اليمن.. عمقُ التاريخ الحضاري ومنبعُ العروبة

 

هاشم أحمد وجيه الدين

السلطات التي تولت حكم اليمن من ستينيات القرن الماضي لم تحكم اليمن وتديره وفق الهُــوِيَّة الإيمانية لهذا الشعب وبما يتناسب مع أصالته وعمقه التاريخي والحضاري، وذلك لعدة سباب أهمها تبعية تلك السلطات للدول التي ساعدتها ومولتها ومهدت لها الطريق لحكم اليمن، وأصبحت تدير البلاد وفق رؤية تلك الدول وبما يضمن تنفيذ أجنداتها وتمرير مؤامراتها وخدمة مصالحها، والتي كان أهمها تدجين الشعب اليمني العظيم ثقافيًّا وفكرياً بأحدث وسائل التضليل والخداع، وتزييف الوعي لتعطيل دور هذا الشعب تجاه قضايا الأُمَّــة الدينية والأخلاقية والإنسانية.

لقد نجحت تلك الدول وعملائها في تحييد الشعب اليمني نوعاً ما بأن يكون فاعلاً ومؤثراً تجاه قضايا أمته العربية والإسلامية، حتى ظهر الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- بمشروعه القرآني، حَيثُ استشعر هذا القائد العظيم حجم المؤامرات التي تحدق بالأمة العربية والإسلامية، وضرورة أن يكون لليمن العظيم دوراً ريادياً في العمل على حماية الأُمَّــة من كيد أعدائها ومواجهة مؤامراتهم، ولن يكون ذلك إلا بالعودة الحقيقية إلى مصدر عزة الأُمَّــة وكرامتها وهو القرآن الكريم وعترة النبي العظيم.

بدأ رضوان الله عليه، مسيرته القرآنية كمشروع نهضوي حضاري إنساني فكري وثقافي يعيد الأُمَّــة إلى ما فيه فلاحها ونجاتها، وقدم الشهيد القائد المؤسّس دمائه الطاهرة الزكية كقربان لنجاة الأُمَّــة، خلفه على ذلك الدرب كقائد للمشروع القرآني، السيد القائد العلم عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله، الذي واصل المسيرة مستنهضاً الأُمَّــة للقيام بمسؤولياتها الدينية منطلقاً من تغيير وضع الشعب اليمني لما فيه نجاته وفلاحه في الدنيا والآخرة، حتى قاد ثورة الــ21 من سبتمبر المباركة والتي مثلت نقطة التحول الكبرى في تاريخ اليمن المعاصر وقضت على الوصاية الخارجية وعملاءها وأدواتها وأعلنت عهداً جديدًا من الحرية والسيادة والاستقلال.

هذه هي المرحلة المفصلية في تاريخ اليمن التي أعادت للشعب اليمني العظيم هُــوِيَّته الإيمَـانية بفضل الله وفضل هذه القيادة القرآنية الحكيمة التي عبرت عن تاريخ هذا الشعب وهُــوِيَّته وجذوره الحضارية الممتدة في عمق التاريخ وحلقت به عاليًا وأعادت دوره الريادي تجاه قضايا أمته الدينية والأخلاقية والإنسانية بما ينسجم مع أصالته وموروثة الفكري والثقافي وهُــوِيَّته الإيمانية.

وأمام ما يحدث في فلسطين وغزة من جرائم إبادة جماعيه وحصار مطبق من قبل الكيان الصهيوني الغاصب ومعه أمريكا وبريطانيا وأوروبا وما رافقه من صمت عالمي وعربي وإسلامي، وقف هذا الشعب العظيم وقائده الحكيم الشجاع موقف الدين والأخلاق والإنسانية وهب لنصرة المستضعفين في غزه بكل ما أوتي من قوة، وسطر الملاحم البطولية انسجاماً مع عنفوان هذا الشعب العظيم وتجسيداً لهُــوِيَّته الإيمَـانية وجذوره التاريخية والحضارية وبما يلبي تطلعاته ويعبر عن وجدانه.

وها هو السيدُ القائد العَلَمُ عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- في خطابه الأخير الذي تناول فيه آخر مستجدات العدوان على غزه وتداعياته، أكّـد على موقف الشعب اليمني الثابت والمبدئي والديني والإنساني تجاه غزة وفلسطين، وقدم النصح للدول العربية والإسلامية أن تتخذ مواقف عملية، وحذر دول أُورُوبا بشأن مساعي الأمريكان والصهاينة في توريطهم من خلال الدفاع عن جرائم الكيان الصهيوني وهذا قد يعرض مصالح تلك الدول للخطر الحقيقي، كما أعلن عن جهوزية الجيش اليمني والشعب اليمني لمواجهة كُـلّ التحديات.

لقد استعاد اليمن بفضل الله وبفضل هذه القيادة دوره الفاعل والمحوري تجاه قضايا الأُمَّــة وأصبح أنموذجاً تتعلم منه كُـلّ شعوب العالم معاني الدين والإنسانية والشجاعة والمروءة ونجدة الملهوف ونصرة المظلوم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فنحمد الله كَثيراً على نعمة القيادة الإيمانية الحكيمة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com