ذكرى وشاهد: المشروعُ القرآني والمؤسِّسُ القائد

 

هنادي محمّد

  • تطلُّ علينا في السادس والعشرين من شهرِ رجبٍ الأصب الجاري ذكرى أليمةٌ وفاجعةٌ كبيرةٌ لقلب كُـلِّ مؤمنٍ ثائرٍ حر، رَكِبَ سفينةَ المشروع القرآني الإيماني التنويري ولم يزل حتى لحظتهِ مستمسِكًا معتصمًا متعلِّقًا بشِراعه الذي يمتَدُّ ويتوسّعُ كُـلَّ يومٍ أكثرَ فأكثرَ، ألا وهي ذكرى استشهاد القائد العَلم المؤسّس، السيد الربّاني/ حسين بدر الدين الحوثي “رضوان الله تعالى عليه”.

في هذه الذكرى، لن أَسرُدَ على حضراتكم سادتي القرّاء الكرام ما واجهه الشهيدُ القائدُ حين أطلق مشروعَه النهضوي من صعوباتٍ ومواجهاتٍ امتدت لسِتِّ حروبٍ باغيةٍ وظالمةٍ من قِبل النظام الحاكم آنذاك، برئاسة علي عبدالله صالح.

ولن أُحَدِّثَكم عن صبرِ وإيمان وجَلَدِ هذا الرجل القرآني الذي كان بحقٍّ حليفًا للقرآن وقرينًا له، واستطاع كسرَ عصا أمريكا قبل أكثرَ من عقدَين من الزمن، وهو من أطلق عليها اسمَ “قشّة”.

ولن أُحَدِّثَكم عن قدرتِه في القيادة في كافة الأصعدة، لا سِـيَّـما في الجانبَيْنِ: العسكري والأمني، وعن حكمته العميقة ونظرته الثاقبة للأحداث؛ حَيثُ ارتكزت دروسُه التي كان يقدِّمُها للأُمَّـة تحت مسمى: “دروس من هدي القرآن الكريم” على مبدأٍ مُهِمٍّ جِـدًّا هو: “عينٌ على القرآن وعينٌ على الأحداث”، فنطق بمنطق القرآن وواقعية الحدث حتى أسقط كُـلَّ الحُجج وقدّم كُـلّ البراهين القاطعة.

ولن أشير في حديثي إلى صفاتِه ومناقبِه وسيرته الناصعة وتاريخه العظيم، وحجم روح المسؤولية التي كانت تحمِلُ روحه الزاكية قبل أن يحملَها على عاتقَيْه.

كما لن أخوضَ في مقالتي المتواضعة أمامَ هامة أبي عَلَيٍّ العالية المقام بالتأكيد على حساسية المرحلة التي تحَرّك فيها وَخطورة المؤامرات التي كانت تدار رحاها على رأس الأُمَّــة الإسلامية العربية؛ بهَدفِ فصلِهم عن كتاب الله وطمس هُــوِيَّتهم الإيمانية؛ فكان توقيتُ بزوغ نور المشروع القرآني بمثابة شمعة أحرقت كُـلَّ أوراق مخطّطاتهم الجُهنمية.

لمعرفة كُـلّ ما سبق، يكفي أن ننظُرَ إلى وجه سماحة السيد القائد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي -يحفظُه الله ويرعاه- وسنرى إباء وشموخِ وعنفوان وحنكة وحكمة وإيمان أخيه الشهيد المؤسِّس، الذي كان أحدَ طلّابه الذين تتلمذوا على يدَيْه؛ فكان خليفتَه ووصيَّه من بعده -باختيار إلهي- وواصل قيادةَ سفينة المسيرة المباركة.

وليعرف العالَمُ منطلقاتِ مشروع الشهيد القائد -رضوان الله عليه- أنه كان نابعًا من إيمانه بمسؤوليته تُجاه الأُمَّــة واستنقاذًا لها مما تعيشه من تيه وضلال وضياع؛ وسعيًا منه لنيل رضا الله؛ عليه أن يصوّبَ بصيرتَه قبل بصره نحو القائد اليماني وما يفعلُه في سبيل مناصرته للقضية الفلسطينية ودفاعه عن المستضعفين المحاربين ظلمًا وعدوانًا دون أن يأبهَ أَو يلتفت لكل تهديد ووعيد قوى الاستكبار العالمي، في مقدمتهم اللوبي الصهيوني، بل إنه يزدادُ إصرارًا وثباتًا على موقفهِ الحق؛ وسيجد أنموذجًا حيًّا لما كان عليه الشهيد المؤسِّس مع اختلاف أُطُرِ الحرب وأطرافِها فقط.

ولمن أراد أن يدركَ حجمَ الجاذبية التي يتمتع بها المشروع القرآني الذي لَقِيَ قابليةً كبيرةً لدى الكثير في ذلك الوقت، ليرى ردودَ أفعال ومواقف الأحرار في العالم حَـاليًّا، في الخارج قبل الداخل، وفي العالمَينِ العربي والغربي، خَاصَّةً بعد انخراط شعبِ وقيادة اليمن ضمن معركة “طُـوفان الأقصى” وتدشينه لمعركة (الفتح الموعود والجهاد المقدس) سيشهد التفافًا غير مسبوقٍ حول المشروع القرآني وقيادته يدُلُّ بما لا يدع مجالًا للشك أنه مشروعُ حقٍّ ونور، دستورُهُ ومنهجيته ومنهاجه قرآني بحت، من وصله بنقائه دون رَشِّ شوائب ومغالطات، وبموضوعيةٍ تامّة لا بد أن يركبَ سفينتَه باحثًا عن النجاة والفلاح والعزِّ والكرامة والفوز في الدنيا والآخرة.

فسلامُ الله ورحماتُهُ وأزكى بركاته على روح الشهيد القائد المؤسِّس، السلامُ عليك أيها البَرُّ التقي، وعلى نهجِك الواضِحِ السوي، السلامُ عليك يا سيِّدَ شهداء المسيرة القرآنية، وعلى دمائك الطاهرة الزكية التي أنرت بها دربَ العزة والحرية، والعاقبةُ للمتّقين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com