خطاب الفصل وانتزاع النصر

 

بشرى خالد الصارم

ليس هناك حليف للنصر سوى الشعب اليمني، شعبٌ خُلق للنصر وللمراتب العليا المشرفة، شعب نهض من غُبار العدوان، ومن رُكام الدمار، وأزاح عن كاهله كُـلّ محاور اليأس والخنوع والضلال، فيَخلُق لنفسه العزة والإباء، ويُكرّم نفسه بوسام الشرف والسمو، شعبٌ يمنيٌ يوثّق انتصاراته واقعياً وميدانيًّا في الأرض وفي البحر، شعبٌ ينتزع النصر كانتزاع الروح من الجسد بالعزيمة النارية التي يمتلكها، هذه العزيمة التي لن تخمد مهما نَفخ فيها أبواق الوهن والضعف من قبل شراذمة العصر.

من بين الانتصارات الميدانية، ومن بين هتافات النصر والولاء والتفويض، يظهر قائد الأُمَّــة العربية والإسلامية، قائد القول والفعل، كرار هذا الجيل، وأمير مؤمني هذا الزمان، ومُرهب كفار العصر، ومُحطم قلاع خيبر وكسرى القرن، ومُحيي إسلام لطالما بدأ بالتخفي والانحلال على أيدي علماء وهَّـابية الدين، ورواد إسلام بلا إسلام، وتدينٌ بلا دين، دينٌ ظاهره ولاء لله ولرسوله، وباطنه كفر وإشراك به وتحايل على تعاليم هذا الدين وولاءً لأعدائه، ظهر قرين القرآن، بسيفه ذو الفقار، وبرز إسلام قائد الإسلام كله أمام كفر العالم كله، بخطاب الفصل في كُـلّ مجريات ومستجدات الأحداث المتضاربة في مواقع التخبط، بين جزر ومد، بين كَر وفَر، بين أخذ وعطاء، وبين تصديق وعدم تصديق، ظهر بدر التمام، السيف المقدام، الصارم الهُمام، بخطابهِ الحاسم الحُسام، خطابه الفصل الفاصل الذي وضع النقاط على الحروف.

 

فعلى ضوء آخر مستجدات التحالف الإسرائيلي الصهيوني في البحر الأحمر الذي يترأسه الأمريكي كما هو معروف جاء خطاب ورد القيادة سريعاً وصارماً وواضحًا، ليضع هذه الدول في زاوية ضيقة وفي وضع لا يحتمل إلا بالخضوع لهذا القائد مصرحاً: ” فلتكن حرباً مباشرة وبلا هَوادة، حرب من غير أدوات ووكلاء يحاربون نيابة عنه، نريدها حرباً بيننا وبين الأمريكي والإسرائيلي مع عدم دخول أي طرف ثالث لا عسكريًّا ولا مالياً ولا حتى سياسيًّا، فهذا مايتمناه شعبنا ومايتمناه مجاهدينا من قواتنا المسلحة “.

جاء هذا الرد بعد إعلان واشنطن إعلان تحالف بحري لحماية البحر الأحمر وهو بالحقيقة حماية السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر من الهجمات اليمنية المشروعة، فكان رداً حازماً من السيد القائد حفظه الله، شديداً في التَقْريع والتحذير لأمريكا، فهي يجب أن تُقرّع ويجب أن تُحذَر بلسان هذا القائد من مغبة الخوض في هذا التصعيد ومن مغبة أي مؤامرة ضد اليمن وشعبه وقواته المسلحة المستعدة الواثبة، فقد طال الانتظار فعلاً لمنازلة وقتال عدو طالما حاربَ بغيره من أدوات العمالة والخيانة، متخفي تحت غطاء الحرية والديمقراطية، وهَـا هو اليوم يعلن تحالفاً بحرياً لحماية سفن كيان القتل والإجرام، منتهكاً سيادة جميع الدول المطلة على البحر الأحمر، ويالها من حرب طال انتظارها وطال شغف الخوض فيها.

تأتي أمريكا رافعة صوتها المبحوح لتصرخ أمام ضربات القوات البحرية اليمنية ضد سفن الكيان الغاصب في البحر الأحمر بتحالف ما يسمى حماية البحر الأحمر، فيُخرِسُها القائد بخطاب التحدي والتهديد والوعيد، ويصفَع باقي الدول المشاركة معها في التحالف بقوله: ” لا تورطوا أنفسكم بحرب خاسرة وتحالف باطل غير مشروع يخدم إسرائيل ينتهك سيادة الدول المطلة على هذا البحر، ويُعسكر البحر الأحمر ضدكم وضد ملاحتكم في البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن”، وأوضح للعالم بلسانهِ الشريف أن الشعب اليمني لا يخوّفه وعيد ولا يرهبه تهديد، فهو ثابت في موقفه مع الشعب الفلسطيني وهو حق مشروع وحق مفروض وليس لأحد الحق لانتهاك هذا الحق وسلبه منه، وأنه شعب من معجزاتة أنه كلما حُورِب ازداد قوة، وكلما اعتدى عليه الأعداء طور قدراته العسكرية للتصدي لهم، وكلما حوصر ازداد يقيناً وثباتاً بقضيته وبمظلوميته وصدّر أروع البطولات وأقوى الملاحم وتجربة العدوان منذ (9) سنوات خير شاهد وخير دليل، حَيثُ أكسبته خوض الحروب و أقساها وأكبرها بنفس السياق وبذات العمق قوة وتطوير وَإنجاز في كُـلّ المجالات، حَيثُ أظهر هذا الشعب من صموده أن أكبر الدول تعجز عن مجاراته ومحاربته.

وجاء أَيْـضاً في خطابه حفظه الله أن أمريكا ستجد إن غامرت في التصعيد لأي ورطة تقع فيها ضد الشعب اليمني فلن يثنينا للتصدي لها وجعل بوارجها وسفنها وتحالفها هدف مشروع لقواتنا المسلحة، فبتصعيدها ضد شعبنا ستواجه أقسى مما واجهته في أفغانستنان، وأقسى مما عانته في فيتنام، وعليها ألا تتوقع أن تنفذ ضربات غادرة ثم تهرب لاستدعاء وساطة من شأنها تهدئة الوضع ووضع هدن، فبضربة واحدة فقط ضد الشعب اليمني سَتَفتح الحرب المنتظرة والمترقبة من أبناء وقيادات وقوات هذا الشعب، الحرب التي يتمناها كُـلّ يمني وينتظرها ويتشوق للخوض فيها، غير أن كُـلّ الأهداف والقواعد والمصالح الأمريكية ستكون هدفاً مباشراً ومشروعاً في يد القوات المسلحة بصواريخها وطائراتها المسيرة.

ومن عظيم ماجاء في خطابه العظيم طمأنة دول العالم بأنها في أمان هي ومصالحها وملاحتها وسفنها في حال عدم التعاون مع العدوّ الإسرائيلي وفي التصعيد المزعوم في البحر الأحمر، فليس هناك خطر على سفنها المتجهة إلى غير وجهة العدوّ الغاصب، وإلا من تورط فقد أقحم نفسه في حرب منتظرة من شعب متلهف للخوض فيها، وأن على الدول مراجعة حساباتها ودعم غزة بصورة أقوى.

وعند غزة العزة والصمود ومجاهديها، توقف القائد بإجلال وإكبار قائلاً: ” أنتم تنكلون بالعدوّ أيما تنكيل وضربتم أقوى الأمثلة في الصمود والثبات والإيمان والتضحيات، فَــإنَّكم أيها المؤمنون المجاهدون لستم وحدكم فالله معكم وهو خير الناصرين، وشعب اليمن وجيشه معكم فهو لكم خير السند والمعين، ومحور المقاومة إلى جانبكم وأحرار العالم يهتفون لكم، وأنتم منتصرون بإذن الله مهما كانت المعاناة ومهما بلغت التضحيات فاصبروا وصابروا وما النصر إلا من عند الله”.

خطاب فيه من الرسائل الجلية والواضحة والعميقة ما لا يكفي للتعبير عنه، بحرٌ عميق كلما غُصنا فيه لا نستطيع إيجاد قاعه، نهرٌ عذبٌ لا ينضب، فهنيئاً لشعب الإيمان والحكمة بقائد الإيمان والحكمة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com