اليمنُ يمتلكُ أفتكَ وأشدَّ سلاحاً وسينتصر

 

يوسف الحاضري

يعرف الجميع أن عنصرَ القوة هو العنصرُ الذي يستطيع به القوي أن يفرضَ هيبته ووجوده، وَأَيْـضاً يستطيع أن يحميَ نفسه وينمي حياته ويطورها عوضاً عن أنه العنصر الذي يستطيع به أن يحتلَّ وينهب الآخرين إن كان تحَرُّكُه استعماريًّا استكباريًّا؛ لذا تلجأُ الدولُ إلى امتلاكها وتطويرها وتقويتها، وبالمقابل تسعى إلى ضمانِ عدمِ امتلاك الآخرين لها؛ كي لا يشكلوا خطورةَ عليهم وعلى تحَرّكاتهم وتوجّـهاتهم؛ فإن امتلكها أصحاب المبادئ السامية الراقية الدينية فَــإنَّهم يوجهونها لخير البشرية وبالعدل والاحترام، وإن امتلكها أصحاب المبادئ الشيطانية والنزعات الجشعة الخبيثة؛ فَــإنَّهم يوجهونها للقتل والتدمير واستعباد الشعوب وإذلالهم وقهرهم، وهذا ما هو عليه الحال منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ١٩٤٥م، وكيف استطاعت أمريكا فرضَ نفسها بعد ذلك كقوة وحيدة في الأرض، وما قامت به من جرائم بحق كُـلّ شعوب الأرض واستيلاءها على الثروات واحتلال معظم أراضي الشعوب وقراراتهم بصورتها الشيطانية الخبيثة الإجرامية، وفرضت أمراً واقعاً متطوراً ومُستمرّاً؛ لضمان إبقاء السيطرة عليهم ومنها القوة العسكرية والاقتصادية، والتي أرعبت الكثير حتى أُولئك الذين يفترض عليهم ألا يرهبوها لامتلاكهم كُـلّ مقومات القوة، التي تجعلهم يجابهونها ويكسرون مكانتها، وأعني بذلك العالم الإسلامي، والذين يمتلكون عوامل القوة المتمثل في المنهجية القرآنية والثروات الطبيعية والقوى البشرية المؤمنة والأرض الجغرافية الأهم، إلَّا أنهم أصبحوا الأكثر خضوعاً وخنوعاً وذُلًّا للأمريكان.

اليمن لم يكن خارجاً عن هذه المنظومة المستذلة والخاضعة والخانعة للأمريكان؛ فالعصا الغليظة التي كان يلوح بها الأمريكي من داخل واشنطن يجعل أكبرَ كبير في الدولة مطأطأ لرأسه لأقذر موظف في السفارة الأمريكية في صنعاء غير أن الثورة الإسلامية الدينية الأعظم في القرن الـ٢١ الذي جاء بها الشهيد القائد السيد حسين الحوثي، وذلك في يناير ٢٠٠٢م ثم تحَرّك بها أخوه السيد القائد عبدالملك الحوثي، حتى يومنا هذا، جعل من اليمن دولة عظمى بين الدول العالمية رغم أن اقتصادها ضحل جِـدًّا وأنها تعيش حالة عدوان وحصار عالمي منذ ما يقارب التسعة أعوام ورغم أن جزءًا كبيرًا من أراضيها ما زال محتلّاً حتى اللحظة، فيا ترى مَـا هو هذا السلاح الأقوى لمساندة المستضعفين والأشد فتكاً لكسر ظهر المستكبرين؟

لمعرفة هذا السلاح ما عليكم إلَّا أن تستمعوا لكل كلمات ومحاضرات قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي، ولكل كلمات رئيس اليمن المشير مهدي المشاط، ولمعظم قيادات الدولة العسكريين والمدنيين ولمعظم إعلاميهم وناشطيهم وستعرفون مكنونات هذا السلاح، ستجدونهم جميعاً لا يبتدئون كلامهم إلَّا بآيات توجيهية من القرآن الكريم، ويتخلل الكلام القرآن الكريم وما فيه من مصادر القوة والاستناد عليها من توكل واستعانة وصبر وتوجيه وفكر وغيرها، جعلوها جميعاً منطلقاتهم الأَسَاسية في بناء الدولة، خَاصَّة وأن منهجية المسيرة القرآنية هذه ليست كما يتحَرّك بها بقية المسلمين في الأرض من خلال القراءة الحرفية للقرآن كمصدر للحسنات التي يأملون بها دخولهم الجنة حتى لو كانوا في ذل وهوان دنيوي تحت أقدام الشيطان ذاته وهذا حالهم بالفعل، ولكن اليمنيين اتخذوا القرآن كموجِّهٍ وبصيرة ونور وقائد لهم في تحَرّكهم وبكل دقة وتغلغل فيه نذكر منها ما يلي:-

– الاستعانة بالله وحده والتوكل عليه والاكتفاء به حسيباً لهم في كُـلّ تحَرّكاتهم السياسية والعسكرية والاقتصادية والأمنية وبقية تفاصيل الحياة “وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا”، “وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا”.

– الإعداد العسكري وفق المتاح ولكن بكل الاستطاعة الممكنة دون الاهتمام بموازين القوى مع العدوّ، منطلقين من ثقتهم أنهم مُجَـرّد سببٍ في ذلك والله سيتكفل بما فوق المتاحِ والاستطاعة (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ)؛ فجاءت أسلحتُهم البسيطة مدمِّـرةً نفسياً للعدو قبل أن تدمّـر إمْكَانياتِهم وأجسادَهم.

– الثقة المطلقة بالله في كُـلّ تحَرّك يتحَرّكونه وفقاً لمسؤولياتهم القرآنية مهما كانت بقية التفاصيل الأُخرى المرعبة للآخرين كالتحالفات العالمية والقوى العسكرية، جاعلين هذه الثقة هي المنطلق الأول والأخير للتحَرّك، وأن الله سيهديهم لأساليب وأسباب النصر (كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) دون أن يتغلغل شك في نفوسهم بعدم تحقّق النتيجة الإيجابية في ذلك.

– تحديد العدوّ الحقيقي الرئيسي الأكبر وفقاً لمحدّدات القرآن لذلك، وعدم الضياع والتيهان في عداوة جانبية يصنعها المتغطرسون في الأرض ليغرقونا في تفاصيل عدائية جانبية؛ لذا جاء في شعارنا (الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل) وهذا ما حدّده القرآن (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ) والإعداد النفسي والحياتي وفقاً لهذا التوضيح القرآني؛ لأَنَّ بقية تفاصيل العداوات الأُخرى هي متفرعة من العدوّ الرئيسي وإن تلاشى أَو تم تقليل خطورته سيتلاشى خطورة الفروع.

– الاهتمام بالجانب الأمني الداخلي من خلال القرآن الكريم أَيْـضاً، وتحديد أهم مصادر الخطورة التي قد تؤثر عليهم وذلك من القرآن الكريم المتمثل في (المنافقين)، وكلّ تفاصيل خبثهم وعداوتهم التي سردها الله عز وجل في القرآن لدرجة أن الله قال عنهم: (هُمُ العَدُوُّ فاحْذَرْهُمْ)؛ ولأنهم يعيشون في داخلنا فتأثيرهم داخلي أي أمن داخلي.

– التوجّـه الإنساني الفطري السليم تجاه بقية أبناء المسلمين وبناء ذلك التوجّـه على (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) وَ(رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) وَ(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ)، حتى أُولئك المغرر بهم أَو التائهين عن بوصلة الحق والحقيقة أَو ضحايا التحَرّك الفكري والثقافي الأمريكي.

– الاهتمام بأوجاع وآلام المسلمين الآخرين في الأراضي المستضعفة والمحتلّة من الأمريكان والصهاينة اليهود اهتماماً وجدانيًّا مرتبطاً بالتحَرّك العملي بكل ما يمكن التحَرّك به وفيه، دون وضع أية حسابات دنيوية ومؤشرات الخطورة في التحَرّك من منطلق نصرتهم، الذي جعله الله تعالى أنه نصرٌ له هو عز وجل: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ)؛ فالنصر لا يأتي إلَّا إذَا نصرنا الله فيما يريدُه مهما بلغت مؤشرات الخطورة في هذا التحَرّك؛ لذا جاء تحَرّكنا اليوم مع فلسطين عامة وغزة خَاصَّة في إطار هذا الجانب، حَيثُ تحَرّكنا بكل ما يمكن لنا التحَرّك به دون أن نعبأ بالأمريكان والبريطانيين والأُورُوبيين وغيرهم.

وغير ذلك من الجوانب الكثيرة جِـدًّا التي جعلتنا اليوم قرآناً يمشي في الأرض، ارتقاءً للخير وتصدياً للشر وهذا هو الواقع الحقيقي الإعجازي للقرآن الكريم؛ فإعجازه ليس فقط في تركيباته اللغوية؛ فالله لن يستعرض عظمته مع من خلقهم في قدرته البلاغية وحاشا لله في ذلك، بل إنه وضع لهم منهجية عظيمة تنفعهم في كُـلّ عصور الحياة قديمها ببدائية أدواتها وحديثها بعلومها المتطورة ومستقبلاً بما يخفى عننا بما فيه.

ومن هنا يتضح لنا وبواقع عملي ودلائل ملموسة أن سلاح القرآن أشد وأفتك من السلاح النووي والذري والقنابل والصواريخ والطائرات وكلّ سلاح حديدي آخر، ولا يستطيع أن يمتلكه ويحظى به ويجعله فاعلاً إلَّا من التزم بأخلاقياته، فهو غير متاح للجميع سواءً من هو منطوٍ تحت منظومة الإسلام أَو من كان ضد هذه المنظومة، واليمن بقيادته القرآنية هم من امتلكوا هذا السلاح وفعلوه والنتائج العظيمة المبهرة التي ستجعلنا نحن المنطوين تحت هذه القيادة نعجز عن مواكبة الانتصارات والتمكين والإعجازات قبل غيرنا من الأعداء، والأيّام القادمة لناظرها قريبة، وستعلمون ما أقول لكم، والله هو المستعان؛ فهو حسبنا، نعم المولى ونعم النصير.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com