المواقفُ الثابتةُ لليمنيين وجهوزيةُ المواجهة والردود

 

عبدالجبار الغراب

تسارعت وبوتيرة عالية واضحة للعيان وتصاعدت وبصورة مشاهدةٍ وملحوظةٍ وغيرِ مسبوقة في هذا الزمان مختلفُ الأحداث العسكرية الدائرة في قطاع غزة، وما شكلتها من كوارث إنسانية فظيعة لم يسبق لها مثيل في القرن الحالي على وجه التحديد بفعل الحرب الهمجية التي شنها كيان الاحتلال الإسرائيلي على سكان قطاع غزة الفلسطيني، والتي دخلت شهرها الرابع بدون تحقيقها للأهداف المعلنة أَو حتى المخفية من قبل قادة كيان الاحتلال، فقد امتدت في التوسع والانتشار بصور وأشكال عديدة وخَاصَّة لدى دول محور المقاومة الإسلامية كأساليب داعمة ومساندة، فاشتعلت المظاهرات وازدادت النداءات الشعبيّة في مطالبتها بإيقاف الحرب الإسرائيلية الإجرامية على الفلسطينيين والذين يتعرضون للإبادة الجماعية والتطهير العرقي، ولهذا فقد تقدمت دولة جنوب إفريقيا والتي تفردت به عن بلدان العرب والمسلمين بالتقدم بدعوى إلى محكمة العدل الدولية ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي بارتكابه جرائم إبادة جماعية بحق سكان قطاع غزة، وهو ما قبلته المحكمة الدولية والمتوقع النظر فيه يوم الحادي عشر من شهر يناير الجاري، والذي راح ضحية هذا العدوان الإسرائيلي أكثر من 22.500 شهيد وبحدود 55.000 جريح فارضاً للتهجير القسري بحق اثنين مليون مواطن فلسطيني كهدف واضح لجعله فرضاً يتحقّق بأُسلُـوب أَو بآخر، جاعلين من قطاع غزة منطقة غير قابلة للعيش والسكن، فقد فاق التدمير ما نسبته 80 % للمباني والمساكن ولكل ما يتصل للإنسان من مظاهر صالحة لإعادة الحياة.

ولهذا وللتأكيد وللمزيد من الوضوح وهو الواقع الصحيح والمعلوم لدى الكثير وغير المخفي على أحد: أن ما قامت عليها السياسات الأمريكية وتعاقب عليها جميع الرؤساء الأمريكيين كلها تتماشى في إطارها المتناسق والمخطّط والمرسوم والذي تم إنشاؤه؛ مِن أجل السير به ضمن برنامج ثابت معين وهدف موضوع يحقّق من خلاله الكيان الصهيوني آماله وتطلعاته في التوسع على حساب أراضي الوطن العربي الكبير والذي هو ضمن كامل البرامج والسياسات للولايات المتحدة الأمريكية، ولهذا فهي تضع كُـلّ إمْكَانياتها وفي مختلف جوانبها تحت تصرف الكيان الإسرائيلي.

وهنا فقد أحدثت اليمن متغيرات عظيمة كان لحدوثها معالمها الكبيرة في إعادة البحار إلى حاضنتها العربية بفعل قرار تأريخي إستراتيجي شجاع أعلنتها القيادة والقوات المسلحة اليمنية في مناصرتهم وإسنادهم للقضية الفلسطينية بكل الوسائل والإمْكَانيات الممكنة والمتاحة؛ لنصرة ودعم وإسناد المستضعفين من الشعب الفلسطيني المظلوم، فمن قيامهم بالاستهداف المباشر بالعديد من الضربات الصاروخية البالستية والطائرات المسيَّرة لمواقع في مدينة أم الرشراش “إيلات” بفلسطين المحتلّة إلى الانتقال بخطوات وفرضهم لمعادلات ردع قوية عديدة للكيان الإسرائيلي من خلال منع السفن الإسرائيلية من العبور من البحرين الأحمر والعربي يتوقف ذلك بإيقاف العدوان على غزة، ثم إلى الانتقال بحصار الكيان من خلال المنع الكامل للسفن الإسرائيلية أَو من أية دولة كانت من التوجّـه للموانئ في فلسطين المحتلّة إلَّا برفع الحصار على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهو ما مثل في كافة جوانبه شكله الإنساني والأخلاقي والذي انضم معه في التأييد لمواقف لدول عدة وتعالت الهتافات الشعبيّة في مختلف الدول العالمية باتِّخاذ اليمن هذا القرار الإنساني والذي بتصورهم شكل أُسلُـوباً ووسيلة ضغط ناجحة وفعالة على الكيان الإسرائيلي.

وعلى هذا الصعيد الفعال الذي أحدثته اليمن في موقفها التاريخي لإسناد الشعب الفلسطيني شكله لإعادة التوازن الاستراتيجي في المنطقة، والتي كانت البحار تحت هيمنة وسيطرة الغرب والأمريكان، ليتوالى وباستمرار الفشل الأمريكي في إحداثه لمتغيرات جديدة كأَسَاس لردع اليمن واليمنيين انتقاماً منهم لمساندتهم الشعب الفلسطيني، فلا نجحت أمريكا بتشكيلها لتحالف عسكري قوامه عشرين دولة تقدمتهم السعوديّة والإمارات لإخضاع اليمن وشعبها وبحرب لتسعة أعوام وحصار كامل ومن مختلف الجهات والذي ما زال إلى الآن، ولا بمختلف التهديدات الحالية والتي أعلنتها بإنشائها لتحالف عسكري دولي كبير تحت مبرّر تأمين وحماية الملاحة البحرية وغرضه في الأَسَاس حماية السفن الإسرائيلية، ليفشل هذا التحالف حتى من قبل إعلانه ولا حتى بقيامهم بالاعتداء على القوات البحرية اليمنية، والتي استشهد على إثرها عشرة مجاهدين لمحاولة ردع اليمن عن موقفه بحصار السفن الإسرائيلية، فكان لجهوزية الردود والمواجهة اليمنية بتأكيدها على ثباتها على الموقف المناصر والداعم للفلسطينيين واستمرارهم في تنفيذهم للعمليات العسكرية باستهداف ومنع السفن الإسرائيلية من العبور أَو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلّة، مع تأكيداتهم المُستمرّة باقتصار العمليات على السفن التابعة لكيان الاحتلال أَو المتجهة إلى موانئه، وبسلامة حركة الملاحة الدولية إلى مختلف الجهات العالمية وهم مستعدون وعلى أكمل الجهوزية للمواجهة والردود العسكرية ضد أي عدوان على اليمن وشعبها.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com