غزة واليمن كشفتا خطورةَ حالة الأُمَّــة الإسلامية ومسؤوليتها

 

منصور البكالي

من وحي ملزمة مكارم الأخلاق للشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي -عليه السلام- والحرب العدوانية الإسرائيلية الأمريكية على قطاع غزة، وموقف الشعب والقيادة اليمنية تجاهها، وتخاذل الحكومات والأنظمة العربية، نلمس وضعية وحالة الأُمَّــة العربية والإسلامية وخطورة المرحلة التي وصلت إليها، ومقدار تخليها عن مسؤولياتها الدينية والإنسانية والأخلاقية في حماية الناس وهدايتهم.

هنا يستدل الشهيد القائد بقول الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّـة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، أي لتهدوا الناس فإذا ما تخاذلتم عن أن تقوموا بهذه المهمة فَــإنَّكم، ماذا؟ فَــإنَّكم شركاء في أوزار الناس، كُـلّ الناس؛ أي أن الدول والحكومات العربية والإسلامية وشعوبها مشاركة في أوزار أمريكا وإسرائيل وما ترتكبه من جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري الحاصل، في فلسطين، وهذه خطورة كبيرة وصل إليها العرب أكثر من غيرهم فعلاً؛ لأَنَّ الله حملهم المسؤولية الجهادية والقتالية والإيمانية، وشرفهم بنشر وتبليغ الرسالة السماوية، وإرساء قيم العدل والقسط والهداية لبني البشر.

ولمن يرضى لنفسه أن يكون له خط معين، دبلوماسيًّا كان أَو سياسيًّا أَو عسكريًّا في الدفاع عن إخواننا في فلسطين؛ فيذكره الشهيد القائد قبل 25 عامًا من هذه الأحداث أنه لا يتجاوز، وهو ممن يرضى لنفسه بأن يظل تحت، وأن يظل دون ما ينبغي أن يكون عليه أولياء الله، وأن دوركم محدود ولا يرتقي إلى مستوى أن تكونوا من جنود الله.

وعن الموقف اليمني يقول الشهيد القائد وكأنه حاضر بيننا جندي وهو ينطلق في سبيل الله سترى كم ستواجهك من دعايات تثير الريب، تثير الشك، في الطريق الذي أنت تسير عليه، تشوه منهاجك وحركتك أمام الآخرين، دعايات، كثيرة، تضليل كثير ومتنوع ومتعدد، وسائل مختلفة ما بين ترغيب وترهيب، وهذا هو الموقف اليمني اليوم والتعامل معه من قبل المنافقين والمثبطين.

لكنه يقدم معالجة هذا المشكل بقوله -عليه السلام-: الجندي المسلح بالإيمان إذَا لم يكن إلى درجة أن تتبخر كُـلّ تلك الدعايات وكلّ ذلك التضليل -سواء إذَا ما وُجّه إليه أَو وُجّه إلى من هم في طريقه، لمن هم ميدان عمله- يستطيع أَيْـضاً أن يجعلها كلها لا شيء؛ لأَنَّ هذا هو الواقع، واقع الحق، إذَا ما وجد من يستطيع أن ينطق به، إذَا ما وجد من يفهمه، وفي نفس الوقت يجد آذاناً مفتحة وواعية؛ فَــإنَّه وحده الكفيل بإزهاق الباطل بمختلف أنواعه، ومن أية جهة كان، ومن أي مصدر كان {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً}، زهوق بطبيعته إذَا ما هاجمه الحق، لكن ذلك الحق الذي يقدم بصورته الكاملة، ذلك الحق الذي يقدم بجاذبيته، بجماله، بكماله، بفاعليته وأثره في الحياة هو من يزهق الباطل، لو قُدم الحق في هذه الدنيا لما عاش الضلال ولما عشعش في أوساط هذه الأُمَّــة، ولما أوصلها إلى ما وصلت إليه من حالتها المتدنية.

ومن يتأمل في العمليات البحرية اليمنية على السفن الإسرائيلية والذاهبة إلى موانئ فلسطين المحتلّة والعمليات المستهدفة للسفن البريطانية والأمريكية وقواعد واشنطن في العراق وسوريا، تجد قوله تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً}؟! يتعزز ويتحقّق في الواقع العسكري والعملي لماذا؟؛ لأَنَّ الباطل لا يستطيع أن يقف إذَا ما قُدمَ الحق.

وبالعودة إلى حالة الأُمَّــة نجدها بعيدة عن كمال الإيمان الذي هو شرط أَسَاسي لقدرة تقديم الحق أمام الباطل، وفي نفس الوقت نجد الموقف اليمني يحتوي هذا الكمال وينطبق عليه، وتترجمه زهوق أمريكا وبريطانيا وتحالفاتها العدوانية على اليمن منذ الحروب الأولى على محافظة صعدة وما لحقها من عدوان وحصار لـ9 أعوام، وما يتعرض له الشعب اليمني من عدوان بريطاني أمريكي باطل مصيره الزهوق والهزيمة والخسران.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com