العدوانُ الأمريكي على اليمن.. بين زيفِ الحُجَّـة وحماقةِ القرار
منير الشامي
وصف كثيرٌ من المحللين العسكريين في العالم القرار الأمريكي البريطاني بشن عدوان على اليمن بالقرار الأحمق والغبي وغير المدروس، بينما وصفه آخرون بالخطأ الخطير والفادح، مؤكّـدين أن واشنطن بهذا القرار أوقعت نفسها هي ولندن في ورطة حقيقية، وأنهما لن يجنيا من عدوانهما على اليمن سوى الهزيمة والخسران في كُـلّ الأحوال، وهذه حقيقة لا غبار عليها ولا يختلف فيها اثنان ولا مبالغة فيها إطلاقاً.
ولتوضيح ذلك يكفي أن نقف قليلًا لتحليل هذا القرار الأمريكي الغبي، وتحليل النتائج المحتملة له وعلى النحو التالي:
أولاً: نلاحظ أن المبرّر أَو الحجّـة التي برّر فيها العدوّ الأمريكي عدوانه على اليمن هي حماية ملاحة السفن التجارية في البحر الأحمر، وهذه حجّـة كاذبة يعلم زيفها العالم ويدرك أن جميع سفن العالم التجارية تبحر عبر البحر الأحمر بأمان وسلام وبحرية وسلاسة باستثناء السفن الإسرائيلية أَو المتجهة إلى موانئ الأراضي المحتلّة حسب نص القرار اليمني، وقد أكّـدت القيادة اليمنية في قرارها مراراً وتكراراً عن مسؤوليتها الكاملة في تأمين وحماية ملاحة كُـلّ السفن التي لا علاقة لها بالكيان الصهيوني واعتبرت ذلك حقاً عليها ومسؤوليتها الشرعية والقانونية.
ثانياً: أن القرار اليمني لم يصدر أشراً ولا بطراً ولكنه صدر نتيجة لعدوان الكيان الصهيوني الغاشم والوحشي على قطاع غزة وفي فترة لم تتحَرّك فيها أية دولة لوقف هذا الإجرام والإبادة العرقية لسكان غزة، وهدفه وقف العدوان على غزة ورفع الحصار المفروض عليها والسماح بدخول الماء والغذاء والدواء والوقود؛ باعتبار أن إغلاق المنافذ الإنسانية على شعب محاصر جريمة حرب بنص القانون الدولي، وكان المفترض أن يحظى القرار اليمني بتأييد ودعم دولي وأممي لا أن يحارب؛ لأَنَّه يرمي إلى وقف جرائم حرب وحشية يرتكبها العدوّ الصهيوني ويحرمها القانون الدولي، واستمرارها يعد انتهاكًا للقانون الدولي وكلّ القوانين والشرائع السماوية.
ثالثاً: كان الأحرى بالنظام الأمريكي أن يتحَرّك لمعالجة الداء ويوقف الوباء وليس لمعالجة النتائج والأعراض، وهذا منطق العقل والحكمة، أما التحَرّك لمعالجة العرض والنتيجة دون معالجة الداء والسبب فهذه حماقةٌ وغباء واستحمار.
رابعاً: كان يفترض بالعدوّ الأمريكي أن يحسب النتائج المحتملة لقراره قبل أن يتحَرّك فيها ويدرسها ويقدر عواقبها النهائية لا أن يتهور ويورط نفسه ثم يقوم بإعادة حساباته وتقييم حماقته ليكتشف بعد فوات الأوان خطأه الجسيم وحجم ورطته الكبيرة؛ لأَنَّه لو اتبع منطق العقل والحكمة لكان المفترض أن يستغل القرار اليمني حجّـةً للسعي بموجبها لوقف العدوان الصهيوني ورفع الحظر عن غزة، وهذا هو الخيار الصائب والسديد الذي يصب حتى في مصلحة ربيبته إسرائيل، وهو ما أصبح يعلمه اليوم هو والحقائق التالية:
1- أن إيران ليس لها أي تأثير على القرار اليمني أبداً بحسب ”نيويورك تايمز” نقلاً عن مسؤولين أميركيين أن تقريراً لوكالة التجسس الأميركية أكّـد أن أنصار الله منظمة مستقلة وإيران لا تملي عليهم عملياتهم.
2- أن تحذير قائد الثورة واقع لا محالة وقراره نافذ وكلماته يقين لا تراجع فيها ولا توجد قوة في الأرض تستطيع أن تحول دون نفاذها.
3- أن عدوانه على اليمن أفرز نتائج سلبية وكارثية عليه فهو عاجز عن وقف أَو تعطيل القرار اليمني وأن عدوانه ضاعف عزم قيادتنا على تنفيذ قرارها ووحد الجبهة الداخلية بين الفرقاء اليمنيين ودفع الشعب ليقف صفاً واحداً ضد استكباره، وفي شوق لقتاله ومواجهته، وأنه لم يعد أمامه الآن إلا خيارين وكلّ خيار أشد مرارة من الثاني.
الأول: أن يستمر في حماقته واستكباره وتصعيده وفي هذه الحالة يعلم أنه لن يغير من الأمر شيئاً، ولن يسلم من كارثية الرد اليمني ولن يستطيعَ تجنبه، وأن تصعيده سيضاعف من خسارته ويعجل بهزيمته وانكساره.
الثاني: وهو إما أن يقدم اعتذارًا لليمن أمام العالم ويتحمل تبعات حماقته، أَو أن يفر بسفنه وبوارجه من البحر الأحمر وهو يجرجر أذيال العار والهزيمة، وفي كلا الحالين يكون قد خسر كُـلّ شيء في المنطقة وجنى فضيحة كبرى وخسر هيمنته وضيع كُـلّ مصالحه في الشرق الأوسط وفقد كُـلّ أطماعه وأصبح محط سخرية واستهزاء كُـلّ شعوب العالم وأنظمتها، وهذا ما سيحدث في النهاية قربت المسافة أم بعدت.