خطابُ السيد القائد.. دراسةُ جدوى للمرحلة
محمد يحيى الضلعي
لم يكن مُجَـرّد إعادة ترتيب كلمات، أَو خطابات متكرّرة كما يفعلها القادة العرب، وحديثه ليس حديثاً عابراً يمكن أن يمر الجميع عبره دون الوقوف على نقاطه وأبجدياته، فالسيد القائد لم يلق خطاباً فحسب؛ بل وضع بكلماته خلاصة الأحداث وخارطة طريق المستقبل القريب، وعبر بعباراته عما يدور وكيف ستكون الأحداث وإلى أين نهاية الطريق، لقد تحدث القائد وصدق حديثه في زمن قلّ فيه الصادقون، ونصر غزة وهو أجدر بذلك في زمن التخاذل والمتخاذلين.
لقد أبهرنا هدوء القائد عند طرحه دراسة الجدوى للمرحلة القادمة وعلى كُـلّ الأصعدة، وانزعج الأعداء من جدية الطرح بدون مبالغة، فهم الأكثر دراية حين يكون الطرح كيف تكون النتيجة والعواقب، بمعنى لا نكبر كبيراً ولا نستهين بصغير، كرسالة للعدو ويجب أن يفهمها، ورسالة أُخرى للعرب لسنا بحاجتكم في الميمنة ولا في الميسرة ولا حتى في المؤخرة، وخاطبهم بمعنى أوضح نحن اليمانيون الميمنة والميسرة ونحن رأس الحربة في هذه المعركة ولا نحتاج منكم أي شيء فقط لا تطعنونا بالظهر يا أرذل الأتباع.
لم يكن طلب القائد من العرب والأتباع للنصرة أَو الدعم أَو التأييد، بل لم يطلب منهم حتى مهمة النساء في الحروب والتي تتمثل في إعداد الطعام والدواء، فهم أقل شرفاً وشأناً أن يدخلوا في معركة مع العدوّ الأول للمسلمين، لكنه طلب منهم فقط ألا يقفوا مع العدوّ حتى لا تضيع بعض ذخائرنا في أجساد من لا يستحقون إضاعة الوقت معهم، وهذا الطلب وهذا التعبير كفيل بأن يشرح الحالة التي وصلنا إليها كيمنيين والحال الذي وصلت إليه العرب.
هكذا كان التوصيف المحق لأمريكا وأتباعها في المنطقة، واستعرض القائد إلى سعي أمريكا بإنشاء تحالف لحماية “إسرائيل” وكانت التعرية على أصولها لمخطّط اليهود والنصارى وما يسعون إليه، وخلف كُـلّ هذا التهديد والوعيد لليمن أكّـد القائد أننا لم نتراجع عن قرارات تم إقرارها لأجل الأُمَّــة وقضاياها العادلة؛ فلسنا نقف في المنتصف لنرجح المصلحة، مؤكّـداً أننا في موقف الحق والصدق ولا دونه شيء سوى الرضوخ لشروط تم طرحها في بيان القوات المسلحة رقم واحد، وهو كف العدوان عن غزة وفك الحصار ولا شيء غير هذا.
إن الملاحظ بين مواقف وخطابات القادة العرب والمسلمين وبين خطابات وموقف السيد القائد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي، يدرك المساحة الشاسعة التي أصبحت بين هؤلاء في المواقف والكرامة والعزة، فعلى الطرف الآخر تجد القادة العرب يتوددون لأمريكا و”إسرائيل” عاجزين حتى عن إدانة الموت والذي يحدث في غزة خوفاً مما ستقوله لهم أمريكا، وفي المقابل نجد مواقف وخطابات السيد القائد تعبر عن أسمى مراحل العزة والكرامة والنصرة والعنفوان الإسلامي الغيور على دينه ووطنه وإخوته، فالسيد لا يشجب ولا يندّد بل يضرب ويقصف ويحارب ولا يتراجع، لم يقل ندين ما تقوم به “إسرائيل” في غزة، بل قال سنوقف هذا الحصار والموت بأيدينا، فلله درك يا سيد الجزيرة والشرق الأوسط.
لزاماً على من سمع الخطاب أن يقف احتراماً ويعي كُـلّ كلمة فيه، ولا يظن أنها كغيرها من الخطابات التعبيرية التي لا يتجاوز تأثيرها شاشات التلفزيون، ومن لم يسمع الخطاب فعليه أن يسمعه كي يدرك الواقع والمستقبل ويعي حقيقة ما يدور وكيف ستكون الأمور، فما قيل في الخطاب لخص كُـلّ شيء وأوضح كُـلّ شيء، ولزاماً على كُـلّ قائد عربي ومسلم أن يخجل اليوم مِئة مرة بعد خطاب القائد، فما هي القيادة وما هي الزعامة إن لم تحمل هموم الأُمَّــة وتثور وتغضب لأجلها، فما كانت السلطة؛ بهَدفِ الثروة والعمالة إلا لأصحاب النفوس الضعيفة الذين باعوا دينهم بمقابل زهيد.
وداعاً يا خطابات الجبن والضعف والخذلان والعمالة، ومرحباً بمرحلة زمنية جديدة مختلفة يتحدث فيها القادة بصدق التعبير وينفذون الكلام على الواقع بأسرع من وصول ذلك الخطاب، إن هذا الزمن زمن الرجال والقادة والزعماء الحقيقيين، وأنت سيد القادة وسيد المرحلة وقائد اللحظة وزعيم المنطقة يا ابن بدر الدين.