الرهانُ الأمريكي خاسر
منصور البكالي
مما يُثِيرُ الضحكَ والسخرية ويكشفُ مستوى الضعف والوهن والتخبط والفشل الذي وصل إليه الجانب الأمريكي حيال اليمن، رهانُه في هذه المعركة على كروت محروقة، وجواد خاسر سبق له تجربتها والتعويل عليها، وهو في ذروة قوته، منذ الحروب الأولى على صعدة وطيلة 8 أعوام من العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن.
دخول الأمريكي والبريطاني إلى الحرب البرية والبحرية في اليمن عبر تكرار تحريك مرتزِقة الداخل، وحلف العجزة “الناتو” الغارق في أوكرانيا، وكلّ أدواتهم من شذاذ الآفاق وأدواتهم الاستخباراتية “القاعدة وداعش” لم يقدم جديدًا على ساحة المواجهة البرية والبحرية، خَاصَّةً في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي الأمريكي على قطاع غزة، وثبات الموقف اليمني في نصرة الشعب الفلسطيني وثبات معادلة الحصار بالحصار، وما تنعم به صنعاءُ وقيادتها السياسية والعسكرية من اصطفاف وتأييد شعبي ورسمي واسع وصلت أصداؤه إلى خارج اليمن، وباتت ثماره يانعة داخل صفوف الأدوات العميلة التي تعاني من تشققٍ وتشظٍّ غير مسبوق.
أما إذَا ما تحدثنا عن جهوزية الجيش اليمني وامتلاكه لقدرات متطورة وأسلحة ردع بحرية متفوقة؛ فهذا يؤكّـدُ أن الذاكرة الأمريكية مخرومة، ولا تستطيع استرجاع القدرات البحرية اليمنية التي عرضت في العرض العسكري في ميدان السبعين يوم 21 سبتمبر في الذكرى التاسعة للثورة اليمنية الفتية، وما تميز به من تنوع للصواريخ البحرية والزوارق السريعة، والألغام البحرية والطائرات المسيَّرة والصواريخ البالستية، في صورة تجسد تكامل متطلبات المعركة الهجومية والدفاعية للجيش اليمني في البحر والبر والجو.
عواملُ كثيرة يغفلها الأمريكي في أي مخطّط عملياتي في أية مواجهة برية أَو بحرية مع الجيش والشعب اليمني، ليس أولها فقدان مرتزِقته للحاضنة الشعبيّة وضعف قدرتهم على التجنيد والاستقطاب، ما لم يكونوا عاجزين عن وقف الانشقاقات في صفوفهم العسكرية واحتمالية تزايدها في أية مواجهة قادمة؛ ما يشي بهزيمة عسكرية كبرى للجانب الأمريكي وأدواته وسيطرة الجيش اليمني على مختلف المحافظات والمناطق اليمنية المحتلّة وتحريرها بزخم وتأييد وتحَرّك يفجره الأحرار من داخلها، ويسنده كُـلّ أبناء الشعب بمختلف مكوناتهم السياسية والمناطقية.
إن الأمريكي لم يحسب في خطته العسكرية المساندة لكيان الاحتلال الصهيوني، تعطش وشوق الشعب اليمني لأية معركة برية أَو بحرية قادمة، وتعريض الملاحة البحرية والتجارة الدولية في البحر الأحمر والعربي وباب المندب لضربة قاصمة تصل تداعياتها إلى عمق دوائر صنع القرار في هذا العالم، وهيئات الأمم المتحدة، المهدّدة بالتفكك والانهيار، وترفع من سخط الشعوب إثر ارتفاع أسعار الطاقة، والمواد الغذائية وتوقف المصانع والمنشآت الحيوية.
أية مغامرة أمريكية في اليمن تعجل ببث مشهدية غرق الإمبراطورية الأمريكية وحلف الناتو في اليمن، وإثر مشاهدة العالم للبارجات والمدمّـرات وحاملات الطائرات والسفن والأساطيل وهي تغرق في عمق البحر الأحمر والعربي، دون منقذ، ويطفو ما زاد على حاجة الحيوانات البحرية للغذاء من جثث جنودها ومرتزِقتها على شواطئ اليمن والدول المشاطئة، ومشاهد الانهيار السريع للمرتزِقة في صفوف المواجهة مع شعبهم.
ما يجب الإيمَـان به في هذه المعركة أن التفوق العسكري الأمريكي والبريطاني لم يعد حصراً، أمام ما تمتلكه اليمن من ترسانة دفاعية وهجومية متكاملة لخوض المواجهة الكبرى، وما يمتلكه الشعب اليمني وقيادته الثورية والسياسية والعسكرية من خبرة وحنكة عسكرية وسياسية واقتصادية، وقوة وصلابة وإرادَة وعزيمة دينية ومعنوية عالية، صقلته التجارب والحروب أكثر من أية دولة أُخرى في العالم؛ ما يؤكّـدُ أن نتائجَ الحرب لصالح اليمن وفلسطين وكلّ شعوب الأُمَّــة وأحرار العالم، وأن رهان أمريكا خاسر لا محالة.