة الوضع لن يحصل، معتبرًا بأن في هذه المسألة تأكيد على أن صنعاء كانت قد حسبت خطواتها بدقة ومنذ اللحظات الأولى لتوجيه ضرباتها ضد الكيان الإسرائيلي ومن ثم توسيعها بحراً ضد سفنه، منوِّهًا إلى أن واشنطن حركت أساطيلها مع بعض حلفائها، بعد تردّد عن التصرف بشكل منفرد، وهو ما يعني توريطاً جماعياً في حال حصل احتكاك بحري مع القوات اليمنية التي تؤكّـد مواصلة حماية الملاحة الدولية من جهة واستهداف السفن المرتبطة بالإسرائيليين أَو تلك المتوجّـهة إلى شواطئ “إيلات” في فلسطين المحتلّة من جهة أُخرى.
خضوعٌ أَو مجازفة:
بدوره قال الناشِطُ الإعلامي التونسي حسام الهمادي: “إن كُـلَّ هذا الاهتمام من الإعلام العربي والأجنبي بكلمة قائد جماعة أنصار الله في اليمن عبد الملك الحوثي، دليلٌ قويٌّ على قوة الموقف الذي اتخذته صنعاء في البحر الأحمر والتي أصبحت في مواجهة مباشرة الآن مع أمريكا وحلفائها نصرة لغزة ولفلسطين ومقاومتها”، مؤكّـداً أن “موقفَ صنعاء الآن غيَّر وسيغيّر مسارَ هذه الحرب الصهيونية على غزة وسيغيِّرُ وجهَ المنطقة مستقبلاً، من حَيثُ الهيمنة الأمريكية والبلطجة الصهيونية”، معتبرًا أن هذا الموقف كان بإمْكَان الدول العربية المحورية في المنطقة اتِّخاذه لكن تعز من تشاء وتذل من تشاء.
ويضيف الهمادي أن كلمةَ السيد عبد الملك هي رسالةٌ قويةٌ لأمريكا وحلفائها مفادُها أن استهدافَكم لليمن لن يكونَ نُزهةً وستدفعون الثمنَ غالياً جراءَ ذلك وسيكونُ أشدَّ مما واجهتم في أفغانستان وفيتنام وسنواصل في إجراءاتنا في منع السفن المتجهة لإسرائيل حتى فك الحصار عن غزة وكف العدوان، مُشيراً إلى أن “التأكيد اليمني بأن السفن غير المتجهة لإسرائيل هي في أمان وأن من سيعسكر البحر الأحمر هو الأمريكي بالتحالف الذي قام به”.
ويرى بأن “هناك احتمالين لا ثالثَ لهما: خضوع أمريكي وتحقيق مطالب صنعاء أَو مجازفة وتصعيد وعندها بحول الله ستبدأ معركة تحرير العرب من الهيمنة الأمريكية”.
خارطةٌ جديدة:
أما الناشط الإعلامي اللبناني حسين مرتضى، فأوضح أن الحرب القائمة الآن هي حرب إقليمية محدودة يتحكم بوتيرة سيرها وتصاعدها محور المقاومة، مُشيراً إلى أن ما جاء في خطابِ السيد عبد الملك الحوثي، يحملُ الكثيرَ من الرسائل والتهديدات الواضحة مباشرة باتّجاه الأمريكي: إذَا أردتم أن تجرِّبوا؛ فالميدان هو الفصل وكلّ مصالحكم هي في مرمى النيران.
ويقول مرتضى: إن السيدَ القائد عبد الملك قد وجه كلامه للأمريكي لتفهم أدواته في المنطقة قوة الرسالة وخطورة أية مغامرة إن كانت من خلال تحالفات واهية أَو مغامرات فردية، لافتاً إلى أن “الزمن الماضي تبدل وقوة اليمن ترفض معادلات جديدة في طبيعة الصراع مع الإدارة الأميركية وأن كُـلّ ذلك؛ مِن أجل فلسطين ومن أجل غزة لوقف العدوان، في الوقت الذي تتفرج فيه الدول العربية على هذه الإبادة الجماعية بحق أهل غزة”.
وأكّـد أنه “بالنقاط تبدلت المعاير والمعادلات وبالبُعد الاستراتيجي البعيد المدى تزداد قوة الدول والحركات الرافضة للهيمنة الأميركية ومشاريعها في المنطقة وأن هذا يؤسِّسُ إلى خارطةٍ جديدةٍ في منطقتِنا”.