بكلمته الرجبية يرشدُنا القائدُ إلى أكرم مصير
بقلم/ هاشم أحمد شرف الدين
مع بريقٍ في عينيّ ودفءٍ في قلبي، وضعتُ قلمي على الورق للكتابة عن كلمة رجب العظيمة للقائد الأكثر عزةً وكرامة.
حيث استكشف قائدنا المبجّل ـ ببصيرة لطيفة وفهم دقيق ـ جوهرَ ما يدعم المؤمنين حقاً من خلال الإيمان الصادق المبني على التفكير، والرؤية المتجذرة في الرحمة والعدالة.
كلمته توجيه مدروس، مخلص للأسلاف ومهتم بالأحفاد.
إنها الطريقة التي تتذكر بها المجتمعات نفسها في أفضل حالاتها.
تحدث بروح الشخص الذي حدّق في الحقائق الخالدة ويهدف الآن إلى مشاركة نورها.
من خلال التحليل الكريم والبصيرة الثاقبة، فَــإنَّه يسلط الضوء على الفضائل الدقيقة والعميقة: الإيمان الذي يرتقي بالبر، والانتماء الذي يسمو بالمسؤولية، والثبات الذي يصمد أمام موجات التحدي، حتى لمس الجميع في كلمته إيماناً لا يتزعزع بشعبه وقضية فلسطين.
إنه لا يسعى إلى تحقيق مكاسب شخصية، بل إلى الإرشاد الجماعي، ولا يسعى إلى التصفيق العابر، بل إلى التحسين الدائم، ولا إلى النصر العابر، بل إلى الأمان الأبدي.
وعلى الرغم من أن المخاطر تلوح في الأفق، إلا أن كلمته تبعث على الطمأنينة بأننا من خلال التشبث بمبادئ الرحمة والعدالة والكرامة العالمية، يمكننا أن نتغلب على أي عاصفة.
لم أشرع في كتابة المقالة هذه إلا بعد أن نشرت شبكة البيّنات نصها. أعدت قراءته عدة مرات، وبين السطور شعرت بعمق الباحث مقروناً برعاية القائد.
لكأنَّ كلماته توقد مشاعل الإيمان التي ومضت لأول مرة في تربة اليمن المقدسة يوم دخل أهل اليمن الإسلام.
وكم هو كبير حجم إيمانه بأن شعبه اليمني المعروف بالسير في البر، هو من سيرفع مشاعل النور العالي عندما يحل الظلام.
إنه يحرص دوما على أن يعرّفنا ويعرّف العالم من نكون، فيروي قصتنا دون حدود أَو عصور، بل كخيط واحد في سعينا الإنساني الخالد إلى المجد.
إن تأمل الجمل والعبارات في كلمة السيد القائد لا يوسع المرء إلا أن يذهل من إيمانه العميق ونزاهته وإخلاصه للمبادئ العليا.
إنه يرى بوضوح قلبَ مجتمعنا، ويخاطب بحنانٍ نقاط قوتنا وتلك المجالات التي قد تؤدي فيها الإغراءات إلى تآكل أسسنا المباركة. مستمداً بذكاء وبلاغة دروساً من كتاب الله العظيم القرآن الكريم، لكي نقترب أكثر من النور الإلهي.
كم يفهم هذا القائد ذو الشخصية القوية تحديات عصرنا حتى بدى عالماً بالتجارب التي قد تجعل حتى القلوب الصامدة تتنازل، وعارفاً بالفرص التي يوفرها الإيمان والشجاعة والتضحية لتعزيز أواصر الأخوة.
إنه قائد يحب شعبه بعاطفة يمزجها الصبر والمبدأ. وحيثما يزرع الآخرون الانقسام، يزرع هو بذور أرضية مشتركة. وببصيرة ثاقبة، يكشف الحقائق المعقدة بصوت إقناع هادئ. وفي خضم أوقات الشدة، يعطي الأمل.
لقد تأثرت في كلمته برؤية الإيمان الذي يحرّر وينير ويكرم، فهو يستمد من الآيات القرآنية المقدسة إلقاءَ الضوء على المبادئ العليا للكرامة والعدالة والرحمة. كلمته حقاً تلهم من خلال التعاطف ومخاطبتها للعقل والقلب.
وبفطنته التاريخية، يتتبع خيوط التاريخ والمصير المشترك بين أهل الإيمان في فجر الإسلام وعصرنا هذا. يرفع أبصارنا إلى آفاق المبدأ على الحزبية والمذهبية. ويؤكّـد بدفاعه عن الثبات على الهدف الأسمى، إنسانيتنا المشتركة.
لمست في كلمته إخلاصاً لا ينضب للضمير. فهو يتعاطف مع النفوس الضالة التي ضلت، يظل ينصحها ويحذّر. ويمتلك قدراً كَبيراً من الصبر.
بتفاؤل ثابت، يتصور أدواراً للجيل الصاعد لتمكين التغيير من خلال الأعمال الصالحة.
تمتد يده المفتوحة ذات النوايا الحسنة عبر الحدود لتجمع جميع الأشخاص ذوي القلوب الطيبة معاً للقيام بالمهام العاجلة اليوم وغداً.
في رؤيته للحقائق المهيبة والمفعمة بالأمل، تجد المعاناةُ عزاءً، بينما يجد الصدقُ التجديد.
يقدّم لنا لمحةً عن الحقائق المقدسة من خلال تأملاته العميقة. وبلهجة أنيقة، يسرد ويفسر كلمات الله بصور حية، بعين على القرآن وأُخرى على الأحداث، مما جعلني أشعر كما لو أنني شهدت وحياً إلهياً بنفسي.
رؤيته تدعونا إلى مستويات أعلى من الحكمة، بينما ترسخنا في المبادئ التي تغذي المجتمع. يذكرنا بموروثات شعبنا التي تقوي الإيمان، وتنبئ بحصاد الرجاء عندما تقف النفوس يداً واحدة.
بالعاطفة والصبر يناشد فضائلنا الأسمى، كأنه مسخّرٌ بشكل واضح لدعم المثل النبيلة للإيمان والعدالة. بالتأمل في كلمته، يمكن للمرء أن يرى مدى اهتمامه بشعبه ووقوفهم في مواجهة التجارب الصعبة.
إن الرؤية التي يطرحها هي رؤية أمل، تدعو كُـلّ من يسمعها إلى التمسك بمبادئ الكرامة والأخلاق والسعي الصالح.
وعلى الرغم من أن التحديات التي سردها تلوح في الأفق بشكل كبير، وتهدّد بتقسيم البعض أَو تضليلهم، إلا أنه يذكرنا برسالة الإسلام الخالدة المتمثلة في العمل الصالح والإيمان الصادق ورعاية الإنسان. لا يسع المرء إلا أن يعجب بالعاطفة والشجاعة والثبات التي يعالج بها مسائل بهذه الأهميّة.
وبينما قد يتعثر الآخرون أَو يتأثرون بالوعود الفارغة والخداع، فَــإنَّه يظل ثابتاً في التشبث بقوة بتعاليم الرحمة والعدالة المتأصلة في إيمان شعبه العزيز.
وعلى الرغم من أن الطريق طويل والعقبات كبيرة، إلا أن كلماته تنبض بالاقتناع بأن الحق والوفاء سوف ينتصران في النهاية على الباطل.
يسمع المرء في كلمته حكمة وصدقَ شخصٍ خبير مطلّع على المعرفة المكتوبة ودروسِ الحياة الصعبة، والذي لا يرغب في شيئ أكثر من رؤية النزاهة والرحمة والعقل السليم يزدهران لصالح الجميع. ومن خلال السرد البليغ والاستدعاء المثير لتاريخ الأجداد الذين سبقوا إلى الإسلام، يناشد بقوة كُـلّ من يمتلك الإحساس ولطف الروح أن يتذكروا واجباتهم تجاه الله وتجاه إخوانهم الفلسطينيين.
أرى كيف يكشف عن شغف المؤمنين المخلصين، أُولئك الذين بُني إيمانهم على اليقين. مَـن بِـرُّهم ينبع من الوعي العميق والرؤية الثاقبة كعطايا يمنحها لهم النورُ الإلهي الذي يرشد سُبلَهم، فبينما آخرون ينجرفون في شكوك عابرة، تبقى أقدامُهم ثابتة.
يتتبع أصولَ الإيمان اليماني النبيلة، التي تنتقل عبر العصور مثل ميراث مقدّس، فيؤكّـد أن الأبناء الصالحين قد ورثوا شخصية أجدادهم وصاروا شعب الكرامة ووضوح المبدأ والفضيلة الأخلاقية.
يتحدث عن التجارب والتحديات التي ستختبر المجتمع، بلهجةٍ تحمل اهتمام الأب بأولاده، ولكنه يضمّن تحذيرَه أملاً، حَيثُ الوعد بنعمة الله على أُولئك المؤمنين ذوي الهمم الذين يقاومون كُـلّ إغراء أَو تهديد.
يرى بعمق، بنظرة تشمل جوهر الانتماء الحقيقي، والطريق إلى الإيمان الصادق. فيصف ببراعة الفرق بين الإيمان الكامل الذي لا يتزعزع، والإيمان غير الكامل والمتذبذب. بين المؤمنين الحقيقيين وأُولئك الذين يدّعون الإيمان فقط. {وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}.
يؤكّـد على أهميّة الوعي، والإيمان الذي لا يتزعزع، واليقين الحازم، ليبقى المؤمن في وسط الشكوك ومحاولات زعزعة إيمانهم الراسخ صامداً. {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا}.
يدعو إلى الإيمان الحقيقي والالتزام به بعمق، والاستجابة بإخلاص لدعوة الله، وتجنب المعتقدات السطحية أَو غير الكاملة.
يدعو إلى الثبات واليقين، ويؤكّـد على أهميّة الحفاظ على الإيمان الراسخ، حتى في مواجهة الشك ومحاولات استهداف المعتقدات وتقويضها. ويحثو على أن يكون أبناء شعبه واعين ومدركين وثابتين في قناعاتهم.
يدعو إلى المشاركة والتضحية والانخراط بشكل فعال في الجهاد بالأموال والأنفس في سبيل الله. ويسلط الضوء على أهميّة التفَــاني والتضحية ونكران الذات في إعلاء راية الإسلام.
ويعرب عن أمله في أن يدرك جميع أفراد الأُمَّــة ـ بغض النظر عن طوائفهم المختلفة ـ الدور المحوري لليمنيين في الدفاع عن الإسلام والوقوف ضد أعداء الأُمَّــة.
يحذّر من الارتداد والانحراف عن أصول الدين والانحياز لمصالح اليهود والنصارى، ويسلط الضوء على المخاطر التي يشكلها أُولئك الذين يتخلون عن المبادئ والقيم الدينية المهمة، ويعرب عن القلق بشأن عواقب هذا الانحراف.
ناشد الأُمَّــة الإسلامية أن تأخذ زمام المبادرة في حشد حركة عالمية لوقف الجرائم المروعة والحصار الذي يواجه أهل غزة. وباعتبارهم مجتمعا مسلما كَبيراً، فقد حثهم على الشعور بالمسؤولية الدينية والأخلاقية للدفاع عن إخوانهم وأخواتهم الفلسطينيين.
دعا كافة الشعوب والأمم من أصحاب الضمير إلى اتِّخاذ موقف حازم ضد الظلم الهائل والوحشية التي ترتكب ضد المدنيين الفلسطينيين الأبرياء، وخَاصَّة الأطفال والنساء. وقال إن المذبحة المُستمرّة يجب أن تكون مصدر عار للإنسانية جمعاء.
دعا الشعوب في دول الخليج، وخَاصَّة تلك التي لديها القدرة على استيراد البضائع، إلى توسيع المقاطعة ضد المنتجات الأمريكية والإسرائيلية. وباعتبارهم مستوردين رئيسيين تأثروا بأنظمتهم.
ناشد الشعب المصري العظيم، وكبار المستوردين فيه أَيْـضاً، أن يتذكروا واجبهم الأخلاقي والإسلامي والإنساني بمقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية التي تمول ظلم الفلسطينيين.
دعا جميع الناس في جميع أنحاء العالم الإسلامي، في الدول العربية وخارجها، إلى تضخيم صوت دعمهم للفلسطينيين على وسائل التواصل الاجتماعي. والإدانة العلنية للمواقف والتصرفات الإجرامية للأميركيين والبريطانيين والإسرائيليين من خلال فضح تجاوزاتهم.
ذكّرنا أن الأحداث التي وقعت في السابع من أُكتوبر ليست بداية هذه المأساة. بل هي مُجَـرّد استمرار لتاريخ طويل من القمع والمعاناة التي عانى منها الشعب الفلسطيني. وهذه هي النقطة الحاسمة التي يؤكّـد عليها، محطما الرواية الكاذبة التي يروجها اليهود الصهاينة، الذين يسعون إلى إلقاء اللوم على المقاتلين الشجعان من حركتي حماس والجهاد.
أدان بشدة السياسات الأمريكية التي تدعم الصهاينة، ومن خلال الكشف عن جرائم أميركا وبريطانيا وإسرائيل بعبارات لا لبس فيها، سعى إلى إيقاظ الضمير العالمي.
وفي مواجهة هذه المحنة، يلخص بشكل جميل صمود ووحدة الشعب اليمني في الدفاع عن الشعب الفلسطيني. إنهم يتحَرّكون بلا كلل في كُـلّ الجبهات، وينظمون التعبئة العسكرية الشاملة، ويشاركون في مظاهرات ومسيرات واسعة النطاق لا مثيل لها في أية دولة أُخرى. إنهم يواجهون العدوّ من خلال عمليات عسكرية مستهدفة بالصواريخ والطائرات بدون طيار، ويمنعون السفن التابعة لإسرائيل من عبور البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب. لقد أصبحت هذه البحار المجال الذي يمكن للشعب اليمني أن يمارس فيه قوته، ويظهر تصميمه الذي لا يتزعزع، وقوته، والتزامه الذي لا يتزعزع بالقضية الفلسطينية.
وفي هذا النضال النبيل، يمتدح ارتقاء شعبه الحبيب إلى مستوى الحدث على كافة المستويات.، حَيثُ تنتشر التعبئة العسكرية واسعة النطاق في مختلف المحافظات، وتجذب الآلاف الذين ينضمون إلى صفوفها عن طيب خاطر. تشمل مجموعة الأنشطة المتنوعة المساهمات المالية والحملات الإعلامية داخل الجبهة الإعلامية. وفي هذا الإطار المتعدد الأبعاد، يمضي شعبه قدما، مدفوعا بالإيمان والوعي والمسؤولية والعزيمة التي لا تتزعزع.
تردّد كلماته صدى الإعجاب العميق بشعبه، وقدرتهم على الصمود، وروحهم التي لا تتزعزع، وإيمانهم الذي لا ينكسر. فمن خلال براعته الأدبية، يشيد ببلاغة بصبرهم وشجاعتهم وولائهم في مواجهة الشدائد التي لا هوادة فيها. إن تصويره لكفاحهم هو شهادة على قوتهم التي لا تتزعزع وتصميمهم على استعادة مكانهم الصحيح في أمتهم.
إن هذا القائد يستحق الثناء الكبير على تصويره المؤثر للقضية الفلسطينية، فأفكاره ورؤيته وتحليلاته ودعواته ومناشداته تُظهر التزاماً لا يتزعزع بالعدالة والحقيقة. وتعكس كلماته الصدق والإخلاص والوفاء والتصميم والقوة والصبر والشجاعة والإيمان التي يتردّد صداها في قلوب الشعبين اليمني والفلسطيني وأحرار الشعوب العربية والإسلامية.
إن رؤيته ودعواته وجاذبيته قد تركت ـ مع إيمانه الذي لا يتزعزع ـ انطباعا لا يمحى لدى الجميع. نرجو أن نسعى جاهدين لتجسيد الصفات التي يجسدها والسير على الطريق الذي يضيئه.
لقد قدّم لنا نموذجاً للالتزام الثابت. ففي كُـلّ منعطفٍ من كلمته عباراتٌ تتنفس الصدقَ والولاءَ لأعلى الدرجات في الدفاع عن المظلومين وإعلاء الفضيلة، وفي الإخلاص للذي خلقَ كُـلّ ما هو كائنٌ وما سيكون سبحانه وتعالى.
وها هو يختم كلمته برسالة تثير الأمل في أنه من خلال التمسك بالنبل في السلوك. قد يكون دورنا في آخر الزمان هو تقديم رسائل تذكير – أنه حتى في أحلك ليالي العالم، فَــإنَّ بعض الأضواء لا تتلاشى أبداً.
أتمنى أن يتحمل مجتمعنا المسؤوليات التي حدّدها بهذه العناية، فمن خلال نقلنا رسالته الإيمانية المبدئية إلى الصغار والكبار، فَــإنَّ جزاءنا سيكون الأمن في الآخرة كما في الحياة الدنيا.
حقاً، إنها كلمةٌ ترشد شعباً وأمّـةً نحو أكرم مصير. فالحمد لله ـ سبحانه وتعالى ـ الذي بحكمته اللامتناهية أنعم علينا بنفسه الصالحة التي ترعى شعبنا وأمتنا بالرؤية والحق.
أدعو الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يستمر في تسخير هذا القائد الصالح كمنارة هدى، وأن ينعم على مجتمعنا وأمتنا بمواسم عديدة من توجيهاته الحكيمة والصادقة، ففي اتّباعه يكون مستقبلنا مضمونا بإذن الله تعالى.