أمريكا يطويها التيار
فاطمة محمد بن محمد
هل اليمنُ قادرٌ على مواجهة أمريكا؟! وهل هو قادر على هزيمة أمريكا و”إسرائيل”؟! وهل؟ وهل…؟!
عشرات من هذه الأسئلة نسمعها ونقرأها كُـلّ يوم بل وكلّ ساعة، وهي في مجملها: إما صادرة عن جبناء رعاديد، أَو منافقين نافخين في بوق التثبيط والإحباط، أَو عن حاسدين حاقدين هالهم أن يرَوا اليمنَ في أوج عزه ومجده وفخره.
أما نحن -الواقفين على خطوط النار وفي خنادق المواجهة، والمؤمنين بالله ورسوله وأوليائه، والمتسلحين بكتاب الله، والممتلكين وعي وبصيرة تاريخ وجغرافيا اليمن، السالكين طريق الحق مهما قلّ سالكوه- فنقول: نعم وألف نعم، والدليل: انظروا إلى ردود أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني ومن تحالف معهم، وكذلك أدواتهم في المنطقة لتدركوا حجم الرعب الذي يعيشونه، وحجم ما ألحقه اليمن بهم من هزيمة وذل وهوان..
ومن لا زال ينتظر اعترافهم بذلك فهو إما جاهل أَو أعمى البصر والبصيرة.. يا هؤلاء نحن نعلم والعالم كله يعلم أن الكيان الصهيوني هُزم يوم السابع من أُكتوبر ٢٠٢٣م وأن أمريكا هُزمت هزيمةً منكرةً عشية ما دكَّت عشراتُ الطائرات المسيَّرة والصواريخ البالستية والمجنَّحة ميناء أم الرشراش (إيلات) ثم طواها تيارُ بحرنا مع غرق أولى مدمّـراتها، وذاك لَعَمْرِي هو الإعلانُ عن اقتلاعها من أرضنا العربية ومن الشرق كله، تماماً كما طوت بحارنا حليفتها الشمطاء من ستة عقود.
أتذكر ما كتبناه في اللحظات الأولى للعدوان على بلادنا قبل تسعة أعوام “أن يمنًا جديدًا وعملاقًا يولد هذه اللحظات” وما كان هذا القول رجماً بالغيب ولا رفع معنويات، وإنما كان قولاً منبعُه حكمةُ أن تقرأ جيِّدًا تاريخ اليمن مع الغزاة والمعتدين منذ فجر التاريخ؛ وما التاريخ إلَّا اليمن وسواه الحواشي، حَيثُ شكّل الغزوُ الأجنبي دوماً تحدياً وطنياً وقومياً ودينياً وإنسانياً لليمن، حتى إذَا ما انتصر الغازي واحتل الأرضَ أَو جزءًا منها، فَــإنَّ ذلك يكون بمثابة طوفان في وعي اليمني لا يهدأ ولا يقبل بغير الانتصار وإنجاز التحرّر، وتلك سنة الله في خلقه اختص بها هذا الشعب.
لقد ظل اليمن على امتداد تاريخه البلد الذي لا يدفن رأسَه في الرمال أمام كُـلّ محنة تمر بها أمتُه أَو بلد من بلدانها، ذلك أنه حمل المسؤولية التي أوكلها إليه الله بحمل رسالته الدينية ومواصلة دوره الحضاري؛ دفاعاً عن أمته وحماية هُــوِيَّتها وعقيدتها ووجودها برمته منذ فجر التاريخ، فمن غيرُ اليمن شكّل سوراً منيعاً لحماية أمته وامتدادها الحضاري شرقاً وغرباً؟!
ومن غيرُ اليمن تحطَّمت عند أقدامه مشاريعُ الإمبراطوريات منذ الإغريق والفرس والرومان والأحباش، مُرورًا بالصليبيين والأعاجم، حتى قدوم الموجات الاستعمارية الحديثة من برتغال وأتراك وهولنديين وفرنسيينَ، وانتهاءً بإنجلترا، وللحاقدين والجاهلين معاً: ما هزيمة تحالف العدوان على مدى تسع سنوات ببعيد، فلِــمَ العجب؟!
ذلك هو تفرد اليمن حينما تكون الأُمَّــة مريضة ومبتلاة بحكامٍ خانعين عملاء وخونة، ليس؛ لأَنَّه أصل العروبة وحامي الدين فحسب؛ وإنما لأَنَّ تلك مسؤولية إلهية هي أقرب إلى التكليف منها إلى التشريف، إن لم كن كلَيهما معاً.
إن من يرى نهايةَ أمريكا وغربها وصهاينتها وأدواتها في منطقتنا وهماً فهو ممن “تعظُمُ في عينِ الصغير صغارُها” أما نحن فنرى ذلك قد حدث؛ لأَنَّنا ننتمي إلى شعبٍ وقيادة “تصغر في عين العظيم العظائم”.
وبكل إيمَـانٍ وحمدٍ وشكرٍ نستطيع القول: لقد سطَّرت صواريخنا ومسيَّراتنا وأبطالُ بحريتنا هذا النصر التاريخي ومن المسافة صفر وخلال سبعين ثانيةً، لم تمتلك أمامها أمريكا وشياطينها إلَّا الاعترافَ “لن نستطيع مواجهة أَو إسقاط الصواريخ اليمنية؛ لأَنَّها تباغت قواتنا خلال سبعين ثانية وهي الأسرع عالمياً”، هكذا صرَّحَ قائدُ الأسطول الأمريكي الخامس.
وكفى، “يعز من يشاء، ويذل من يشاء”، “واللهُ غالبٌ على أمره”.