اليمن يُسطِّرُ أعظمَ ملحمة نصرٍ كُبرى سَيُسجلها التاريخ
خـديـجـة الـمـرّي
لقد أثبت اليمن مجدّدًا قُدرته العُظمى على تطوير استراتيجيّاته كما يجب وينبغي؛ وذلك لردع أية قوّة عالميّة بما فيها أمريكا وإسرائيل” التي ما زالت تشنُّ عدوانها الهستيري على قِطاع غزّة، وما زالت تُحاصر أبنائها، وتُشرد سُكانها، وتعبث بِممتلكاته، والعالم في صمتٍ مُخز وتواطؤ لا يُجدي، وليس لهُ مُبرّر على وجه الإطلاق.
هبّ الشعب اليمني هبّةَ رجلٍ واحد، بِمنطلقٍ وهدفٍ واحد، خرج صفًا واحدًا كالبُنيان المرصوص في مُختلف الساحات والميادين بدءًا من عاصمة العواصم صنعاء الأبية وبقية المُحافظات الحُرّة العصية، يُجدد مسِيراتِهِ المليُونية، ومواقفة الشُّجاعة، وضرباته الحيدرية، وتضحياته الحُسينية، ومُعلنًا ومُساندًا وواقفًا كتفًا بِكتف، وجنبًا بجنب مع القضية الأَسَاسية «فلسطين» مع قائده الشجاع الذي أرعب وهدّد أمريكا وإسرائيل” ولم يخف ويخشى الصهاينة المُتغطرسين، بل ما زال يُعطي التوجيهات، ويتصدى لكل المؤامرات، ويُواجه التحديات، مُحبًا لِشعبه وأثبت ذلك جليًّا دون أية ضُغوطات، فأنعمّ بِه من شعب عظيم، وأكرم بِهِ من قائد حكيم، ولله درّ هذا الشعب الأصيل.
ومن كان يتوقع في يومٍ من الأيّام أن اليمن الجريحة هي من ستكون في مُقدمة الصفوف، بالطائرات المُسيّرة تقصف وتطُوف، وتدق العمق الإسرائيلي بِكل عزيمة وصمود، إنَّها الإرادَة التي لا تُقهر، في شعب لا يُهزم، حاضر لخوض المعركة حتى يكف العدوّ الصهيوني عن عدوانه على غزّة ويرفع حصاره، ما لم فَــإنَّ الشعب اليمني لن يهدأ له بال ولن يرتاح له ضمير وهو يشاهد ما يجري في غزة من إبادة وحشية على مدار عشرات الساعات.
ظهرت اليمن مجدّدًا وبل أثبتت أمام العالم بأكمله بِمواقفها المُشرفة على اتِّخاذ وتنفيذ القرارات فيما يتعلق بالجانب الميداني المرتبط بالكيان الغاصب، فما قامت به صنعاء من دورٍ بارز رغم إنها ما زالت تُعاني من حربٍ شعواء منذُ طِيلة 9سنوات، ولكنها فاجأت العدوّ وصدمته، وزرعت الرعب والخوف في قلبه، بل وهدّدته، وأصبحت عنصراً قوياً في مواجهة كيانٍ هشٍّ ضعيف يكتوي.
فما قامت بِه القوات المُسلحة اليمنيّة جديرٌ بالذكر، منذُ بداية عملية “طُـوفان الأقصى” وإلى اليوم، من إرسال الرسائل التحذيرية، يليها الضربات الصاروخية والطائرات المُسيّرة، إلى أهداف حساسة للغاية في تل أبيب وإيلات، ومن ثُمَّ تتسع دائرة المواجهة والاستهداف للكيان الصهيوني في القطاع البحري، واستهداف السفن الإسرائيلية وأية سفينة في البحر الأحمر والبحر العربي تتجه إلى موانئ الكيان الصهيوني من أية جنسية كانت سيتم استهدافها، كما أكّـد وصرح بذلك العميد يحيى سريع في بيانه الأخير.
كُشفت الحقائق في الواقع وبان الكاذب الزائف، وكُشفت وجهها أمريكا وإسرائيل، بأنها قشة وأوهن من بيت العنكبوت، وسقطت كُـلّ الأقنعة أمام “طُـوفان الأقصى”، ناهيك عن كشف الأنظمة والحكومات العميلة والمُطبعة، كُشف ما كان مخفياً خلف الستار أمام الأنظار، كُشفت مدى شجاعة اليمن وبأسه الشديد، كُشفت إرادَة شعب غيرّ وقلب الموازين، وبات العالم كُله يحسب لليمن ألف حساب، وتغيرت المُعادلات، وكُثرت المُفاجآت، فلا عاصم اليوم من أمر الله لكل الطغاة؛ إلَّا التحاق بسفينة النجاة.
فلم يسبق من قبل أن تتخذ أية دولة سواءً عربية أَو إسلامية موقفًا عروبيًا حازمًا ومُشرفًا، تجاه القضية الفلسطينية، طِيلة 75عامًا، فأصبح الشعبُ اليمني هو أول شعب وقف بِكل إباء وعزّة وشموخ في وجه إسرائيل، وقصف وهدّد وأرعب هذا الكيان المحتلّ، أول شعب يمنع السفن الإسرائيلية من العبور من البحر الأحمر ويغلق مضيق باب المندب إغلاقاً كاملًا في وجه الكيان الصهيوني، ومن يفرض حصار على إسرائيل من كُـلّ اتّجاه، وأصبحت إسرائيل تخشى ما يقوم به الشعب اليمني العظيم، حَيثُ تقول صحيفة هآرتس العبرية: «إن الحوثين يُشكلون تهديدًا على تجارة إسرائيل في البحر الأحمر، في حين اعتبرت يديعوت أحرونوت أن إسرائيل واقعة في “معضلة بعد إعلان الحصار البحري من قبل الحوثين”، مؤكّـدة أنهم فرضوا حصارًا بحريًا فعليًا سيضرب إسرائيل»، فما فعله بشعبِنا، شعبنا سيرد له الصاع بصاعين، ولديه من القدرات والإمْكَانيات ما يكفي لإحداث خللٍ في الميزان الاقتصادي للعدو، حَيثُ أصبح قُوة أَسَاسيّة في مواجهته.
وها هو من منطلقُة الإيماني، ومبدئه الأخلاقي وشعورُه بالمسؤولية، يقف صامدًا صابرًا مُدافعًا عن الأُمَّــة والدين، لم يألُ جُهدًا في الدفاع عن فلسطين، ولم يركع للعُملاء والمُتصهينين ولن يتوقف اليمن من مرمى نيرانه، ما دام وغزة تُقصف بدمٍ بارد، ويُمنع عنها الغذاء والدواء، لن يقف مكتوف الأيدي، فإن كف عن غزّة حصاره، كف شعبنا عليهم عدوانه ما لم فَــإنَّ الأيّام القادمة حُبلى بمزيدٍ من الأخبار السارة التي تشفي الصدور وتفرح القلوب وسَيُجل له التاريخ موقفه، بل ويحق أن يكتب هذا الموقف في أنصع صفحات المجد والعزة والكرامة والشرف والنخوة، لقد نال وسام عزٍّ تاريخي سَيُخلد للأجيال جيلًا بعد جيل.