غزة 100 يوم من الصمود والتضحيات الجسام
مرتضى الجرموزي
وانقضت مِئة يوم من معركة “طُـوفان الأقصى” معركة الكرامة والسيادة واستعادة الحق المغتصب.
مِئةُ يوم سُجلت بصفحات التاريخ صمودًا أُسطوريًّا وتضحيات جسامًا لا تُقارن، سطرّها ولا يزال يسطرها شعب ومقاومة غزة هاشم، غزة الجهاد والاستشهاد، غزة البذل والعطاء، غزة الإيمَـان والعروبة والقيم أمام الصلف الصهيوني الأمريكي المتشبث بحيوانيته ووحشيته الإجرامية.
قتل وسحل وتدمير وهدم وحصار وتهجير وحرب إبادة وجرائم وحشية شهدتها غزة في مِئة يوم سُلبت السعادة عن الأطفال، وسُلبت حتى كسرة الخبز ومنعوا من الماء والدواء والغذاء من قبل آلة الحرب الصهيونية الأمريكية، وبتواطؤ الأنظمة العالمية والعربية والإسلامية والتي خذلت ولا زالت تخذل غزة.
مِئة يوم شهد العالم وضاعة إنسانية وزيف الحرية والعدل والمساواة وحقوق الإنسانية المسلوبة عنوة من على المستضعفين في معظم بلدان العالم، لتبقى غزة الحديث والموضع الذي كشف حقيقة هذا العالم المنسلخ عن إنسانيته وقيمه وأخلاقه العالم المتجرد والساقط في متاهات الانحطاط والخانع خضوعاً لنزوات ورغبات قوى الصهيونية العالمية والعربدة والاستكبار على حساب الشعوب المستضعفة.
مِئة يوم وغزة رجالها نساؤها وأطفالها وكلُّ ما فيها يتعرضون لأبشع الجرائم، يعانون الويل والموت السريع بأفتك الأسلحة والقنابل الأمريكية، وكذا الموت البطيء بالحصار وتشديد الخناق عليهم من خلال إغلاق المنافذ والمعابر، وسط تخاذل الشعوب العربية والإسلامية خَاصَّة تلك التي تربطها حدود جغرافية مع غزة وفلسطين كمصر والأردن الأذناب والأدوات العميلة بيد الصهيونية.
مِئة يوم والعدوّ الصهيوني ومن معه من قوى البغي والاستكبار العالمي يثخن في جراحات أبناء غزة ويسرف في القتل والهدم والحصار والتدمير دون أن يوقفه أحد، وحتى الأنظمة والقوانين الإنسانية والمنظمات الحقوقية وقفت عاجزة أمام الصلف الصهيوني اللقيط بحق أهالي غزة،والذين في نفس الوقت يتعرضون لخذلان عربي وإسلامي وهو لا يقل جريمة عن جرائم الإبادة.
عشرات الآلاف ما بين شهيد وجريح تقول مصادر صحية في غزة إن إجمالي عدد الشهداء بلغ ما يزيد عن 24 ألفاً وما يزيد عن 60 ألف جريح، في حين تؤكّـد عن فقدان ما يزيد عن 10 آلاف مواطن تحت الأنقاض جلهم نساء وأطفال، وترى العالم لا يكترث لهذه الجرائم، التي تُصنف على أنها أبشع جرائم التاريخ.
لكن ومع هذا الاستفحال والعبث والإجرام الصهيوني بحق المدنيين والأبرياء، ورغم الكارثة والدمار الذي ألحقه بالبنية التحتية في غزة، فشل من تحقيق أي هدف عسكري على الأرض، فلا تزال المقاومة بمختلف فصائلها وتنظيماتها تسطر أعظم البطولات والتضحيات، ورغم محدودية العدد والعدة إلّا أنهم وبفضل الله يقدمون أعظم الدروس العسكرية في مواجهة أعتى جيوش العالم، فقد أثخنوا بقواته القتل والتدمير والإعطاب، قتلى بالمئات بعمليات بطولية يجري تنفيذها من نقطة الصفر ضد قوات وقطعان العدوّ، التي أثبتت غزة ومجاهدوها الأبطال أنه أوهن من بيت العنكبوت وأنه لا شيء في مواجهة الإرادَة والحق والعزيمة لرجال باعوا حياتهم ومماتهم من الله سبحانه وتعالى، في سبيله ونصرةً لعباده المستضعفين.
ومع ضعف العدوّ والهزائم التي يتلقاها في الميدان يلجأ دائماً لاستهداف الأحياء المدنية وتدمير البنية التحتية ونسف البيوت والأحياء السكنية والمرافق الصحية وجرف الشوارع والمساحات الزراعية؛ بهَدفِ بث الرعب في قلوب الغزاويين خَاصَّة النساء والأطفال.
وفي مِئة يوم ومع التضحيات الجسام الذي يسطرها أهالي ومقاومة غزة فقد نقول ويقول التاريخ والواقع شاهد أن غزة رأس الحربة والخط المتقدم للدفاع عن الأُمَّــة والمقدسات الإسلامية فتعد هزيمتها (لا سمح الله) هزيمة للأُمَّـة وكسر شوكتها وإزالة ما بقي لها من ماء حياء، وبانتصار غزة والله قادر على الانتصار لغزة فيعد ذلك انتصاراً للأُمَّـة وحفظاً لعزتها وكرامتها، ولن يخلف الله عهده، إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم.