عضوُ المكتب السياسي لأنصار الله حزام الأسد في حوارٍ خاص لصحيفة “المسيرة”: سِرُّ قوة اليمن هو المشروعُ الجامعُ والقيادةُ القرآنية وأمريكا ستبوءُ بالهزيمة والفشل والخسران باليمن
المسيرة- حاوره إبراهيم العنسي
أكّـد عضوُ المكتب السياسي لأنصار الله، حزام الأسد، أن التصنيفَ الأمريكيَّ لهم “بالإرهاب” لن يؤثرَ على مواقف اليمن المساندة لإخواننا في قطاع غزة، موضحًا أن الشعبَ اليمني اليوم أصبح النموذجَ بين شعوب أمتنا في مقارعته ومواجهته لقوى الاستكبار العالمي.
وأكّـد في حوارٍ خاص مع صحيفة “المسيرة” أن سِرَّ قوة اليمن هو المشروع الجامع والقيادة القرآنية، لافتاً إلى أن العالم في حالة انبهار من مواقف الشعب اليمني المتقدمة تجاه مظلومية أهلنا في غزة، وأن هزيمةَ أمريكا في البحر الأحمر ستمثِّلُ بداية تحرير فلسطين.
كما أكّـد أن أمريكا ستبوءُ بالهزيمة والفشل والخُسرانِ في هذه المعركة.
إلى نص الحوار:
– بدايةً أعادت واشنطن تصنيف “أنصار الله” جماعة “إرهابية” مع الأخذ في الاعتبار إعطائها مهلة شهر للتنفيذ وهذا ما يدعو للسخرية.. ما تعليقُكم على ذلك؟
تهدفُ واشنطن من خلال تصنيفها لنا “بالإرهاب” إلى إرهابنا وتخويفنا؛ لثنيِنا عن مساندة أهلنا في غزة، وهو ما لم يكن ولن يكونَ، طالما هناك عدوانٌ وحصارٌ إسرائيلي أمريكي في غزة؛ ولذلك فهذا التصنيفُ لن يؤثِّرَ على مواقفنا تجاه نجدة وإسناد أهلنا في غزة، وعملياتُ قواتنا البحرية في البحرَينِ الأحمر والعربي ستستمرُّ في استهداف السفن الإسرائيلية والمرتبطة بكيان العدوّ طالما استمر العدوان والحصار الصهيوني الأمريكي على أهلنا في غزة.
كما أن الإرهابَ الإجراميَّ هو ما يرتكبُه جيشُ الاحتلال الإسرائيلي بمساندة ومشاركة أمريكية من جرائم إبادة بحق الشعب الفلسطيني في غزة، بالإضافة إلى أن واشنطن هي التي تمارسُ الإجرامَ في العالم، وتنشُرُ الحروبَ والدمارَ وتساندُ من يرتكبون أفظع المجازر بحق الأطفال والنساء والمدنيين، وليست في موضعٍ يسمحُ لها بتصنيف غيرها بالإرهاب.
– انتقلت اليمنُ من عدوانٍ استمر 9 أعوام إلى مرحلة مختلفة كان السلاح الرادع نقطة تحول قوية.. كيف بنيت هذه القوة في أجواء الحصار والدمار؟
لقد بنى الشعبُ اليمنيُّ -بفضل الله وحكمة القيادة- قوةً عسكريةً وازنةً وفاعلة ومقتدرة على مواجهة التحديات والأخطار، حَيثُ أعيد تأسيسَ الجيش اليمني على أُسُسٍ إيمانية جهادية مواكبة للتحديثات العلمية والعملياتية الحديثة، إلى ذلك فقد اكتسب جيشنا خلال التسع سنوات الخبرات العملية الميدانية إلى جانب الإبداع في الصناعات التسليحية النوعية، وأصبح جيشنا يضاهي بل ويتفوق على الكثير من دول المنطقة كَمًّا ونوعًا، وهذا يعتبر أهمَّ إنجاز التحرّر من التبعية والاستقلال من الارتهان للخارج عقب ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر رغم ظروف الحصار والعدوان التي واكبت المرحلة.
– ألا يبدو اليمن أمام العالم وقوى الاستكبار شيئاً مختلفاً، متحدٍ صامد وشجاع؟
الجيش اليمني اليوم بما مكَّنَه اللهُ من قدرات وإمْكَانيات بشرية وتسليحية أصبح رقماً صعباً على المستوى الإقليمي والعالمي، والفضل بعد الله يعود إلى المشروع القرآني العظيم، الذي انتشل الشعب اليمني بشكل عام من واقع التلاشي والاضمحلال إلى مراتب العزة والكرامة، حَيثُ يرتكز هذا المشروع العظيم على المنهج القرآني الرباني والقيادة المتمثلة بالسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- الذي أدار المرحلةَ رغم تعقيداتها وصعوبتها بحكمة وبصيرة منقطعة النظير، منطلقاً من الرؤية القرآنية التي فيها الحل والمخرج لمشاكل ومعضلات الأُمَّــة جمعاء، ناهيك عن اليمن وما يواجهه من تحديات، بالإضافة إلى هُــوِيَّة وأصالة الشعب اليمني المتجذرة في مبادئه الإيمانية وقيمه الأخلاقية والفطرية المتجسدة في روحية الجهاد والبذل والعطاء والإقدام والصبر والصمود، وكذلك الإبداع وقهر المستحيلات وتحويل التحديات إلى فرص.
– ما ينظُرُ إليه المراقبون اليوم أن واحديةَ القضية الإسلامية العادلة وحدت اليمنيين؛ ولهذا رأينا معارضين بارزين يعلنون تأييد صنعاء ويرفضون أي اعتداء أمريكي عليها؟
نعم ظهر التوجّـه الواحد والصمود المتعاضد بين اليمنيين في مواجهة أمريكا والدفاع عن شعب غزة؛ فالشعبُ اليمنيُّ اليومَ أصبح النموذجَ بين شعوب أمتنا في مقارعته ومواجهته لقوى الاستكبار العالمي، حَيثُ انبرى بمواقفَ عظيمة ومشرِّفة على مختلف المستويات الشعبيّة والرسمية والعسكرية وتوجّـه واحد؛ وهو ما أربك حسابات العدوّ.
– هناك من يسأل: من أين جاءت كُـلّ هذه الجرأة لليمن لمواجهة الولايات المتحدة وتحالفها؟
الجرأةُ التي انبرى بها الشعبُ اليمني في منازلته ومواجهته للكيان الصهيوني وللولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة البريطانية تعتبر انعكاساً حقيقيًّا لتوجيهات الله تعالى في القرآن الكريم، ولما تناوله الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي -رضوان الله عليه- في محاضراته ودروسِه والكلمات ومحاضرات وتوجيهات السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- في موضوع الصراع مع الأعداء المتمثلين بأئمة الكفر من أهل الكتاب، وبفضل الله وجدنا مصاديق هذه المنهجية العظيمة تتحقّق على أرض الواقع، وهذه نعمة عظيمة.
– هذا المشهدُ الثوري الفاعلُ والحقيقي لم يكن موجوداً من قبل وكان اليمن هو النموذج الثوري الأبرز في المنطقة وهذا مثّل حالة إخفاق للاستراتيجية الغربية ومؤشر نجاح للتوجّـه العربي نحو الانعتاق.
منذ عقود كانت اليمن كسائر البلدان العربية والإسلامية مغيبة وبعيدة تماماً عن أُسُسٍ ومنطلقات نهضتها الحقيقية وسر قوتها هو المشروع الجامع والقيادة القرآنية؛ ولهذا سعى الأعداء عند انطلاق المشروع القرآني إلى استهدافه وقتل الشهيد القائد ومحاولة وأد المشروع بشكل نهائي.
– ألم يظهر اليمن كمفاجأة حقيقية للغرب وحتى للأنظمة العربية الخاضعة أَو المتآمرة بقصفه للكيان الغاصب؟
من يتدبر في آيات الله بروح الاهتداء وعين البصيرة يلحظ بأن سننَ الله لا تتبدل ولا تتغير مهما تغير الزمان والمكان والأشخاص والوسائل؛ ولهذا فكُلُّ من نهل من معين الثقافة القرآنية يدرك حتمية الصراع مع الأعداء والغلبة عليهم إن كانَ هناك التزامٌ وتسليمٌ لأوامر الله تعالى وتوجيهات القيادة، ولهذا فالعالم في حالة انبهار من مواقف الشعب اليمني المتقدمة تجاه مظلومية أهلنا في غزة وما أحرزته القوات المسلحة اليمنية سواءً من استهداف للعمق الصهيوني أَو عمليات نوعية وناجحة في البحرين الأحمر والعربي ومواجهة مع من يسمّون بالقوى العظمى، بينما نحن نعتبر ما تحقّق وما سيتحقّق هو بفضل الله ومن مصاديق آياته وما وعد به عباده المؤمنين المجاهدين الصابرين، وكَثيراً مما نلحظه اليوم نجدُ أن الشهيدَ القائدَ قد أوضحه وتطرّق إليه في محاضراته قبل نحو عشرين عاماً.
– تبدو أمريكا في حالة ضعف وإن امتلكت قوةً عسكريةً ضخمة؛ ولهذا تسعى لإثارة التوتر في البحر الأحمر للضغط على دول كمصر ومن لها مصالح عبر هذا الممر لمواجهة اليمن.. ما تعليقكم على ذلك؟
بالفعل، فالمحاولاتُ الأمريكية لمنع مرور السفن التجارية عبر باب المندب وتحوّل مسارها عبر الرجاء الصالح دليل فشل وإفلاس، ومحاولة منها للضغط على مصر وبعض البلدان لتوريطها في مواجهة مع القوات المسلحة اليمنية ومع الشعب اليمني، ولكن ما هو حاصل أن هناك مرورًا وتحَرُّكًا للسفن التجارية غير المرتبطة بكيان العدوّ الإسرائيلي رغم التصعيد الأمريكي والبريطاني في البحر الأحمر ومحاولة عسكرته وحجم التضليل الذي تسوقه واشنطن للدول والمجتمعات الغربية.
– كيف تفسّرون استماتة واشنطن في حماية الكيان الصهيوني؟
الاستماتةُ الأمريكية للدفاع عن كيان العدوّ الإسرائيلي، لا سِـيَّـما في موضوع منع القوات البحرية اليمنية للسفن الإسرائيلية من الإبحار في البحرَينِ الأحمر والعربي دليل ارتباط وجودي ومصيري بينهما؛ فالغطاء الأمريكي السياسي والأمني والعسكري والاقتصادي والإعلامي الذي توفّره الإداراتُ الأمريكية المتعاقبة لكيان العدوّ هو من يعطي للمستوطنين في فلسطين المحتلّة طمأنةً للبقاء؛ ولهذا فَــإنَّ هزيمة أمريكا في البحر الأحمر ستمثِّلُ بدايةَ تحرير فلسطين ومرحلة الهجرة العكسية لليهود والعودة إلى بلدانهم الأُورُوبية.
– مع إشغال الأنجلو أمريكي للتوترات المُستمرّة في البحر الأحمر والعربي.. ألا يظهر هذا وكأنه فعلٌ هدفُه حرفُ بُوصلة الاهتمام العالمي عن الإبادة الجماعية التي تجري للسكان في غزة؟
صحيحٌ ما تفضَّلتم به؛ فواشنطن ولندن تحاولان من خلال هذه العمليات العدائية وغير محسوبة العواقب إلى حرف الأنظار عن جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدوّ الصهيوني بحق أهلنا في غزة، ومحاولة لرد اعتبار قواتها البحرية الذي مرّغ أنفها بالوحل في البحر الأحمر من قبل مجاهدينا، وكذلك للحيلولة دون استمرارنا في إسناد ومناصرة أهلنا المستضعَفين في غزة، وكلُّ ذلك لن يتحقّقَ لهم بفضل الله؛ فموقفُ الشعب اليمني من القضية الفلسطينية مبدئي وليس تكتيكيًّا.
– الكل يتوقع هزيمةً جديدةً قادمةً للأمريكان في البحر الأحمر.
أمريكا ستبوءُ بالهزيمة والفشل والخُسران في هذه المعركة، وستتلقى الضرباتِ المنكلةَ التي ستمثل بالنسبة لها فضيحة وبداية انهيار؛ لأَنَّها في موقف المعتدي على بلادنا والمشارك لجرائم الاحتلال الصهيوني في قتل وإبادة أهلنا في غزة، بينما الشعبُ اليمني في موقفِ المعتدى عليه والمساند لمظلومية المستضعفين في قطاع غزة؛ ولهذا فَــإنَّ عُنْصَرَ القوة الأبرز هو في صفنا، وبالنسبة لما تسربه وسائل الإعلام الممولة من قبل الأعداء فَــإنَّه؛ بهَدفِ الإرجاف والتهويل والتخويف، بينما يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكم فاخْشَوْهم فَزادَهم إيمانًا وقالُوا حَسْبُنا اللَّهُ ونِعْمَ الوَكِيلُ).
– مما نشاهده في السلوك الأمريكي أنه يبدو محبطاً ومشوشاً وفاقدًا للخيارات الآمنة للتعامل في المنطقة.. أليس كذلك؟
أمريكا انعدمت لديها خياراتُ التعامل مع ثبات وإصرار الشعب اليمني على مواقفه المساندة لأهلنا في غزة، لا سِـيَّـما عمليات منع السفن الإسرائيلية والمرتبطة بكيان العدوّ من العبور عبر البحرَينِ الأحمر والعربي حتى يتوقفَ العدوان ويفك الحصار؛ لذلك سلكت مسار التصعيد والعدوان العسكري؛ وهو ما سينعكس عليها بالضرر والهزيمة.
– تكرّر القوات المسلحة اليمنية أن الملاحة تظل آمنة في البحر الأحمر لكل السفن عدا السفن المرتبطة بالكيان وهذا النجاح في غربلة السفن ومنع سفن الكيان بحد ذاته أزعج واشنطن لتخلق بذلك مزاعم تهديد الملاحة.
اليمن لا تهدّد أمن وسلامة الملاحة الدولية في البحرين الأحمر والعربي، بل تساهم في تأمينه وعملياتها تنحصر على منع السفن الإسرائيلية أَو المرتبطة بكيان العدوّ من المرور، رغم قدرة القوات البحرية اليمنية على إغلاق الممر نهائيًّا، وهو أسهل بكثير من تتبع السفن الإسرائيلية وملاحقتها واحتجازها أَو استهدافها، ولكن الغرض من هذه العمليات هو وقف العدوان عن أهلنا في غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة جماعية من قبل الجيش الإسرائيلي بمشاركة واشنطن.
– مع العدوان الصهيوني على قطاع غزة تنامت حالة السخط ضد جماعة الضغط والموالين لهذا الكيان المتحكمة في السلوك الأمريكي.. ما تأثيرات ذلك؟
اللوبي الصهيوني هو مَن يحرِّكُ الإدارة الأمريكية والمنظومات الحاكمة والمسيطرة على القرار في بعض الدول الغربية للدفع بهم وتوريطهم في عدوان على الشعب اليمني، وهناك حسابات قاصرة وخاطئة سيدركها الأمريكي بعد أن يقعَ الفأس على الرأس.