محكمةُ العدل الدولية “محكمة تعسف صهيونية”
فاطمة عبدالملك إسحاق
منذ أن تأسست محكمة العدل الدولية عام 1945م بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية مباشرةً؛ لتكون الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة لتتولى تطبيق أحكام الفصل في النزاعات القانونية التي تنشأ بين الدول، نلاحظ أنها تحاول أن تقيد كُـلّ مقاومة عربية أَو إسلامية أَو غيرها فقط، فلو دققنا في التعريفات لهذه المحكمة في ظل العدوان الأخير القائم في فلسطين سنجد أنها تولت الدفاع عن إسرائيل ووفرت الحماية للصهاينة ولم تتحمل مسؤوليتها الدولية وواجبها أمام الدول التي تتعرض للاعتداءات، وذلك من خلال عدم إصدار أحكام قد توقف الإبادة الجماعية والجرائم المروعة لأبناء فلسطين، ولم تشرعن دفاع حماس الشرعي غير الاستباقي، وإنما نتج عن انتهاكات لما يقارب 80 عاماً من قتل واغتصاب أرض وتدمير واستخدام كُـلّ أنواع الأسلحة بشكل تدريجي، في ظل عمل اللوبي الصهيوني على صرف أنظار الأمم والشعوب عن تلك الجرائم التي لا تنتهِي؛ لأَنَّه تم طمس قضايا جرائم إسرائيل وتبريرها بالدفاع عن النفس.
ما نشاهده اليوم هي محكمة تعسف صهيونية ولا يمكن أن ينتمي العدل إليها، لديها قوانين غير مستقرة أَو ثابتة تتغير مع أوضاع الصهاينة بما يخدمهم ويبرئهم ويشرع لهم الاستمرار في القتل والتدمير واغتصاب الأراضي العربية، هناك انسجام ما بين أعمال اللوبي الصهيوني في الدول العربية والإسلامية وكذلك الغربية بصرف الأنظار عن مظلومية الشعب الفلسطيني واليمني، وبين تباطؤ المحاكم الدولية والجنائية التابعة للأمم المتحدة في إصدار أحكام لصالح الدول المُعتدى عليها، وكذلك عدم تطبيق القوانين الدولية على أرض الواقع في فلسطين.
فلو حاولنا أن نبحث عن مواد الدفاع عن النفس في القوانين الدولية سنجد مادة في القانون الدولي العام المادة (51) تتحدث عن الدفاع الاستباقي وتنص على أن: “هنالك مبدأً موازيًا للدفاع الشرعي يخول الدولة الدفاع عن نفسها دون انتظار هجوم فعلي بل لدرَ خطر وشيك أَو محتمل الوقوع”.
هذا المبدأ والقانون يعملون به في حالات محدّدة فقط، ولا يمكن أن يتم تطبيقه في الدول العربية بل يتم تجريمها ونعتها بالإرهاب، فاليوم وقبل اليوم إسرائيل تتظاهر أمام العالم بإنها تدافع عن نفسها في محاولات لخداع العالم كما تفعل دائماً، بتلك القوانين المتأرجحة مع أهوائها، والتي وضعتها مسبقًا لخدمتها وليس لفصل نزاعات دولية أَو لحماية أرض أَو بشر.
إذا كانت القوانين الدولية، لم تحدّد مفهومًا ضيقًا للعدوان المسلح؛ فالهدف من ذلك هو الخلط بين الاعتداء والدفاع الشرعي، تعدد المفاهيم المختلفة وغير المتطابقة للدفاع الشرعي وغير الثابتة، لن ينصف الشعوب المتضررة والمُعتدى عليها والمُقاومة للاعتداءات؛ فذلك يعطي المجال لإسرائيل وكلّ الدول الاستعمارية بالاستمرار في الاستبداد والإجرام، وذلك تجسد في الاعتداء على المحافظات اليمنية.
فلو جئنا بكل القوانين الدولية، لنطابقها مع ما تقوم به إسرائيل؛ لوجدناها خالفتها وهمشتها، برغم أنها قوانين وضعية، كان لها الدور البارز في وضعها لتتناسب مع أفعالها؛ لكي لا يتم ملاحقتُها أَو محاسبتها ولتستعمر الدول كيفما تريد، ومع كُـلّ ذلك فقد اخترقتها، كما فعلت مع القوانين الإلهية الثابتة، فهي اليوم متخبطة، ترى أمام ناظريها تمكين الله ونصره للمؤمنين، فلا محاكم دولية وجنائية قد نعتمد عليها، فنحن نعتمد على محكمة الله التي لا علو عليها، ولا عدل كعدالة الله في أرضه لمن تمسك بحبله ونصره.