حماقةُ أمريكا تجاه اليمن ستخُرِجُها من المنطقة
أحمد محمد الدفعي
أمام ما يحدُثُ في قطاع غزة من جرائمَ يندى لها جبين الإنسانية، يقف السواد الأعظم من العرب موقف المتفرج، بل الساخر من عمليات المجاهدين أَيْـضاً، بينما وقف اليمن قيادة وشعباً أمام الصلف الصهيوأمريكي، الموقف الذي أراده الله من أي مُسلم يحمل المسؤولية تجاه أمته ودينه، وما يملي عليه الضمير اليمني “الطاهر”، ودخل المواجهة المباشرة مع العدوّ الصهيوني بكل الوسائل المتاحة والممكنة بكل جِد وإخلاص، يعلمه الله سبحانه وتعالى، في الوقت الذي كثرت فيه أسواق بيع الضمير، حتى تأثر العدوّ الصهيوني من العمليات اليمنية اقتصاديًّا، وعسكريًّا، وتألم ولا يزال يتألم من الضربات المركّزة، والتي أصابت موانئهُ بالشللّ التام وشبه التام، فوقف الصهيوني عاجزاً عن الرد ويوعز ذلك إلى أمريكا ودول الغرب، التي صار قادتها يتحسسّون رؤوسهم؛ تحسباً لعواقب إقدامهم على العدوان على اليمن والرد على هجماته، كما ينظرون إلى عواقب ابتلاعهم الإهانة وما نتج عنها من تغيرات جيوسياسية، خُصُوصاً لدى من يتخذونها؛ أي أمريكا إلهاً من دون الله؛ لتحميهم من تل أبيب، أعلن وزير الحرب الأمريكي عن تحالف لحماية السفن الإسرائيلية والمتجهة إلى موانئ الكيان، وليس تحالفًا جديدًا، إنما هو تحالف قائم وقديم، وربما هناك إعادة “قولبة” للمهام وتفاوت واختلاف أدوار المشاركين فيه، “تقديماً وتأخيراً”، والملفت للنظر أن هذه الدول المتحالفة هي ذات الطابع الاستعماري الدموي البشع، وذاكرة التاريخ مملؤة بما يشهد على جرائمها ودمويتها في معظم دول العالم، والعربية منها على وجه الخصوص التي استعمرتها تلك الدول، وجثمت على صدور شعوبها مئات السنين.
اليمن قبل دخوله الحرب وجهاً لوجه مع العدوّ الصهيوني إلى جانب الفلسطينيين، كان يعرف العواقب التي ستترتب على ذلك، ولذلك دخل المعركة بكفاءة عالية، وجهوزيّة لكل الاحتمالات وَردات الفعل التي قد يقدم عليها العدوّ الصهيوأمريكي، للرد على الهجمات اليمنية.
الأمريكي لن يقدم لخوض الحرب على اليمن بمفرده، لذلك سعى لتشكيل هذا التحالف.
وقد أتى التحذير شديد اللهجة من السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله، لأمريكا وتلك الدول المتحالفة معها، لتنبيه تلك الدول التي يسعى الأمريكي إلى توريطها، وحذرها من مآلات أي عدوان أَو حماقة ضد اليمن، وعلى الدول المتحالفة أن تدرك نصيحة السيد القائد، وتأخذها على محمل الجِد، فالنُصح أرخص ما يُباع ويوهبُ، وعلى زعماء تلك الدول أن يعلموا علم اليقين أن السيد القائد عبدالملك الحوثي، نصح وكرّر النُصح للدول ذات التحالف السعوديّ الذي أعلنهُ وزير خارجيتها آنذاك عادل الجُبَير من واشنطن، عام ٢٠١٥م والتي تم تجنيدها أمريكياً؛ للاعتداء على اليمن وما زال هذا العدوان قائماً حتى اللحظة، وكرّر لهم النصح ولكنّهُم “لا يُحبوُن الناصحين” حتى شملهُم البلاء وعشقتهم الهزائم النكراء، والحليم من اتعظ بغيَره.
وإذا غامرت أمريكا بشن عدوان جديد على اليمن، فهذا بداية فصل جديد من مواجهة لها أطوارها، فَبانتظارها هزيمةٌ نكراءُ كفيلةٌ بإخراجها من المنطقة العربية برمُّتها، بإذن الله، فحينها لا مصالح، ولا قواعد عسكرية، ولا عبور من البحر الأحمر وباب المندب، لأمريكا ولا للدول المتحالفة معها، وبهذا العدوان سيُدَق المسمار الأخير في نعش الهيمنة الأمريكية وسطوها على ثروات الشعوب العربية، لعقود طويلة، فالمعركة معها تختلف عما كانت مع عملائها المتحالفين سابقًا وعلى رأسها السعوديّة والإمارات، و”طُـوفان الأقصى” يشهد بذلك، فعلى مدى تسعة أعوام من العدوان على اليمن لم تتخذ القيادة الثورية خيار إغلاق باب المندب أمام أيٍّ من الدول المعتدية على الشعب اليمني، رغم الاستطاعة المبكرة لفعل ذلك.
الجيش اليمني ومن خلفه القيادة الثورية قد أعدّوا من القوة ما يلحق الهزيمة بأمريكا إن شاء الله، ويكبح جماحها ومن يدور في فلكها، فالسيد الحوثي لم يدخل المعركة ليُهزم أبداً، وبدخول أمريكا الحرب مع اليمن مباشرة؛ ما سيجعلها تدفع ثمن غطرستها بحق اليمن وعدوانها من خلف القضبان لعقود مضت دون محاسبة، وقد تُسدد من فواتير الحروب بالإنابة ما تهربت عن تسديدها لعقودٍ خلت؛ فنهاية فرعون كانت في البحر الأحمر، ونهاية فرعون العصر أمريكا ستكون في البحر نفسه بإذن الله.
ولاتَ حينَ مناصٍ.