لــماذا غُيِّبت “فاطمة الزهراء” عن واقع الثقافة والمجتمع؟!
إلـهام الأبيض
طوال عقود ماضية كانت الاستراتيجية التربوية في اليمن هي تغييب فاطمة الزهراء عن المناهج التربوية في التعليم الأَسَاسي والثانوي والجامعي، وهو التعصب الأعمى والحقد الذي لا مبرّر له، والخضوع والانسياق لما تمليه الرغبات الخارجية التي ترى في نموذج الطهارة والعفة خطراً يوجب إخراجه من مناهج الدراسة.
لقد تم التغييب الممنهج والمتعمد لنموذج فاطمة الزهراء -عليها السلام- وكان هذا أحد تطبيقات استراتيجية التجهيل لشعبنا ونسائنا غيبوها في المناهج وفي المؤلفات وفي الصحافة وفي المسلسلات وفي خطب الجمعة، والمناسبات; وليس هذا في اليمن فقط بل في مختلف الشعوب الإسلامية والعربية.
وبهذا التغييب تعرضت المرأة المسلمة للتأثر بالمرأة الغربية; المرأة الغربية التي تختلف معها إلى حَــدّ كبير في المبادئ والقيم والأخلاق، المرأة الغربية التي تكون قُدوة في الإغواء والإفساد ونشر الرذيلة، تحت مسميات متعددة-الحرية، الديمقراطية، التطور والانفتاح -وكلها أساطير لكي تقع المرأة المسلمة في مصيدة الشيطان وأوليائه.
وفي ذات الوقت قدموا نماذج دينية لنسائنا أقل ما يقال عنها بأنها نماذج لا تسمن ولا تغني من جوع، غيبوها وهي سيدة نساء العالمين ولم تعد المرأة المسلمة تعلم عنها إلا ما بقي من قصص وأمثال وعبارات وضمن دوائر اجتماعية ضيقة.
تلك هي السياسة التي يتبناها النظام السعوديّ الوهَّـابي إقصاء أهل البيت -عليهم السلام- من ثقافة الأُمَّــة على المستوى الثقافي والتعليمي، إقصاء الإمام علي والزهراء والحسن والحسين وأبناؤهم -عليهم السلام- نهائيًّا من المناهج، وَإذَا كان ثمة حديث بسيط جِـدًّا عنهم يقدمهم أحياناً كـشخصيات عادية ليس لها أي اعتبار في التاريخ الإسلامي نهائيًّا.
فـاطمة الزهراء -عليها السلام- صاحبة المقام الإيماني والقيمي والأخلاقي والإنساني بمؤهلات إيمانية وعلى أُسس إيمانية وأخلاقية ولم تكن فقط في عالم الدنيا بل أَيْـضاً في عالم الآخرة وهي سيدة نساء المؤمنين وسيدة نساء أهل الجنة.
إنها نموذج متميزٌ عالمي للمرأة في كُـلّ الدنيا بلغت الذروة في الكمال الإنساني أخلاقاً وقيماً ومبادئ; ثم على واقع النساء كانت القُدوة الأولى كامرأة مؤمنة بكمالها الإيماني.
أصبحت حياة السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء -عليها السلام- جديرة بالتأمل والدراسة وهي في موقع القُدوة للمرأة المؤمنة فما أحوج المؤمنات إلى الاطلاع على سيرتها، كيف كانت في حياتها على مستوى المسؤولية الدينية والأسرية? كيف كانت بالرغم من عظيم ما هي عليه من مقام وإيمان وأخلاق، والمستوى المعرفي الذي وصلت إليه، لكنها مع ذلك كله عاشت حياتها بكل بساطة وتواضع، عايشت الظروف المعيشية الصعبة في ظل وضعٍ اقتصادي ومراحل صعبة.
تلك المرأة المؤمنة الزكية المرضية الصديقة التي وصلت إلى ذروة الكمال الإيماني وتحَرّكت في واقع الحياة تقوم بمسؤولياتها الفطرية دون كلل ولا ملل ولا عتب ولا تنصل عن المسؤولية وعلى درجة عالية ومستوى عظيم من التواضع، تقدم الدرس المهم للمرأة المؤمنة كيف تكون في واقع الحياة في إطار مسؤولياتها المتعددة، في مواجهة أعباء الحياة في كُـلّ الاتّجاهات والمجالات على المستوى الإيماني والعبادي، كانت هي التي سُميت بالبتول المنقطعة إلى الله سبحانه وتعالى متبتلة، ولم تكن بذلك منعزلة عن الحياة في شتى الظروف إلا امرأة تعيش مع أسرتها الواقع الحياتي المعتاد.
ولأنها الزهراء من أرقى النماذج النسائية العظيمة الكاملة في واقعها الإيماني ينبغي التأسي بها خُصُوصاً في وقتنا الحاضر بما نمر به ونشاهده في العالم العربي كيف أصبح الاستهداف الخبيث للمرأة المسلمة، والجهد الكبير الذي يبذل من قبل أعداء الإسلام وأعداء القيم الإنسانية والأخلاقية.