إخفاقٌ أمريكيٌّ في البحر الأحمر
السفنُ والبوارجُ الأمريكية والبريطانية تحت السيطرة النارية لليمن
المسيرة | عباس القاعدي
تابعت وسائلُ الإعلام العربية والدولية والناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي باهتمام كبير العملية العسكرية للقوات المسلحة اليمنية باستهداف سفينة شحن أمريكية في خليج عدن، معبرين عن اندهاشهم لجرأة الموقف اليمني والرد المباشر على المصالح الأمريكية.
وأكّـدوا في منشوراتهم أن “أمريكا وبريطانيا تسلكان الطريق الخطأ في عدوانهما على الشعب اليمني ومساندة إسرائيل في العدوان على غزة”، لافتين إلى أن “المرحلةَ القادمة ستحملُ الكثيرَ من التداعيات والأحداث”.
وفي هذا الشأن يقول الناشط الإعلامي والسياسي حميد رزق: “إن الرد على العدوان الأمريكي البريطاني، على قاعدة الند للند بشجاعة يمانية إيمَـانية يعد حدثاً فارقاً واستراتيجياً في تاريخ أمتنا التي فرضت عليها الهزيمة النفسية والمعنوية أمام أعدائها”، موضحًا أن “كسر الهيبة الأمريكية وإسقاط الهالة حول قدرات أمريكا العسكرية يعد مقدمة لسقوط إمبراطورية الشر في هذا العالم، وانكسار حاجز الخوف وزيادة في جرأة الآخرين على تحديها ومواجهتها بشكل مباشر”.
وأكّـد أن “الموقف اليمني المساند لغزة، وعمليات قواتنا المسلحة ضد السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر حقّق نتائج كثيرة وواسعة وسجل نقاطاً هامة ضد الولايات المتحدة الأمريكية تمثلت في ظهور الأخيرة لأول مرة في تاريخها أمام دولة عربية وهي مربكة وخياراتها العسكرية محدودة، وتحَرّكاتها السياسية فاشلة، لتشكيل تحالف حقيقي ليكون مظلتها في العدوان على اليمن”.
وبالإضافة إلى ذلك ووفق رزق، فَــإنَّ المنطق الأمريكي “حماية الملاحة الدولية” في البحر الأحمر لم ينجح في مواجهة القيمة الأخلاقية للموقف اليمني من الأحداث في غزة والذي يحظى بتأييد ومباركة شعبيّة كبيرة على مستوى العالم، مؤكّـداً أن أمريكا بموقفها الرافض لوقف حرب الإبادة الصهيونية في غزة تعرت بشكل غير مسبوق، وبات العالم يراها وهي تتنكر، بل وتدوس مبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي الذي ترفعه شعاراً سياسيًّا وعنواناً زائفاً للحضارة الأمريكية، وفشلت في تحشيد المبرّرات والذرائع ضد اليمن، كما فعلت في العراق وأفغانستان، وصارت هي المعزولة والمدانة لدى الكثير من الشعوب والحكومات على مستوى العالم.
سياسة غبية:
ولأن أمريكا تعودت قبل أن تخوض حروبها أن تحشد المبرّرات والذرائع وتسوق لذلك وتحشد الرأي العام الغربي والدولي، وبعد فشلها في التأثير على الموقف اليمني، فَــإنَّ أمريكا هي من تهدّد الملاحة الدولية في البحرين العربي والأحمر.
ومن المتوقع أن تحاول إثارة الفزع وتخويف الدول والحكومات وشركات الشحن الدولية وهي سياسة غبية تتعارض مع المصالح الجوهرية لشعوب وبلدان أُورُوبا والغرب عُمُـومًا، التي ستدفع ثمن تعطيل الملاحة وعسكرة البحر الأحمر، وهذا ضمن سيناريو الفشل.
وهنا يقول عضو الوفد الوطني المفاوض عبد الملك العجري: “إن أمريكا تريد أن تحول مشكلة السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر إلى مشكلة لكل سفن العالم”، لافتاً إلى أنه “عندما فشلت أمريكا في إقناع دول العالم لتشكيل تحالف دولي بزعم حماية الملاحة في البحر الأحمر، ووجدت نفسها في مواجهة إجماع دولي يطالب بوقف إطلاق نار فوري في غزة كمدخل للحد من التوتر، لم تجد أمامها إلا البلطجة كعادتها عندما تفشل في جلب المجتمع الدولي خلفها؛ وذلك بتصعيد عدوانها على اليمن، الأمر الذي يهدّد بنقل المواجهة إلى البحر وتوسيع نطاق التهديد للسفن، ووضع المجتمع الدولي أمام أمر واقع، فإما أن تمر السفن الإسرائيلية، والا فَــإنَّ سفنهم ستكون معرضة للخطر”.
وأضاف: “ولتجنيب الملاحة البحرية الوقوع ضحية للبلطجة الأمريكية فَــإنَّ القوات البحرية اليمنية تعلن لكل الأطراف الدولية والأطراف ذات المصلحة استمرارها على موقفها الثابت بأن الملاحة آمنة في البحرين الأحمر والعربي باستثناء السفن الإسرائيلية والمتجهة للموانئ المحتلّة واستعدادها لتقديم المساعدة اللازمة لأية سفينة”.
بوارجُكم في خطر:
وعن استهداف السفينة الأمريكية في خليج عدن، وفي المكان غير المتوقع للعدو، يؤكّـد ناشطون أن العملية أكّـدت للعالم أن يد قواتنا البحرية اليمنية تغطي السيادة في كُـلّ المياه اليمنية، وأن العملية بحد ذاتها رسالة للوجود الأمريكي والبريطاني مفادها أن “بوارجكم في خطر ولن تنفعكم دفاعتكم”، وسحقت بذلك سيل التصريحات الأمريكية الكاذبة عن تدمير قدرات اليمن، ونسفت كُـلّ الادِّعاءات الأمريكية وجعلتها هباءً منثوراً، خُصُوصاً أنها جاءت في الوقت الذي تشهد فيه البارجات والمدمّـرات الأمريكية والبريطانية في البحر استنفاراً عاليًا.
ويصف الباحث حمود الأهنومي، في تغريدةٍ له على منصة “إكس” العملية بالنوعية والقوية من حَيثُ بعد المكان، وهو إلى جنوب شرقي عدن، وهي منطقة بعيدة عن البحر الأحمر المكان المعتاد لقصف السفن الذاهبة إلى إسرائيل، ومن حَيثُ دقة الإصابة على بعد المسافة، وهذا يعني الاقتدار اليماني المتجاوز لأحدث الدفاعات الأمريكية، وكذلك من حَيثُ إدخَال السفن الأمريكية التجارية في بنك الأهداف عمليًّا، وليس قولا ًفقط.
ويضيف: “على الأمريكان أن يعلموا أنهم الآن في حالة حرب مع خصم شديد المراس، لا ترهبه كثرة تهديداتهم، ولا يوقفه قصفهم، مسنوداً بعقيدة قتالية إيمانية، وشعب شجاع مؤمن مجاهد في سبيل الله”.
وحول دلالات العملية البحرية التي استهدفت سفينة تجارية أمريكية في خليج عدن، يقول الإعلامي مازن هبة: إن العملية استهدفت السفينة كونها أمريكية، وهذا يعد رسالة واضحة من السيد القائد عبدالملك الحوثي -يحفظه الله- إلى الأمريكيين مضمونها “خطوطكم الحمراء التي تفرضونها على حكام الدول الأُخرى لسنا ملتزمين بها وسوف نستمر بدعم غزة حتى يوقف المحتلّ عدوانه الإجرامي وفك الحصار عنها، كما أنها رسالة تؤكّـد بأن السفن الأمريكية تمنع من الملاحة في البحرين الأحمر والعربي، وكعقوبة تفرضها قواتنا نتيجة العدوان الأمريكي البريطاني، وهذا يعني أن مصير السفن البريطانية سيكون مماثلاً.
ويؤكّـد أن العملية تشكل ضربة قوية للاقتصاد الأمريكي والبريطاني التي اختارت حكوماتها المتصهينة التضحية بمصالحهما واقتصاد شعبيهما خدمةً لإسرائيل وحماية سفنها ورغم كُـلّ ذلك عجزوا عن حمايتها وهم الآن عاجزون عن حماية سفنهم.
ويرى أن العملية استهدفت السفينة أثناء وجودها في خليج عدن قبل دخولها باب المندب، وأُصيبت إصابة مباشرة بصاروخ من الأعلى حسب اعتراف العدوّ؛ وفي إصابتها في هذا الموقع البعيد نسبياً وبهذه الكيفية “من الأعلى” دلالات كثيرة منها إظهار القدرة والدقة لقواتنا على استهداف المواقع البعيدة وغير متوقعة للعدو، وكذلك جعلت واشنطن أمام إخفاق أمريكي في حماية سفنه وهذا سيفاقم الضغوط الداخلية الأمريكية حتماً على الرئيس بايدن.