العدوانُ وارتداداتُه الإيجابيةُ “اليمن وفلسطين أنموذجٌ”
د. شعفل علي عمير
انطلق العدوان على اليمن وفلسطين بوحشية مفرطة من قاعدة أن هذه الوحشية ستكون أحد عوامل النصر للعدوان، مستهدفين الأعيان المدنية بشكل مباشر سعياً منهم لتأجيج الحواضن الشعبيّة وإيجاد سخط شعبي على المقاومين في اليمن وفلسطين؛ فأثبتت الأحداث بأن قراءةَ الأعداء لواقع الشعبين اليمني والفلسطيني خاطئة إلى حَــدّ كبير وأن العكس هو ما لم يتوقعه الأعداء فقد اتسعت وازدادت تلك الحواضن ثباتاً وتأييداً للمجاهدين فكانت النتيجة عكس ما خُطط له ومخيبة لآمال الأعداء.
عندما باشرت آلة العدوان بالقتل تزامنت معها آلته الإعلامية مردفوة بإعلام تلك الأنظمة التي تدور في فلك أعداء الأُمَّــة وتأتمر بأمرهم، ضخت رسائلها وسهامها السامة لإيجاد شرخ بين المقاومين وحواضنهم في الشعبين اليمني والفلسطيني، مردّدين نفس الدعاية بأن السبب في القتل والمجازر التي يرتكبها الأعداء هو من يقاوم الأعداء، ذلك الضخ الإعلامي كان يستقرئ واقع مجتمعاتهم وواقع من ارتهن للأعداء من مرتزِقتهم، فوقعوا في فخ قراءتهم وفشل تقديراتهم، فكانت أخطاء الأعداء سبباً في إيجاد وعي مجتمعي كُلي لحواضن المقاومة، كانت بمثابة الرديف الداعم بشقيه المادي والمعنوي للمقاومة، كما أن لتجربة اليمن وفلسطين وخَاصَّة غزّة دورًا هامًّا ومؤثرًا في حواضن المقاومين بل في كُـلّ دول المحور المقاوم إلى الحد الذي يتطلع فيه كُـلّ شعوب المحور إلى المشاركة في المعركة المقدسة سواء في اليمن أَو فلسطين، وأن خروج الملايين في المحافظات المحرّرة كُـلّ يوم جمعة وتأييد هذه الحشود للخطوات التي تقوم بها القوات المسلحة الداعمة للمظلومين في فلسطين، وكذلك تأييد الشعب الفلسطيني في غزة لعمليات المقاومة رغم ما يعانونه من مآسٍ رهيبة، كُـلّ هذا يمثل ارتدادات إيجابية نتيجة الغطرسة والوحشية التي انتهجها الأعداء.
يجب أن لا نحزن لتضحيات شهدائنا بقدر ما نبارك لهم الفوز برضوان الله؛ فتضحياتهم اختصرت على الأُمَّــة عقودًا من الزمن وكَثيراً من الجهد لخلق الحالة والروحية الجهادية التي تعيشها مجتمعاتنا في محور المقاومة وفي كُـلّ شعوب أمتنا العربية والإسلامية، فكل قطرة دم سفكت في ساحات الجهاد كانت ضريبة يجب أن تدفعها أمتنا، صحيح أن التضحيات كبيرة ولكنها بطبيعة الحال عكست مقدار الهوان والوضع المُزري الرهيب الذي عانت منه الأُمَّــة؛ ولأن الوضع القائم كان كبيرًا فَــإنَّ ضريبة إعادة الأُمَّــة إلى مجدها وإيقاظها من سباتها يستوجب تضحية كبيرة بمقدار ما كانت عليه من الخُذلان والهوان.