خطابُ القائد واستراتيجيةُ المواجهة والانتصار
بقلم علي القحوم
أطل علينا، الخميس، سماحة السيد القائد -يحفظه الله- قائد الثورة اليمنية بإطلاله مميزة فيها الثقة والقوة والانتصار؛ فكانت كذلك وبحجم الأحداث وتسارع المواقف وتدحرج كرة النار، وإشعال أمريكا وبريطانيا وإسرائيل فتيل المعركة المباشرة وتوسيع نطاقها بما يظهر حالة الضعف والتخبط والتراجع والارتباك الاستراتيجي في المنطقة، وَإذَا ما تحدثنا عن مناسبة الخطاب والبيئة المحيطة به والظروف التي طرأت وتغيير المناخات الدولية والمسارعة الأمريكية الإسرائيلية لدفع عجلة التوتر والانفجار للموقف العام وتهديد الاستقرار والأمن الدوليين بتهور منقطع النظير وانفضاح واضح في الهرولة غير المحمودة العواقب والنتائج، وبازدواجية معروفة، وبانتهاج سياسة الكيل بمكيالين، وتَعَــرٍّ وانكشاف للمؤامرة الاستعمارية الغربية على المنطقة ضاربين كُـلّ الحسابات والتوازنات الدولية، غير آبهين بما يحصل وما هو حاصل، غير مدركين حقيقة لا تجاوز لها إطلاقاً، وتخطيها فيه خطورة كبرى وتحديات ومخاطر لا نجاة منها ولا تدارك لها إذَا كانت، وهي قائمة بمبدأ ومقياس وتوازن ثابت، ومفادها أمن واستقرار اليمن وفلسطين مرتبط بأمن واستقرار المنطقة والعالم، وهنا عليهم إدراك ذلك فلا أمن ولا استقرار للمنطقة والعالم إلَّا بأمن واستقرار اليمن وفلسطين، وهي معادلة ثابتة ومتلازمة لا انفصام لها إطلاقاً، وعلى أعداء الأُمَّــة إدراك ذلك ومراجعة الحسابات الخاسرة والخاطئة؛ فالمغامرة في العدوان على اليمن واستمرار ذلك على فلسطين لن تفضي إلى نتيجة مهمها كانت الاحتمالات، وهي أَيْـضاً لن تكون بما يحلمون به ولن تسعد اللوبي الصهيوني، وبها ستحل الكارثة وعواقبها وخيمة وثمنها باهظٌ يفوق الخيال والمتوقع..
وبالتالي ومع العودة إلى بنية الخطاب ومرتكزاته الأَسَاسية ومحاوره المهمة والاستراتيجية، ومع المرور على أجواء ومناخ الخطاب، وشكل الإلقاء والتدرج والتسلسل المرتب والاتِّزان في السردية والإلقاء وبأعصابٍ هادئةٍ وتدرج ملفت، من حَيثُ قراءة شخصية القائد ولغة الجسد، وهي ضرورية في القراءة والتحليل السياسي، وبها تكون القراءة واقعية ومبنية على معطيات ورسائل وردت وأكّـدت في الخِطاب، ومنطلقًا للتحليل السياسي، وهنا وفي البداية بذلك لا بُـدَّ من ملاحظة الهدوء الذي ساد الخطاب من بدايته حتى النهاية؛ ولذلك يعتبر الهدوء دليلًا على اليقين وصوابية الموقف والاتّجاه وعدالة القضية والاستعداد والاستنفار لكل الخيارات، وبناء الاستراتيجيات والأخذ بالأسباب، والجهوزية المطلقة والحضور في الميدان بكل ما يتطلبه ويحتاجه، وفيها أَيْـضاً ملاحظة أسوأ الاحتمالات وأخذ الحيطة والحذر وما يتطلبه الواقع والمستجدات؛ فالهدوء رسالة تبعث الاطمئنان في الوقت الذي فيه الأحداث ساخنة والعدوان قائم بمصراعيه وبشتى الوسائل والطرق المختلفة والمحاولات اليائسة في شن الحرب النفسية للأعداء، إلا أن القائد كان واثقاً ثابتاً وهادئاً غير مرتبك أَو مكترث لكلما قامت به أمريكا مؤخّراً تجاه اليمن، مع ملاحظة الإشارات ولغة الجسد والنظرات الثاقبة التي أَيْـضاً بعثت الرسائل القوية والمؤثرة مع تأثير العمليات اليمنية الكبرى والاستراتيجية في نصرة فلسطين وشعبها المظلوم وغزة ومجاهديها الأبطال، والتأكيد على استمراريتها مع استمرارية العدوان والحصار على غزة، وهذا ما جعل الرسائل أقوى وأكبر وفيها التأكيد على تحقيق حتمية معادلة الانتصار والردع الاستراتيجي والسقوط المدوي والاندحار الواقعي والملحوظ، لا سيَّما وكانت البداية والانطلاق في الخطاب مبنية على أسس ثابتة فيها النهج القويم والرسالة المحمدية والهُــوِيَّة الإيمَـانية والإسلامية والقومية العربية، ومع تنوع الفقرات والمرتكزات الأَسَاسية ووضوح الرسائل المراد إيصالها بتخطي لغة الغموض وتقنية التشفير وصعوبة فك شفراتها ليسهل بذلك فهمها واستيعابها ووضعها في الحسبان وعدم تجاوز الخطوط الحمراء، لا سِـيَّـما وهي أعلنت وأطلقت في الخطاب بملء الفم فيها الفخر والشرف والاعتزاز والثقة بالله المطلقة والاستعانة به والوثوق بنصرة ووعده الإلهي، وهي معركة إسلامية دينية ستنتصر حتماً بإذن الله، والعدوّ يعتمد أَيْـضاً على ذلك؛ فهي معركة يعتبرها دينية وفلسطين ومقدساتها قضية إسلامية عربية وستظل كذلك، وهي معركة كُـلّ الأُمَّــة ومسؤولية الجميع، وهنا تتجلى عظمة المنهج الإلهي القرآن الكريم وعظمة القائد وارتباط الأُمَّــة بعناصر قوتها وعزتها وأسباب انتصاراتها في مواجهة الغرب الكافر، واليمن مرتبط بهُــوِيَّته الإيمَـانية والإسلامية منذ فجر الإسلام وإسهاماته المشهودة في نصرة الإسلام والرسالة المحمدية وفي الفتوحات الإسلامية، وهنا يتجلى عظمة اليمن وعظمة وشموخ القائد الذي لا مثيل له في المعمورة، وهو فخر الأُمَّــة وصانع التاريخ الحديث وراسم توجّـهات وواقع المرحلة الجديدة، وصانع الاستراتيجيات الدفاعية والهجومية العابرة والمتجاوزة للمتعارف عليه والمرسخ دوماً في الذاكرة العربية والإسلامية في التاريخ القديم، والانتقال بذلك إلى واقع جديد بمستوى الأحداث الراهنة وبما يوازيها ويفوق خيالات واستراتيجيات أعداء الأُمَّــة..
كما أن الخطاب أتى في مرحلة فاصلة ومعركة وجودية، ومع الردود القوية على العدوان الأمريكي البريطاني السافر على اليمن أرضاً وإنساناً والمنتهك للسيادة اليمنية، مع تفنيد كُـلّ الادِّعاءات الأمريكية وتوضيح الموقف مع تغيير المناخ الدولي والإقليمي، ومع قرب الانتخابات الرئاسية الأمريكية وتشظي وضعف وتشتت وسقوط القطبية الغربية الواحدة، مع شرح الموقف اليمني والتحَرّكات الفاعلة في نصرة فلسطين، وغضب الأمريكان من تأثير فاعلية العمليات اليمنية في ضرب إسرائيل ومنع واستهداف سفنها في البحر الأحمر والسفن الذاهبة إلى موانئ فلسطين المحتلّة وفشلهم في حمايتها، كما أن هذه العمليات تأتي في إطار الردع الاستراتيجي الكاسر للجغرافيا وضاغطة في نفس الوقت لإيقاف العدوان الإسرائيلي على غزة ورفع الحصار بها، وهي مرتبطة بذلك وستتوقف مع توقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها، وبها سينتهي كُـلّ التوتر في المنطقة..
ومع تسلسل الرسائل الاستراتيجية الواردة في الخطاب، وأهمها القدرات العسكرية اليمنية وتطويرها والصناعات المحلية والمشهودة، وأن عملية التصنيف الأمريكية لليمن بالإرهاب تدليل على العجز والضعف والتخبط ونفاد الخيارات، وهي مضحكة في نفس الوقت وغير مؤثِّرة، وهي في الأَسَاس حماية وخدمة لإسرائيل ولن ولم تكن ذات جدوى وتأثير، لا سيَّما والأمريكي والبريطاني أعلن الحرب على اليمن، والاستنفار والتحَرّك بوعي وبصيرة وبمسؤولية دينية ووطنية في مواجهة هذه الحرب والعدوان الأمريكي البريطاني وهي حرب مفتوحة، وعليه توقع كُـلّ شيء والخيارات مفتوحة واليد على الزناد، وفي نفس السياق هناك مع مراعاة أمريكية للإجرام الصهيوني، والتصنيف مضحك ولن يخيفنا أَو يضعف موقفنا في نصرة فلسطين، وهي عمليات مُستمرّة مهما كان ومهما يكن، وهو شرف كبير أن نواجه أئمة الكفر والاستكبار العالمي، وأمريكا إجرامية ومتغطرسة وتاريخها أسود وتمارس العهر السياسي والابتزاز والانتهاز والمراوغة واستخدام سياسة العصا والجزرة، وهي أم الإرهاب وشر مطلق، وهي من ابتدأ العدوان على بلدنا، وعليها أن تتحمل الضربات اليمانية والبأس الشديد، وكما صنفت اليمن وشعبها يحق للدولة اليمنية أن تصنفه مع الكيان الصهيوني، وبما تصف توصف وخطوة مقابل خطوة والقادم أعظم.
مع التأكيد أن على الأمريكي الاعتبار بتسع سنوات مضت من عدوان على اليمن كان بإشراف مباشر منه، وهناك حصلت التطورات والابتكارات في التصنيع العسكري في شتى المجالات وباتت القدرات العسكرية أعظم من أي وقتٍ مضى، وهنا ومن خلال عدوانه المباشر قد باشرت القوات المسلحة في تطوير وصناعة أسلحة استراتيجية رادعة بما يوازي تقنيات الأعداء وربما بما يفوقها ويتجاوزها، وهنا الرسالة الهامة والمهمة الذي يجب على الأمريكي إدراكها ووضعها في الحسبان، وقد لمس ذلك من خلال العمليات في البحر الأحمر، مع أن القوات المسلحة استطاعت تثبيت معادلة البحر الأحمر على الصهاينة وسفنها اليوم، ومع التطورات الأخيرة والدخول المباشر في الحرب على اليمن توسعت المعادلة لتشمل أمريكا وبريطانيا وإسرائيل وأية دولة ستنزلق معهم في عدوانهم على اليمن، وهذا دليل واضح أن القوات البحرية اليمنية باتت في مرحلة متطورة ولها ترسانة رادعة وصناعات عسكرية وقوة كبرى، مع تطور بقية القطاعات العسكرية في وزارة الدفاع بكل تشكيلاتها وأقسامها الجوية والبرية والبحرية، مع تطور ملفت للقوات الأمنية المرادفة للموقف والمساند في المعركة والمواجهة ويحسب لها الأعداء ألف حساب، وبهذه الرسائل العابرة للحدود تؤكّـد أن اليمن بعظمتها وعظمة قيادتها ودولتها وجيشها وقدراتها العسكرية وشعبها العظيم قادرة بعون الله لخوض معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس والانتصار لفلسطين.
وفي المقابل كانت إشادة القائد بحزب الله وعملياته الفاعلة في نصرة فلسطين، وكذلك المجاهدين في العراق وأحرار الأُمَّــة، ودعوته أَيْـضاً الأُمَّــة العربية والإسلامية إلى الوحدة وأهميّة ذلك في هذه المرحلة، لا سيَّما مع تكالب الغرب وتحَرّكاتهم الاستعمارية في المنطقة، مع أهميّة مواجهة التحديات والمخاطر وتمتين العلاقات والأخوة بين الدول والشعوب، والنهوض بمواقف مشرفة، وتجاوز الماضي والتعالي على الجراح وتخطي المشاكل المفتعلة من الغرب واللوبي الصهيوني لإغراق الأُمَّــة في مستنقع الصراعات البينية، وهنا لا بُـدَّ من التحَرّك الموحد والعودة إلى القرآن الكريم وتفعيل المقاطعة الاقتصادية وإعلان الجهاد في سبيل الله وترسيخ ثقافة الجهاد والاستشهاد لمواجهة الغطرسة الأمريكية والاستكبار العالمي، وأهميّة شعار البراءة والصرخة في وجه المستكبرين.
فالخطاب كان بمستوى الأُمَّــة العربية والإسلامية والعالم، وهو خطاب الفصل والمواجهة المباشرة والقول والفعل، واستثنائي واستراتيجي بكل المقاييس ذات التأثير في ميزان القوى والردع وقواعد الاشتباك، ورسم خارطة طريق للانتصار الكبير لفلسطين واليمن والمنطقة، وإعادة الحقوق المسلوبة وقلع جذور الاستعمار الغربي من عالمنا العربي والإسلامي والمنطقة إلى غير رجعة، ومع تزامنية الارتباط واتساق الرسائل كان ولا بُـدَّ من التأكيد على التحَرّك الجامع والفاعل للأُمَّـة على كُـلّ المستويات والمناصرة في كُـلّ المجالات السياسية والإعلامية والتحَرّك الشعبي في كُـلّ العالم، لا سيَّما الجاليات العربية والإسلامية، ومنها اليمنية في الاستمرار في المظاهرات في أُورُوبا وأمريكا والغرب، والتأثير لتحريك هذه الشعوب للضغط على حكوماتها في إيقاف العدوان على فلسطين، وهي من الوسائل الضاغطة والفاعلة.
مع تحذير القائد في الخطاب لدول العالم في عدم التورط مع أمريكا في توجّـهاتها العدوانية على اليمن وفلسطين، والإشادة في نفس الوقت بالدول التي نأت بنفسها من هذا التوريط والجر إلى المستنقع والوحل، وترك الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني غارقًا في المستنقع، ويجني بنفسه أعماله الإجرامية ودفع فاتورة التهور والغطرسة والاستكبار.
وكما جرت العادة وفي ختام الخطاب لا ينسى القائد بالإشادة بالشعب اليمني العظيم المتحَرّك دوماً وبدون ملل في كُـلّ الساحات والميادين بحشود مليونية مذهلة تجعله في صدارة الشعوب المناصرة لفلسطين، وإعلان النفير العام والجهوزية للجهاد المقدس ومواجهة العدوان الأمريكي البريطاني الإسرائيلي على اليمن، كما كانت الدعوة التي لا تخيب الأمل للقائد من شعبه المعطاء بالخروج المليوني الكبير، يوم الجمعة، في ساحات الاحتشاد بالعاصمة صنعاء والمحافظات الأُخرى، وهي رسالة من القائد والشعب للمعتدين مفادها هنا شعبٌ يفتخر بتاريخه وأصالته وإسلامه وارتباطه بالمنهاج الإلهي والرسالة المحمدية العظيمة، وبقيادته الحكيمة والشجاعة وفخر الأُمَّــة حتى الانتصار بإذن الله..