جيشٌ، وشعبٌ، وقائد.. أيُّ جحيمٍ ينتظرُ أمريكا في اليمن؟!

 

فهد الرباعي

‏بذات الغطرسة التي أقدمت عليها أمريكا ليلة الجمعة، وذات الأهداف التي استهدفتها الطائرات الأمريكية والبريطانية، بدأ تحالف العدوان عدوانه بقيادة السعوديّة قبل تسع سنوات على اليمن، غاراتٌ مارقة تستهدف المطار في العاصمة صنعاء وعدداً من المدن اليمنية، ثم كيف كانت النتيجة؟ جاء سفيرها محمد آل جابر إلى صنعاء جاثياً على قدميه يتوسل السلام، لكن يبدو أن بايدن لم يفهمِ الدرسَ على بساطته، ولم يكن قارئاً فذاً للأحداث وللتاريخ، وإلّا لأدرك أن العبرة دائماً في الخواتيم، وأن العدوان على اليمن ورطة لن تجد واشنطن طوق نجاةٍ لها، ولو جاء بلينكن للمثول بين يدي المشاط يستجدي الشفاعة.

منذ البداية والمتحدث الرسمي للقوات المسلحة يتلو على مسامع العالم في بياناته عبارة التأكيد على أن الملاحة آمنة، وأن عملياتنا لا تهدّد سلامة أحد، وأننا نسعى باستهداف السفن الإسرائيلية لوضع حدّ للإبادة الجماعية التي يمارسها النازيون الجدد بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، وأنها ستتوقف حال أن ترفع إسرائيل يدها الملطخة بالدماء عن الفلسطينيين.

وكان قائدنا المبجل حازماً في الخطاب، صريحاً في الموقف، وناصحاً أميناً لما قد تنتهي إليه الأحداث في المنطقة حال أن ركبت أمريكا رأسها وقرّرت أن تشن عدواناً على اليمن، وبالفعل وقع بايدن في فخ الصهاينة ولا يدري أن الليالي حُبْلى بالمفاجآت.

والغارات المارقة التي استهدفت العاصمة صنعاء والحديدة وحجّـة وتعز وصعدة، هي حماقة سيتعين على واشنطن أن تدفع ثمنها باهظاً، والثمن سيكون بزعزعة ملاحتها في البحرين الأحمر والعربي، ونسف قواعدها في المنطقة، وإخراجها صاغرةً مذمومةً بعد أن عاثت في المنطقة الفساد.

تستطيع واشنطن مثلاً أن تختار زمان ومكان بداية الحرب على اليمن، لكنها لن تستطيع أن تُحدّد كيف وأين ومتى ستنتهي هذه الحرب، وهذه كما يراها المراقبون مقامرة خطيرة بمصالح أمريكا في المنطقة، لا سِـيَّـما أن اليمن رجال حربٍ وبأس، لا ينامون على ضيم، ولا يتنكرون لمواقف العرب الأصيلة في نصرة المظلوم وإغاثة الملهوف، قائدهم السيد تُحاربه الولايات المتحدة بأدواتها منذ أن خرج على قومه بمشروع التحرّر من الهيمنة الأمريكية في جبال مران في مطلع الألفية الجديدة، وفي كُـلّ جولةٍ للحرب كان ينتصر ويظفر، وكانت أمريكا تخسر وتتقهقر على يديه، وتحت قيادته غدا اليمن قوةً إقليميةً يقف عندها الجميع، وهو في طريقه ليصبح مستقبلاً قطباً لا تُخطئه العين في المسرح الدولي.

ولا أعرف على وجه اليقين دوافع استماتة بايدن في الدفاع عن الصهيونية، وأسباب ذلك التهور الذي أجج عليه سخط الشارع الأمريكي، الذي أدان تصرفات إدارته في التعامل مع الحرب في غزة وتوسيع رقعة الصراع بعدوانه على اليمن، وسياسته التي أغرقت أمريكا في مستنقع الصراعات العبثية، وأسقطت عنها مزاعم أنها الدولة الراعية لعملية السلام في العالم، وأنها الدولة التي تقوم على العدل والمساواة واحترام الشعوب في حق تقرير المصير، لقد أظهرتها الأحداث كما رئيسها تعيش أزمة أخلاقيةً وعهراً سياسيًّا ليس إلّا، ببعثرتها المشاريع المطروحة على طاولة مجلس الأمن والتي تقضي بوقف قتل الفلسطينيين وتهجيرهم عن أرضهم، أَو بعدوانها على اليمن؛ بسَببِ موقفه المساند لغزة، وتلك مفارقة تؤكّـد ضرورة التغيير في بنية النظام العالمي الحالي القائم على هيمنة القطب الواحد، إلى قيام نظامٍ عالميٍّ متعدد الأقطاب يرعى الحقوق المشروعة للشعوب.

لقد دخل اليمن خطَّ المواجهة بشكلٍ مباشر في معركة “طُـوفان الأقصى” رغم ما أصابه من قرح، غير آبهٍ بأمريكا ولا مكترث لكل طواغيت العالم، وانتصب شامخاً مدججاً بقائده الشجاع في وجه آلة القتل الصهيونية النازية، حين لاذ من لاذ بالصمت، وتنكر من تنكر للدم الفلسطيني المسفوك ظلماً، وحين اكتفى من اكتفى من العرب والعجم بالشجب والتنديد والاستنكار.

وأيما كانت النتيجة فموقف اليمن ثابت لن يتغير، وهو موقفٌ مبدئيٌّ وإنسانيٌّ وأخلاقيٌّ وديني، لن تستطيع أمريكا وبريطانيا ومعهم كُـلّ الناتو منعه، ولو كان بعضُهم لبعضٍ ظهيراً.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com