باغتيال نائب رئيس حركة حماس.. هل حقّق العدوّ مبتغاه؟ أم أن الشهيد يتحول إلى أُسطورة مرعبة تنذر بقربِ زوال “إسرائيل”؟

 

عبدالخالق النقيب

وضعت أمريكا وإسرائيل رهانات كبرى لاجتثاث حركة حماس والقضاء عليها، واغتيال قيادات المقاومة داخل غزة، لكنها أخفقت، وما زال الشعور بالهزيمة الفادحة يطاردها حتى وقد استنفدت كُـلّ أوراقها دون أن تتوانى عن المضي قدماً في استهلاك رهاناتها وتأثيرها على الإعلام الدولي وتحكمها بالقرار الدولي، وبعد مضي تسعين يوماً لعدوانها تورطت مجدّدًا في ارتكاب حماقة إضافية باغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس «صالح العاروري»، في غارة جوية استهدفته في الضاحية الجنوبية لبيروت، لتكسر قواعد الاشتباك وتتجاوز الخطوط الحمراء مع لبنان وسيادته، وكأن سيناريو السقوط يتسارع؛ إذ تأتي عمليةُ الاغتيال هذه بعد أَيَّـام من تجاوزها الخطوط الحمراء مع اليمن وتورطها باستهداف قوارب لقوات البحرية اليمنية في البحر الأحمر، استشهد على إثرها عشرة من جنود الجيش اليمني، لتفتح أمريكا أمامها النار وهي تدرك ماذا يعني وعيد ملايين اليمنيين بالثأر لشهدائهم وأن الدم اليمني المسفوح أريق في واحدة من المعارك المقدسة، ورغم أن البارجة الأمريكية بعدتها وعتادها فشلت في حماية السفينة التي لم تمر ونجح أبطال اليمن في منعها من المرور، إلا أن الثأر للدم اليمني يبقى فاتورة مفتوحة لن تقلت أمريكا من سدادها، وفي المقابل فَــإنَّ حزب الله أعلن في بيان نعيه العاروري أن «الجريمة لن تمر دون رد وعقاب، معتبرًا أن الاغتيال اعتداء خطير على لبنان وشعبه وأمنه وسيادته ومقاومته، وتطور خطير في مسار الحرب بين العدوّ ومحور المقاومة، واختتم الحزب بيانه بأن يد المقاومة على الزناد وأن هذا اليوم المشهود له ما بعده من أَيَّـام.

بالنسبة للقيادي في حماس الشهيد صالح العاروري؛ فَــإنَّ الشهادة منال تأخر عنه حسب تصريح قديم سجلته له قناة الجزيرة، فشهادته تمثل مكافأة نهاية خدمته ونضاله على مدى سنوات، أما بالنسبة لأمريكا وإسرائيل كلما اعتقدت أنها وصلت لهدف من أهدافها.. تكتشف أنها تتورط بجبهات جديدة ومتعددة قد تقودها لحرب إقليمية واسعة ومفتوحة الاحتمالات وكأنها دخلت للتو في حرب جديدة لا نهاية لها ولا تقوى على مواجهتها، وأخذت مؤشرات الهزيمة تتلاحق بعد أن غرقت إسرائيل في تكرار أخطائها واتِّخاذ قراراتها القتالية بعد فشل أمني كبير وفوق ركام من المعلومات والتقييمات الأمنية الخاطئة، وتلهث خلف رئيس حكومتها الذي لا هدف أمامه سوى الانتقام الوحشي والأعمى، بينما تبدو أهداف الحرب الذي رسمها لجيشه المهزوم مستحيلة.

السابع من أُكتوبر وما رافقه من انسجام لنيران المقاومة ووحدة الساحات، خلق وعياً لدى الشعوب العربية ولن ينتج إلا النصر، فالمقاومة تنكل بجيش الاحتلال الإسرائيلي وتلحقه هزائم لم يشهدها في كُـلّ حروبه، واليمن يستعيد دوره الريادي في الانتصار لقضية الأُمَّــة وحماية أمنها القومي، ومقاومة لبنان تعرف جيِّدًا كيف تحافظ على توازنها وتحتفظ بحق الرد للوقت والمكان المناسبين لتبدوا أكثر دبلوماسية في الانتصار للقضية وفي الحفاظ على أمن وسيادة لبنان، بينما مقاومة العراق تشارك بجرأة وثبات في مواجهة العدوان، فنهج العدوّ لاغتيال قادة المقاومة لن يثمر، ورهاناته في تراجع محور المقاومة وتفكيكه بتصفية الشخصيات الجامعة التي كان لها دور في إيصاله لما وصل إليه لن تنجح ولن تفلح، فالمقاومة تعي جيِّدًا أن قادتها في مقدمة الصفوف وأن مؤسّسيها شهداء؛ مِن أجل القضية والكرامة، وأن استهدافهم لن تزيدها إلا قوة وصلابة وعزيمة.

في النهاية تتحول ذكرى اغتيال قادة المقاومة إلى ذكرى للمطالبة بحق الأرض والبقاء، ويتحول الشهيد إلى أُسطورة يصعب على الكيان الصهيوني وأمريكا التخلص منها، فحين استشهد عزالدين القسام والياسين والرنتيسي وعياش ولد عنهم ألف مقاوم ومقاوم، كما أن قاسم سليماني بعد اغتياله بأربع سنوات ما زال حاضراً في الخطاب الرسمي العسكري والاستخباراتي لأمريكا وإسرائيل بأشكال مختلفة وفي مناسبات متعددة، ومع استهداف كُـلّ قائد في صفوف المقاومة سيتفجر عنه وعي جديد أكثر تمسكاً بالمقاومة، وستتعاظم قدرات «محور المقاومة»، والمخاطر التي تشكلها هذه القدرات على وجود الكيان الصهيوني، وتنذر بقرب زوال دولة إسرائيل إلى الأبد.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com