هُويِّتُنا الإيمانيةُ فلاح

 

منتصر الجلي

قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ، كُـلّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحد مِّن رُّسُلِهِ، وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} البقرة: ٢٨٥.

مع حلول رجب الأصب، شهر اليمن واليمنيين، وهم يستقبلونه هذا العام بشكل وصورة تختلف عن كُـلّ عام، في ظل متغيرات المنطقة العربية وعالمنا الإسلامي، وتكالب أعداء الأُمَّــة عليها من الصهيونية العالمية واللوبي اليهودي، يحل هذا الفضل والشهر الحرام حلولاً تفرد به أهل اليمن مُذ فجر الإسلام وإلى اليوم، ميزة حباهم الله وميزهم بها عن غيرهم، خَاصَّةً ومنطلقات الإسلام وأسسه القرآنية مسايرة لهذا الشعب الكريم، ومنه نفس الرحمن.

واقع هذا العام جسّد الهُــوِيَّة في مبدئها وكمالها واليمن في ذكرى إسلامه يُعتدى عليه من قبل كفار الغرب أمريكا وحلفائها من أشرار المعمورة، تقصف العاصمة صنعاء ومدن يمنية أُخرى، مع فجر أول أَيَّـام الشهر الفضيل، عدوان جاءت به أمريكا لتخرس صوت الحقيقة وتحجب نور الفضيلة في مهده، وهيهات لها ذلك.

حين تلقت أمريكا هزائم البحر الأحمر واشتعلت بوارجها وسفن الإمدَاد للعدو الصهيوني، ونالت حظها من الصواريخ والطيران المسيَّر اليمني، وتغير معادلة النصر لكفة المجاهدين في غزة وانتصرت دماء المظلومين، هرعت تجمع شذاذ النفاق ومجرمي الحروب، تحت ذرائع باطلة حقيقتها حماية كيان العدوّ الصهيوني من ضربات اليمن التي ضج لها العدوّ وسمع بها أهل الأرض على مدى مشرقيه، لم تجد إدارة العجوز بايدن وجاريته بريطانيا إلا فك عُقدة النقص، والمسارعة باستهداف المستهدف في اليمن الميمون، عمليات عدائية سعت من خلالها لإعادة اعتبار الهيمنة الأمريكية المنكسرة.

أمام حدث كهذا وأمام مشاعر التقديس التي وهب الله أهل اليمن في يوم تجلت بصائر النور الإلهي، مبدأ التسليم لله زادهم الله هيبة وقوة ومنحهم بأسًا إلى بأسهم، من مبدأ الهُــوِيَّة الإيمانية والذي من خلاله كانت مسيرة القرآن الأولى، هُــوِيَّة قائدها الأول محمد -صلوات الله عليه وآله-، وآل بيته الكرام وُصُـولاً إلى علم الهدى العلم السيد القائد: عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- هذه الهُــوِيَّة التي تجسد التماسك والبناء الراقي للإنسان في ذاته وشخصه ومحيطه ومجتمعه، هُــوِيَّة ترسخ الالتزام بتلك التوجيهات الربانية وترجمتها من خلال الميدان والواقع، لتشمل جميع مناحي الحياة، لتحقّق البناء المتكامل والحياة المستقرة للإنسان؛ كونها أنموذج للكمال والعدل الإلهيين.

الهُــوِيَّة الإيمانية باب من أبواب النجاة والفلاح التي خص الله أهل اليمن بها لما لها من دور في الرسالة على مدى تاريخ الإسلام الطويل، أدوار جهادية وعلمية وفكرية وأخلاقية، والتي تتجلى أمامنا أعلامًا على حقائق في دفاعهم المقدَّسِ عن شعب فلسطين وغزة وموقفهم المتقدم عن بقية المنطقة والعالم الإسلامي وغيره، نجد التطابق العميق بين حقيقة الانتماء ومصداقية التوجّـه القرآني الذي جسده الشعب اليمني خلال 100 يوم من العدوان الأمريكي الإسرائيلي على غزة أمام جرائم يندى لها جبين الإنسانية، كان لهذا الشعب المعطاء كلمته الخالصة لله فنصح الأُمَّــة وأرشد ووَجّه، قدم عشرات الضربات الإيمانية لكيان العدوّ وعبر البحر دك سفن العدوّ واختلط الدم الأحمر بمياه البحر الأحمر، استقبل عدوان أمريكا بكل جرأة وإباء ولم يفته الرد والأيّام والليالي والشهور القادمة سيشهد الأمريكي منا المفاجآت والرد آت لا محالة.

كلّ هذا هو نتاج للهُــوِيَّة اليمنية الإسلامية وأصالته العميقة وارتباطه القرآني، جعل منه شعبًا يجسد حتمية المواقف دون أن يوقفه أي شيء، معيار ذلك تحقّق رضا الله سبحانه ونصرة المستضعفين في الأرض.

منطلقات ترسم خارطة المنطقة عبر تحول استراتيجي قرآني ديني أمر به الله سبحانه، في حين يذهب الأعراب لمواسم الانحراف اللا أخلاقي وفتح مجالات الترفيه والبغاء، يذهب الشعب اليمني ليجسد الهُــوِيَّة الإيمانية ويضع ملامح الطريق لأمة الإسلام التي لا تُقهر، أَو ترضى بالذل.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com