“طُـوفانُ الأقصى” نجاحُها ومدى تأثيرها في الشباب المسلم
أنس عبدالرزاق
لقد أثبتت المقاومة قوتها وَصلابتها في مواجهة الكيان الإسرائيلي من حَيثُ التخطيط والإدارة والثبات حتى تحقيق النصر، على مختلف الأصعدة.
والسؤال هنا ما الذي يميز منهجية المقاومة الإسلامية عن الكيان الصهيوني في الميدان، وكيف تحقّق طموحات المسلمين؟ هناك العديد من الأسباب المهمة والمعتبرة في ثبات المقاومة وتغلبها على الآلة العسكرية الصهيونية والأمريكية، وفيما يلي بعضها:
1- السداد والعون من الله سبحانه وتعالى، حَيثُ كانت عملية “طُـوفان الأقصى” بتوكل على الخالق عز وجل، وتنفيذاً لتوجيهاته وتطبيقاً لقوله -صلى الله عليه وآله وسلم- “لأتينكم برجال يحبون الموت كما تحبون الحياة”؛ فقد كان هذا هو المحرك الأَسَاسي في مواجهة عدوان يتبع أساليب قذرة في اغتصاب حق الشعب الفلسطيني.
2- الإرادَة والتصميم: المقاومة بدأت من الإرادَة القوية والتصميم على التغلب على الاحتلال وعدم الاستسلام أمامه ثقة بقوله تعالى: (إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَأثبتوا).
3- التحمّل: القدرة على التحمل ومواجهة الأخطار والألم ثقةً في تحقّق النصر، وطلباً للنصر والعون من الله، ثقةً بقوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ).
4- الانضباط: قدرة المقاومة على ممارسة الانضباط الذاتي والالتزام للوصول إلى نتائج النصر وعدم التفريط بأسباب النصر قال تعالى: ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ﴾.
5- الصبر: قدرة المقاومة على تحمل الوقت والتحديات والاستمرار في المضي قدمًا بصبر في مواجهة الطغيان مهما كان الثمن.
6- التكيف: قدرة المقاومة على التكيف مع التغييرات والظروف المحيطة والتعامل معها بشكل إيجابي في كُـلّ الأحوال والظروف.
7- الإيجابية: نظرة المقاومة إلى الجانب الإيجابي والمتفائل في عملية “طُـوفان الأقصى” بغض النظر عن الخطر الذي تعرض له أهالي غزة إلَّا أنها تجنبت الأخطار الأكثر، وتعزيز لمبدأ القضية الحقة ليعرف المحتلّ أنه لا بقاء له مهما طال الزمن.
8- الاستعانة بكل الأحرار استخدمت الدعم والمساعدة من كُـلّ أحرار العالم لتعزيز المقاومة وتحقيق الهدف الأسمى الذي لم يكن يوماً من الأيّام ضمن أولويات أنظمة مجلس الأمن والدول التي ترعى الجانب الصهيوني على حساب المستضعفين في غزة وكلّ فلسطين.
9- تحقيق التعديل: قدرة المقاومة على تعديل استراتيجيات المقاومة ومواجهة التحديات بشكل فعال.
10- التفاؤل: حَيثُ كونت المقاومة نظرة إيجابية للمستقبل والثقة في القدرة على تحقيق النصر، إيمَـاناً بقوله تعالى: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ)، وإعادة الأمل للأجيال الشابة في تحقيق العدل واجتثاث الظلم والاستبداد في الأرض مهما كانت قوته.
11- التعلم من الفشل: استخلاص الدروس من تجارب وأخطاء الأنظمة السابقة واستخدامها كفرص للتحسين والتقدم في مختلف الجوانب.
لقد كان نجاح المقاومة في عملية “طُـوفان الأقصى” كسراً لشوكة الاحتلال المُستمرّة في المنطقة والعالم.
من هنا ندرك تماماً أنه في ظل الاحتلال الذي يعيشه الفلسطينيون في المنطقة، تظهر المقاومة بوصفها وسيلة قوية لكسر شوكة الاحتلال وتحقيق نجاحات يعجز القلم عن كتابة معجزاتها في مواجهة الظلم والاضطهاد، وأن نجاح المقاومة قد تحقّق على عدة أصعدة.
إذ تحقّقت نجاحات المقاومة في الواقع الميداني من خلال تصدي أفراد المقاومة للقوات الصهيونية، وعكس معادلة ظل يستخدمها العدوّ لقرون، والانتقال من مرحلة التصدي إلى مرحلة الهجوم وتحقيق الانتصارات العسكرية، بل وتحقيق المعجزات التي وعد بها الله عز وجل، للمجاهدين في سبيله، استخدمت المقاومة العمليات الناجحة للتحرير والضربات الواعية لتقليص قدرة الاحتلال على المساومة والتأثير على الواقع الميداني.
ويجب أن نعرف، أن المقاومة نجحت في كسر شوكة الاحتلال على الصعيد السياسي من خلال دعم الدول والمنظمات الدولية للقضية الفلسطينية، إذ عبرت المقاومة عن صوت الشعب الفلسطيني وأذلت الاحتلال وتجاوزت محاولات الكيان لطمس القضية الفلسطينية.
والسؤال هنا يأتي من كُـلّ بقاع العالم، لماذا يتدخل اليمن في “طُـوفان الأقصى”؟ تدخل اليمن في “طُـوفان الأقصى” يشير إلى دور اليمن في دعم القضية الفلسطينية والمشاركة في المظاهرات والحملات الداعمة للمسجد الأقصى، حَيثُ يعتبر تدخل اليمن تدخلاً مهماً في هذا السياق لعدة أسباب: أهمها التاريخ الثقافي والديني المشترك، واتباعاً لأوامر الله عز وجل في نصرة الإسلام، حَيثُ ينتمي اليمن وفلسطين، إذ يقول تعالى: “مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا” سورة الفتح الآية (29).
ولأن قيادة الشعب اليمني تتمتع بوعي قرآني سياسي وشعبي عالٍ، وتهتم بقضايا الأُمَّــة وعلى رأسها القضية الفلسطينية وإيمَـانها بحقوق الفلسطينيين في الحرية والكرامة النابعة من تشريعات إلهية غير قابلة للتفاوض أَو النقاش، حَيثُ يشارك اليمنيون في المظاهرات والحملات الداعمة ويقدمون المساعدات الإنسانية والعسكرية للفلسطينيين.
إذ تسعى القيادة إلى تطبيق المنهج الإلهي في العلاقات مع محور المقاومة ودعم المسجد الأقصى والقضية الفلسطينية؛ إذ تقدم الدعم السياسي والعسكري وتبذل الأرواح في سبيل القضية التي تشبعت في حبها، وتستنكر أي تدخلات أجنبية تهدّد الأقصى.
فعلى الرغم من التحديات الداخلية والخارجية التي تمر بها بلادنا ومواجهة التحديات الاقتصادية، وعلى الرغم من العدوان الغاشم على بلادنا، ومع ذلك كله، تظل القضية الفلسطينية على رأس الهرم بالنسبة للقيادة وتعكس قضية العدالة والحرية الشاملة في المنطقة.
يمكن أن نستنتج أن تدخل اليمن في “طُـوفان الأقصى” يعكس الروابط التاريخية والثقافية والدينية بين محور المقاومة بمختلف أطيافه، ودعم اليمن للقضية الفلسطينية يعزز أهميّة الحرية والعدالة في المنطقة، وأن النجاحات التي تحقّقها المقاومة في غزة والعراق وسوريا ولبنان وإيران واليمن إنما هي عناية الله عز وجل للحق وأهله.
في الأخير أصبحنا نعي أن المقاومة نجحت بمختلف أطيافها في تعزيز الوعي العالمي حول قضية الاحتلال الصهيوني الأمريكي من خلال وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وقدمت المقاومة الجهود الدؤوبة في نشر الحقائق وكشف حقيقة الاحتلال الصهيوني والانتهاكات المُستمرّة ضد الشعب الفلسطيني وأذلت الباطل بكل عتاده وإمْكَاناته، ويبقى السؤال هل يمكن في يوم من الأيّام تحت أي ظرف أن تشارك الدول العربية في نصرة الحق وأهله أم لا؟!