إذا أعددتَها…!
بتول عبدالله الحوثي
حكمة عظيمة لم تتحقّق وتتجلى إلا في بلاد الإيمان والحكمة؛ هو شعب يدرك كما يدرك ويحفظ ويتغنى الكثير من أبناء الوطن العربي أن الأم مدرسة وباستطاعتها إعداد شعب طيب الأعراق.
لكن ما تميز به اليمن أنه يعي أنها لن تكون كذلك إلا إذَا وفقط إذَا “أعددتَها”؛ فسعت قيادتُنا القرآنية إلى توجيهِها دينياً وثقافيًّا واجتماعياً وتربوياً من خلال ربطها بشخصيات عظيمة وقدوات ربانية كأمثال السيدة خديجة -عليها السلام- قرينة جهاد رسول الله ودافعه الأول وأحد مرتكزات انتصار الدين الإسلامي، وفاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين صاحبة المناقب زوج أشجع طاعن وضارب، والسيدة زينب فصيحة اللسان، عظيمة البيان، قُدوة للصبر في كُـلّ ميدان.
ولم يألُ جُهدًا في إعدادها سياسيًّا فصارت تعتمدُ على تحليلها للوقائع وفقَ قاعدة (عينٌ على القرآن وعينٌ على الأحداث)، واقتصاديًّا وعمليًّا وفنيًّا، فسعت للاكتفاء الذاتي بكل وعي وإقدام فهي المبادرة الأولى للإنتاج المحلي والتصنيع الغذائي، وهي التي نسجت من خيوط المعاناة ثوباً تستتَّــرُ به عن تكفُّفِ أصحاب المليارات، وانتظار فُتات المنظمات فلم ترَها يوماً تناشدُ حقوقَ إنسان أَو مصرِفًا حتى ظنها الجاهِلُ غنيةً من التعفف.
هذه المرأة تتغذَّى على الإيمان والشهامة وترضع أبناءها العزة والكرامة، فأخلاق اليمنيين لم تكن بيئة تربوا عليها فقط بل لبناً شربوه عن أُمهاتهم وَغذاءً روحياً نبتت منه أجسامهم وعُرفاً اعتادت عليه أجيالهم.
لقد أُعِدت هذه الأم إعداداً قرآنياً حتى أصبح لسان حالها يقول: “رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحرّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أنت السَّمِيعُ الْعَلِيمُ”، ولم يشهد التاريخ خزياً لهذه المرأة قط؛ فحتى الجاهلة منهن تعي وتدرك: ﴿إِنَّ الْـمُلُوكَ إذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً﴾.
وفعلاً صنعت شعباً طيِّبَ الأعراق تشرئِبُّ له الأعناق، وتشخَصُ من عظمته أعينُ الناظرين، وتتطلَّعُ إليه أفئدةُ المؤمنين، حتى صار مثلاً أعلى لكل الأحرار، ونموذجاً عمليًّا لتطبيق دين الله، وأملاً في قلوب المستضعفين، وغصةً في حلوق الكافرين.
فعندما تخاذل العرب عن نصرة قضيتهم الأَسَاسية استبدلهم الله… “بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْـمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ”.
فصاروا رقماً مهماً يحسب له الأمريكي ألف حساب ويصنفه ضمن قائمة الإرهاب، وما المرأة إلا جزء من: “مَا اسْتَطَعْتُمْ”، من مبدأ الإعداد الذي “تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ”.
فحريٌّ بنا الآن أن نقول: وراء كُـلّ شعب عظيم “امرأة”.