(وَاللهُ أَعْلَـمُ بِأعدائكُمْ)
عبدالله دعله
عندما نعودُ إلى الله خالقِنا وإلى كتابه القرآن الكريم الذي جعله هدىً للناس وبيِّناتٍ، نجد أن اللهَ هو من العليمُ الخبير الحكيم وله الاختصاصُ وحدَه دون سواه بتحديد من هو العدوّ، وهو الذي يعلمُ بأعدائنا وهو الذي يعلمُ العدوَّ الأشدَّ خطورةً على عباده؛ لأَنَّه الذي خلق وهو العليم بكل ما يجري ويجري مستقبلاً؛ كونه الخالقَ وهو بحاكميته على هذا الكون له وحدَه الحقُّ في هذا؛ لأَنَّه الملكُ وهو الخالقُ وهو أَيْـضاً الحكيم والعليم الذي يعلم السر في السماوات والأرض، وهدايته ليس وراءها لا شقاء ولا خسارة إذَا ما سار الإنسان عليها وفق إرادَة الله وهدايته ووفق ما دعا إليه.
لهذا يقول الله: (وَاللهُ أَعْلَـمُ بِأعدائكُمْ وَكَفَى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللهِ نَصِيرًا)، ولقد حدّد الله هذا العدوّ منذ أن خلق الله آدم وحذره وبين له بشكل كامل وواضح؛ لأَنَّ هدايته لا نقص فيها بل يبين على أكمل وجه من التبيين (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ).
لهذا عندما ننظر في الآيات التي حدّد الله فيها العدوّ الحقيقي لنا، بدءاً من الشيطان وانتهاءً بأولياء الشيطان من اليهود والمنافقين نجد أن أول عدو لنا هو الشيطان، ومن ثم أولياء الشيطان (أَلَـمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)، ويقول: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)، ويقول: (وَلَيَعْلَـمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيَعْلَـمَنَّ الْـمُنَافِقِينَ)، هذا نموذج فقط مما تحدث به القرآن عن هؤلاء الأعداء وإلا صفحات القرآن مليئة بالحديث عنهم؛ فعندما ننظر إلى المرحلة التي تعيشها الأُمَّــة والمعاناة التي تتضور الأُمَّــة منها لوجدت الأُمَّــة أن وراء شقائها كله سببه من حذر الله هذه الأُمَّــة منهم، وهم الشيطان وأوليائه من اليهود وأوليائهم من المنافقين.
لهذا الله حدّد العدوّ وحذرنا التحذيرات الشديدة اللهجة منهم، ولم يكتفِ سبحانه بتحديد العدوّ فقط بل وصل الأمر إلى أن كشف لنا نفسية أعدائنا وواقعهم وأساليبهم وسياساتهم، وكيف هم حتى في ميدان الصراع والمواجهة؛ لأَنَّ الله يبين على أكمل وجه من التبيين.
لذلك نحن في هذه المرحلة في مواجهة مع أعدائنا الأشد عداوةً والمتمثلون في (أمريكا وإسرائيل، وبريطانيا)، وغيرهم من طغاة هذا العصر، وقد رأينا شدة عداوتهم تتجسد فيما يرتكبونه من جرائم وحشية في قطاع غزة، وقبلها في دول ومناطق كثيرة في اليمن في العراق… إلخ، لا يتورعون عن ارتكاب أية جريمة مهما كانت بشاعتها، وهذا يثبت لنا حقيقتهم ويكشف لنا الحقد الدفين بداخلهم على هذه الأُمَّــة؛ فلو تمكّنوا لعملوا ما يعملونه في بقية الدول المسلمة؛ لأَنَّهم هكذا واقعهم، وهكذا هم ولن يتغيروا أبداً وعلينا أن نعود إلى تاريخهم الأسود والمشؤوم هم مجرمون بكل ما تعنيه الكلمة.
لكنهم في ميادين المواجهة أضعف وأوهن مما يتخيله الكثير هم ضعاف إلى درجة لا يمكن توقعها، وهذا ما أكّـد عليه القرآن الذي لا بُـدَّ أن تكون نظرتنا إلى كُـلّ الأحداث من خلاله إذَا أردنا الفلاح في الدنيا والآخرة والغلبة والنجاح على أعدائنا فالله يقول: (وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا)، هذه حقيقتهم وهذا واقعهم وما هم عليه في ميدان المواجهة وعندما نتأمل في الآية المباركة عندما قال: (ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا)، ونعود إلى الآية الأولى: (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا)، هذا يطمئن المؤمنين وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً، أُولئك لا يجدون لا ولياً ولا نصيراً، هذا يشجع المؤمنين على التحَرّك ضد هؤلاء المجرمين والمعتدون الظالمون والمستكبرين، وما أعظمها من قوة وما أعظمه من شرف أن يكون الله معك يخذل عدوك يقذف في قلوبهم الرعب.
وهذا ما وجدنا عليه أعدائنا من (الأمريكان والبريطاني والصهيوني) لقد عجزوا عن أن يسيطروا على غزة بالرغم من صغر مساحتها ووقفوا عاجزين عن إيقاف المواقف اليمنية التي نساند بها إخواننا في غزة عجزوا وقد تدخلوا حتى بشكل مباشر بضربات صاروخية من البحر وغارات جوية من السماء وقفوا عاجزين؛ لأَنَّهم أوهنُ من بيت العنكبوت وهم أضعف من أن يؤثِّروا في عزيمة هذا الشعب المؤمن الواثق بالله؛ لأَنَّه شعب مجاهد شعب يرى أن مواقفه ضرورية ودينية ومبدئية، ولا يمكن أن يتخلى عنها لو اجتمع العالَمُ ضده لما اهتزت له رايةٌ.