مع اليمن لوقوفه مع فلسطين
علي الأشتر*
في الحين الذي نقرأُ الأحداثَ ويكتُبُ مقالَنا، هناك طفلٌ آخرُ سيُقتَلُ في غزةَ وعائلةٌ أُخرى تتم إبادتُها في فلسطينَ، وصنعاء تُقصَف؛ فإلى متى يتم طيُّ هذه المعاناة الإنسانية بحق فلسطين وشعبها وشعوب أمتنا؟! وَمتى سيتم وضعُ حدود لهذه الجرائم التي يرتكبُها الكيانُ المحتلّ؟!
إن دعمَ اليمن الثابتَ للقضية الفلسطينية قائمٌ على أَسَاس حقٍّ، وعلى مبدأ رحمة وإيمان وإنسانية بالدرجة الأولى، وَمتجذر في روابطَ دينية وسياسية عميقة.
لقد أعرب الشعبُ اليمني تاريخيًّا عن تضامنه مع محنة الفلسطينيين ويحمل هَمَّ أمته، ودعا بحماس إلى إيجادِ حَـلٍّ للصراع على أرض فلسطين المحتلّة صهيونيًّا وأمريكيًّا.
ومع تاريخٍ غنيٍّ من النشاط المناهض للإمبريالية والاستعمار، يظل الموقفُ اليمني من فلسطينَ ثابتًا.
وفي خضم الجهود المبذولة لوقف الصراع في غزة والنداء لوقف الدعم الأمريكي لقيام الكيان المحتلّ بمجازر وإبادة في فلسطين، انضم اليمنُ إلى العديد من الدول الأُخرى في الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتميز ميدانيًّا وعمليًّا ومبدئيًّا باختيار نهج الجهاد والاجتهاد العملي في سبيل الحق إن لم يكف الصهاينةُ أياديَهم عن فلسطينَ وشعبها وَمقدسات الأُمَّــة فيها.
إن الدعمَ الجماعي من اليمن والدول الأُخرى يحملُ القُدرةَ على التأثير على التصورات الدولية والمساعي الدبلوماسية؛ مما يزيد من الضغط على الكيان الغاصب لمواصلة مفاوضات وقف إطلاق النار والعمل على التوصل إلى حلولٍ سلمية، وبما أن اليمنَ وشعبَه يتحَرّكُ من منطلق إيماني فهو آخرُ الشعوب التي تسعى إلى الحرب، ولكن أن تطلب الأمرُ واستمر الظلم والعدوان فَــإنَّ الشعبَ اليمني شعبٌ ذو أصالة وَدِين ومبدأ وإيمان وإنسانية وسيكون وكان وأصبح وما زال وسيبقى شعبًا لا يقبُلُ الذُّلَّ والهزيمة ويحمل هَمَّ أمته بما يحملُ في قلب أبنائه من رحمة، وعلى أَسَاس ذلك فَــإنَّ لدى الإخوة اليمانيين اعتقادا راسخًا وإيمانيًّا بأن الموتَ والشهادةَ سعادةٌ وحياةٌ، ومن مبادئ الشعب اليمني الأصيل المعروفة هو قولُ حفيد خاتم الأنبياء (ص) وهو كان حينها ثائرًا بوجه فرعون زمانه: “أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَغَيَّرَتْ وَتَنَكَّرَتْ وَأَدْبَرَ مَعْرُوفُهَا، وَاسْتَمَرَّتْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ، وَخَسِيسُ عَيْشٍ كَالْمَرْعَى الْوَبِيلِ، أَ لَا تَرَوْنَ إلى الْحَقِّ لَا يُعْمَلُ بِهِ وَالْبَاطِلِ لَا يُتَنَاهَى عَنْهُ فَلْيَرْغَبِ الْمُؤْمِنُ فِي لِقَاءِ رَبِّهِ، فَإِنِّي لَا أَرَى الْمَوْتَ إِلَّا سَعَادَةً وَالْحَيَاةَ مَعَ الظَّالِمِينَ إِلَّا بَرَما”.
ومع تزايد جوقةِ الدول التي تعربُ عن تضامنها مع فلسطين، تتزايدُ أَيْـضاً إمْكَانيةُ زيادة الضغط الدولي على الكيان الصهيوني المحتلّ للانخراط في قرارات دبلوماسية وَسلميًّا تفضي إلى التحرير الكامل لأرض فلسطين وشعبها المظلوم.
ومن الممكن أن يؤديَ إنشاءُ جبهة دولية موحَّدة لدعم الفلسطينيين إلى تحفيزِ إعادة تقييم سياسات الاستعمار الأمريكية البريطانية الصهيونية الفرنسية وتصرفاتها، وربما إعادة تشكيل نهجها في التعامل مع الصراع المُستمرّ بطرق ذات معنى يخدم بحق وبجد الإنسانية.
إن دعمَ الشعوب والدول للدور الذي يقوم به اليمنُ يتجاوز المجالَ السياسي ويواسي الشعب الفلسطيني، ويتناولُ الأزمةَ الإنسانية المُلِحَّةَ التي حلت بالشعب اليمني في قِتاله معركةً دفاعيةً إنسانية مقدسة، الأزمة التي تشمل انعدامَ الأمن الغذائي على نطاق واسع، ومحدودية الوصول إلى الرعاية الصحية وتسعى إلى سلبِ الشعب اليمني والشعب الفلسطيني وشعوب امتنا ارادتها وسيادتها.
دعمُ اليمن والتحالف معه لا تعالج المعاناة المباشرة فحسب، بل تساهمُ أَيْـضاً في الاستقرار الحقيقي والفعلي الإقليمي والجهود العالمية لمكافحة التطرف وحالات الطوارئ الإنسانية والإرهاب الصهيوني، دعم اليمن والتحالف معه وسند الشعوب له هو تحالُفٌ في جانب الرحمة والإنسانية والوقوف بوجه الظالمين والمجرمين الذين وبكل إجرام يفعلون ما يفعلون في فلسطينَ وَغزة هاشم.
إن الوقوفَ إلى جانب اليمن ودعمِه لفلسطينَ يتماشى مع القيم والمبادئ المشتركة لعددٍ لا يحصى من الدول والأفراد في جميع أنحاء العالم. إنه بمثابةِ دليل قوي على التضامن مع سعي الفلسطينيين لتحقيقِ العدالة والسلام والكرامة، وهي قِيَمٌ لها صدىً عميقٌ مع مبادئ القانون الإنساني والدولي.
* ناشطٌ سياسي من شبه الجزيرة العربية – الأحساء