صراعٌ واسعٌ بين اليمن وأمريكا في غزة
يوسف الحاضري
لم تكن عملية “طُـوفان الأقصى” مُجَـرّد عمل عسكري لحظي مقاوم لطغيان الكيان الصهيوني ضد أبناء الأرض في فلسطين، وإنما كانت عملية إعادة ترتيب موازين القوى في المنطقة، وغربلة الحق من الباطل، وتعرية كُـلّ الأنظمة، وتوضيح حقيقة الشعوب وإنسانيتهم، ومقياس شامل للوضع الحالي البشري في الأرض بعد عقود بل قرون من التضليل والتجهيل والإفساد الشيطاني للإنسان، وهذا ما تجلى حتى يومنا هذا.
تحَرّك الباطل في الأرض ممثلاً بأمريكا لدعم أدواته الباطلة وأعوانه في مشروعه الإفسادي والإجرامي تجاه البشرية والمتمثل في الكيان الصهيوني الإسرائيلي، وذلك من أول لحظة لعملية “طُـوفان الأقصى”، وفي نفس الوقت تحَرّك ما تبقى من قوى خير في المنطقة لدعم مشروع الحق والإنسانية، وعلى رأس المتحَرّكين اليمن، فكيف ساهم كُـلّ جانب في دعم مشروعه وقضيته التي يؤمن بها؟
أمريكا ودعمها للباطل الصهيوني تمثل بالتالي:-
١- سارعت بأعلى سلطاتها لزيارة الكيان حاملة معها حاملات الطائرات وبارجات عسكرية وطائرات عسكرية وصواريخ وقنابل وبلا حدود.
٢- أرسلت أعظم خبرائها العسكريين إلى الكيان للمساهمة المباشرة في استهداف وقتل أطفال ونساء ورجال غزة وتدمير وإحراق المنشآت والمنازل.
٣- أرسلت رسائل مباشرة شديدة اللهجة إلى كُـلّ الدول العربية بأن عليها أن تلتزم غرف نومها وتستمر في سباتها والرقص في باراتها مهما كانت الجرائم والأحداث التي ستحصل، وأن لا تتخذ أي قرار في تصدير النفط والغاز أَو تسمح حتى لشعوبها التضامن أَو التحدث ببنت شفة تجاه الأحداث التي ستحصل.
٤- أمرت أمراً مباشراً لأنظمة الدول المحيطة بها بأن تشدّد الحصار على أبناء غزة ولا يحق لهم أن يتفاعلوا مع ما يدعونه من عروبة أَو إسلام في وجوب إغاثتهم حتى بقطرة ماء واحدة، معطية لهم جميعاً مساحة إعلامية محدودة جِـدًّا في التفاعل مع الأحداث.
٥- وجهت كُـلّ الإعلام العربي وخطبائهم وعلمائهم توجيهاً مباشراً لشيطنة حركات المقاومة إعلامياً وشعبيًّا وأن ينهجوا منهجية حكامهم الذين وصلت إليهم التوجيهات سابقًا.
٦- أمرت أمراً مباشراً وزراء دفاع السعوديّة والأردن ومصر والإمارات والبحرين بأن يقوموا بفتح مخازن أسلحتهم وتفعيل منظومات التصدي للصواريخ والمسيّرات اليمنية من أن تصل إلى أهدافها في الكيان الصهيوني.
٧- أصدرت أوامر مباشرة لوزراء المالية لدول الخليج بفتح خزائنهم على مصراعيها لتمويل أية عمليات عسكرية تقوم بها أمريكا هنا أَو هناك، خَاصَّة في جانب حماية السفن الصهيونية في البحر الأحمر، وَأَيْـضاً لتعويض الكيان الصهيوني عن خسائره الاقتصادية نتيجة إغلاق ميناء أم الرشراش (إيلات) لكي لا يتأثر الشيكل الإسرائيلي (العملة الصهيونية) ويؤثر ذلك سلبياً على الوضع الاقتصادي داخل الكيان فيشكل ضغطاً إضافياً على الحكومة الصهيونية.
٨- استخدمت حق النقض الفيتو في وجه أي قرار يؤدي إلى إيقاف العدوان الإجرامي على غزة ورفع الحصار وقدمت قراراً لإدانة حماس لكي يكون العمل الإجرامي الصهيوني مشرعناً غير أنه قوبل بالرفض أَيْـضاً؛ فأصبحت هذه الهيئة معطلة تماماً ولا قيمة لها تجاه ما يحصل.
٩- الدعم السياسي المُستمرّ لقيادات البيت الأبيض وبصورة مُستمرّة والضغط على دول عالمية خانعة خاضعة للقيام بالمثل.
١٠- الإنكار الدائم بأن الكيان الصهيوني يتعمد قتل المدنيين أَو أنه يخترق القوانين الإنسانية وأن كُـلّ تلك الجرائم والدمار يتطابق مع القوانين الدولية.
وغير ذلك من العمل الواسع والكبير والمُستمرّ الذي تجيش فيه أمريكا كُـلّ إمْكَانياتها وقدراتها وهيمنتها التي صنعتها عبر تاريخها لأجل هذا الكيان اللقيط.
بالمقابل تحَرّك اليمن قيادة وشعباً لمساندة المستضعفين في غزة استجابة لداعي الله وأوامره، وكان أهم ما يقوم به اليمنيون ما يلي:-
١- الموقف السياسي من أول لحظة بتأييد حق الفلسطينيين في تحرير كُـلّ شبر من أرضهم، وَأَيْـضاً رفض كُـلّ جرائم العدوان الصهيوني بحق أبناء فلسطين.
٢- الموقف الشعبي وذلك من خلال خروج أكثر من مائتين مظاهرة في المحافظات اليمنية الحرة وعلى رأسها العاصمة اليمنية صنعاء ومليونياتها المتتابعة والاستمرار في هذا الخروج دون أي كلل أَو وهن أَو ضعف أَو استكانة.
٣- الموقف المادي وذلك من خلال حملات تبرعات شعبيّة ورسمية رغم الظروف الاقتصادية التي تعيشها اليمن نتيجة حصار وعدوان أمريكا والسعوديّة منذ تسعة أعوام.
٤- الدعم الإعلامي وذلك من خلال تسخير كُـلّ الإمْكَانيات الإعلامية اليمنية الحكومية منها والخاصة لدعم القضية الفلسطينية وفضح جرائم الإرهاب الصهيوني الأمريكي، مع العمل الشعبي الإعلامي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
٥- الدعم العسكري وهذا جاء ترجمة لكل التوجّـهات أعلاه، حَيثُ جاء على عدة وجهات ووفقاً لعمل تصاعدي، حَيثُ بدأ الدعم بقصف الكيان الصهيوني بصواريخنا البالستية ومسيّراتنا وبشكل مُستمرّ، حَيثُ حولنا منطقة أم الرشراش من أكثر المناطق أمناً للصهاينة الهاربين من غلاف غزة وشمال فلسطين المحتلّة إلى جحيم يضاف لجحيمهم، وهذا فرض على الكيان وعلى أمريكا أن تستهدف مسيّراتنا التي يبلغ قيمتها ألفَي دولار بالصاروخ قيمتُه أكثر من مليونَي دولار، وهذه الخسارة بحد ذاتها كارثة على الكيان ومن معه، فسواء وصل الصاروخ أَو المسيّرة اليمنية إلى هدفها أَو تم إسقاطها فهي تشكل خسارة كبيرة ومؤلمة على الكيان، ثم لم يتوقف الأمر هنا بل وصل إلى استنفار شعبي ورسمي عسكري يمني لتدريب وتأهيل مئات الآلاف من المقاتلين اليمنيين استعداداً لأية فرصة سانحة للتحَرّك إلى فلسطين وهناك عمل مُستمرّ وإعداد واسع وشامل.
٦- استهداف السفن الصهيونية التجارية أَو التي تتعامل مع موانئهم في البحرين الأحمر والعربي وباب المندب وإغلاق الممر الأهم للكيان إغلاقاً تاماً، وتم ترجمة التهديدات اليمنية إلى عملية من خلال الاستيلاء على واحدة وتدمير بعضها وإجبار البقية على التراجع، وهذا أَدَّى وسيؤدي إلى كوارث اقتصادية سيعجز الكيان عن تداركها ما لم يتم تخصيص نصف ثروات الخليج لمعالجة هذه الاضرار؛ فتم تعطيل ٨٥٪ من ميناء أم الرشراش “إيلات” وتسريح الآلاف من الموظفين عوضاً عن ارتفاع الأسعار خلال الأسابيع القادمة، وغيرها من نتائج لن يسلموا أبداً من أضرارها، وقد تكون قاصمة جِـدًّا.
إجمالاً، كما استطاعت أمريكا تقليص المسافة الجغرافية بينها وبين الكيان لتدعم جرائمه الكارثية، أَيْـضاً استطاع اليمن أن يقلص المساحة الجغرافية التي تفصله عن غزة ليدعم صمودهم وحقهم في الأرض والحرية والعزة، وسينتصر في الأخير من كان تحَرّكه لله واستجابة له، وقيادته قيادة قرآنية كالقيادة القرآنية المتمثلة بالسيد عبدالملك الحوثي، الذي أعد لهذه المواجهة منذ سنين سابقة، ولم يكن تحَرّكه طارئاً لحادث طارئ على الإطلاق، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.